يظن الكثير من الأشخاص أن التعليم ربما يتوقف عند مرحلة من مراحل العمر، أو من خلال مرحلة مر فيها الشخص وحصل فيها على الكثير من الخبرات التي قامت باكتفائه عن البحث في طلب العلم ضمن عمر محدد، حيث أنه قام بالمرور في الكثير من المراحل التي اكسبته العديد من الخبرات، فأوصلته إلى حد معين من التعليم حتى اكتفى به، أو وصل إلى إنهاء المراحل الجامعية العليا، مما جعله يظن بأنه قد وصل إلى أعلى مراحل التعليم فاكتفى بها، حيث أنه يقوم من خلال ذلك برفض التقليل والإنقاص من شأن تلك الشهادة التي حصل عليها، وعلى الرغم من أن تصرفه يُعتبر تصرفاً جاهلاً إلا أنه يُعد متعلماً أكاديمياً.
أصل مثل “تعلم الكتابة ولو بعد الستين”:
يعود أصل المثل إلى دولة اليابان، حيث يُعد الشعب الياباني من أكثر الشعوب ذكاءً وبراعةً، فهم دائمين البحث عن العلم ويسيرون دائماً في مجال التعليم، فخرج الشعب الياباني بهذا المثل وتناول من خلاله موضوع أهمية التعليم بالنسبة إلى الأفراد والمجتمع، بغض النظر عن الفئة العمرية التي يكون الشخص فيها.
حيث أن قضية التعليم هي من القضايا التي تناقش على مستوى العالم، وهذا السبب خلف قيام الدول الأوروبية في أخذ المثل الياباني وترجمته إلى اللغة الإنجليزية العالمية؛ من أجل أن تتمكن جميع الدول الأوروبية من الأخذ بالمثل وتداوله وأخذ النصيحة منه، وكما قام الحكماء والفلاسفة العرب بأخذ المثل وترجمته إلى اللغة العربية وتداوله في كافة الدول العربية، لما يتناوله المثل من قضية مشتركة عالمياً.
مضمون مثل “تعلم الكتابة ولو بعد الستين”:
فسر الحكماء والفلاسفة المقصود من المثل الياباني هو أن التعليم الأكاديمي الذي يمر به الأشخاص في المراحل الدراسية هو أصعب بكثير من مراحل التعليم التي نمر بها من خلال الحياة اليومية، لكن من خلال الخبرات العملية والعلمية التي نمر بها في إحدى المراحل العمرية سوف نتمكن من اجتياز تلك المرحلة الأكاديمية من خلال اختبار، فإن لم نجتازه لنا الحق في إعادته إلى الحد مسموح به وهو ثلاثة مرات فقط.
على العكس تماماً من التعليم الذي نمر به على مدى الحياة، بحيث يسمح للشخص بأن يخطئ في مرات متعددة، إلا أن يتعلم من أخطاءه الشخصية، مما يجعله يزيد من اكتسابه في الخبرات حتى يصل إلى مستوى يمكنه من اجتياز الامتحان النهائي بامتياز، ونعود بذلك إلى قصة الفيلسوف والعالم المشهور (أرسطو)، حيث بدأ التفكر والبحث بعد إنهاء حياة الزوجية، أي أنه في مرحلة متأخرة من العمر، حتى أصبح من أشهر الفلاسفة في العالم، وعندما يصل الشخص إلى حالة الاكتفاء من الطريقين التي سلكهما في العلم