لدى الفيلسوف روجر بيكون علاجين متميزين للمسلمات والتفردات والتي تضمنت أعماله المبكرة عام 1240، ولاحقًا في الطبيعة المشتركة (Communia naturalium) من الستينيات والسبعينيات للقرن الثالث عشر.
فلسفة بيكون في المسلمات والتفرد:
في الأعمال التي تعود إلى أربعينيات القرن التاسع عشر يميّز بيكون الحقيقية العالمية عن العقلية العالمية، ومن ثم فإنّ العالمي باعتباره الأساس النهائي للتنبؤ ليس النوع كنية عقلية، والكليات بالمعنى الأساسي كأساس للموضوعية العلمية هي خارج العقلية، وعرض بيكون لهذه القضية معقد، ومن المؤكد أنّه ليس أفلاطونيًا كاملاً فيما يتعلق بالمسلمات أو العالمية.
فعلى الاعتراض القائل بأنّه بما أنّ الشكل يتم تفرده من خلال مادته، وكل ما هو موجود في الأشياء يجب أن يكون موجودًا في المادة على أنّها فردية، لكن العام ليس شيئًا من هذا القبيل، فيجيب أنّ الكوني إما في العقل أو في الأشياء، فإذا لم يكن في السابق فيجب أن يكون في الأخير.
ينشأ الكوني من المادة المشتركة والشكل المشترك وبالتالي لا يحتاج إلى التفرد الفوري، ولأنّ المادة المشتركة والشكل المشترك موجودان جنبًا إلى جنب مع المادة والشكل المناسبين للأفراد، فإنّ العام موجود بهذه الطريقة في المفردات، ومن ثم لا يمكن فصل المسألة المشتركة عن المسألة المعينة أو الشكل المشترك عن الشكل المعين لفرد معين.
في أحد الأسئلة يرفض بيكون الرأي القائل بأنّ المسلمات تتكون فقط من العقل، فهو يرى أنّ العام في حد ذاته يسبق عملية المعرفة، وهذا يتبع لأنّ العام ليس سوى طبيعة تتفق فيها المفردات من نفس (الطبيعة)، ولكن التفاصيل تتفق بهذه الطريقة في طبيعة مشتركة يمكن التنبؤ بها دون أي فعل للعقل، وهذا يبدو أفلاطونيًا لكن في الواقع بالنسبة لبيكون لا توجد مسلمات أفلاطونية في عالم منفصل، وبالأحرى الكليات الحقيقية موجودة ولكنها توجد فقط في الأشياء الفردية ومعها.
هناك تداخل متبادل بين الشكل المشترك والمادة والشكل المناسب والمادة بحيث يكون هناك فرد واحد فقط، وبالتالي تتحقق الطبيعة المشتركة في هذا الفرد أو ذاك، حيث أنّ إجابة بيكون لإمكانية وجود كوني موجود بصيغة المفرد كانت بأنّ هناك ثلاثة أنواع فقط من الوجود يمكن تخيلها كالتالي:
1- الوجود في حد ذاته.
2- الوجود في العقل.
3- الوجود في الأشياء.
بالنسبة إلى بيكون هناك نوعان من المحدد، فالمحدد هنا والآن المحدد والخاص غير المحدد، ويعالج بيكون مشكلة التفرد في كل من المحاضرات الباريسية المبكرة وفي وقت لاحق الطبيعة المشتركة، وقد أدى ذلك إلى ظهور قضية واقعية بيكون أو نظريته الاسمية.
بيكون بين الواقعية والاسمية:
برزت قضية رئيسية في أعمال بيكون المبكرة، حتى لو تخلى عنها كونه أفلاطونيًا فيما يتعلق بالعالم، ولكن من الواضح أنّه واقعي خارجي قوي، حيث استمرت هذه الواقعية في عمله طبيعية المشتركة ولكن مع بعض المؤهلات الهامة، فلقد فهم بيكون هذه الرواية الجدلية لمناقشة أرسطو في ستينيات القرن التاسع عشر كعامل مساعد في دراسة اللاهوت.
والآن من الواضح أنّه بالنسبة لبيكون في نية الطبيعة وتنفيذها يكون للفرد أولوية وجودية محددة على الأجناس والأنواع، وتصبح روايته هجومًا على المواقف المعاصرة المتأثرة بالقديس ألبرتوس ماغنوس (Albertus Magnus) التي من شأنها إخضاع الفرد للعالمية، فالأنواع والأجناس موجودة من أجل إنتاج الفرد، حتى أرسطو يبدو أنّه يناقض نفسه، ويجد بيكون الإجابة الصحيحة في ميتافيزيقاابن سينا بأنّ هناك نوعان من الطبيعة وهي العامة والخاصة، ويعلّمهما ابن سينا في الكتاب السادس من كتابه الميتافيزيقي.
ويضيف بيكون بأنّ الطبيعة العالمية هي القوة الحاكمة للكون وتنتشر بين مواد السماء وفي جميع أجسام العالم، وإنّه ذلك الذي تتفق فيه جميع الهيئات ويتم من خلاله الحفاظ على الجميع عند مستوى عام معين من الكمال والرفاهية، وهذه الطبيعة الكونية هي الطبيعة المادية التي تم تحديدها في الجنس الثاني وهو الجسد، وهذه الطبيعة تستثني كل الأشياء غير المتوافقة والمقيتة للكون بأسره مثل الفراغ.
أنواع الطبيعة لدى بيكون:
يُرى بعد ذلك أنّ بيكون يفهم ويميّز بين الطبيعة:
1- الطبيعة العالمية: على أنّها تشرف على عالم من الطبيعة الفردية المتميزة مثل أنّ الفعل الجسدي متجاور وأنّ الفراغ مستبعد.
2- الطبيعة الخاصة: هي القوة الموجهة للأنواع بأفرادها، وهي قابلة للتقسيم إلى القوة التوجيهية للنوع والفرد.
مثال الذي يقدمه هو من علم الأجنة، حيث هناك القوة الموجهة للأنواع التي تنوي إنتاج الإنسان بشكل عام وتنوي إنتاج الفرد عن طريق الخطأ، وهناك القوة الموجهة للفرد والتي تهدف إلى تحديد الفرد البشري على هذا النحو والبشرية بشكل عام، وعلى حد تعبيره: “العام يسبق الخاص في كل من عمل الطبيعة وتنفيذها ولكنه متأخر في النية”.
يميّز بيكون الطبيعة المطلقة للفرد كشيء مطلق، أي ما يشكله ويدخل في جوهره، وهذه الطبيعة المطلقة للفرد أكثر أهمية من الناحية الوجودية من تلك التي يكون لدى فرد ما اتفاق مع آخر، ويعرف بيكون أنّه يدافع عن موقف يتعارض مع الرأي السائد بأنّه: “بما أنّ كل الرعاع في باريس يتخذون موقفًا مخالفًا، فذلك بسبب بعض السلطات، ويجب تقديم آراء هذه الأخيرة”.
نقد فلسفة بيكون في الطبيعة:
أدى هذا الحساب إلى ظهور تفسيرات متعارضة، حيث رأى ثيودور كرولي (Theodore Crowley) في عام 1950 بأنّ البدايات الاسمية المتأخرة في العصور الوسطى والتي ستجد تعبيرها في ويليام أوكهام (William of Ockham).
بينما طعن أستاذ الفلسفة توماس مالوني (Thomas S. Maloney) في عام 1985 في هذه القراءة، وجادل بأنّ روجر بيكون اللاحق مثل بيكون السابق ولم يكن اسميًا ولكنه واقعي متطرف، وفي الآونة الأخيرة جادلت كيارا كريسياني (Chiara Chrisciani) بأنّ بيكون بالفعل اسميًا في عام 1964.
كما رأت كاميل بيروب (camile berube) أنّ بيكون هو منشئ العقيدة الفرنسيسكانية للإدراك الفكري المباشر للفرد، كما أشارت إلى العلاقة بين بيكون وويليام أوكهام على الرغم من أنّ مسار التأثير كان طويلًا ومعقدًا، كما أشارت بشكل صحيح إلى أنّه بالنسبة لبيكون لدينا تصور وإدراك للأوساط العامة، ويختلف تمامًا عن معاصريه.
بعد كاثرين تاشو (K. Tachau) وييل ريزمان كيدار (Y. Raizman-Kedar)، تجادل كريسياني بأنّ المسلمات متضمنة ماديًا في العقل، وفي دراسة حديثة دُرست أنّه كان الأتفاق مع هذا الموقف فيما يتعلق بالعقل المادي، ولكن يبدو إنّه بحاجة إلى تأهيل، وربما ينبغي أن يتم الإيمان بأنّ هناك عناصر من الواقعية المتطرفة والنزعة الاسمية الأولية في هذا الحساب في الطبيعية المشتركة (Communia naturalium).
في مقالته الهامة عن التفرد في القرن الرابع عشر جادل خورخي غراسيا (Jorge J.E. Gracia) في عام 1991 برؤية هذا النص وغيره كبداية للتقليد الصارم للاسمية المتأخرة في العصور الوسطى.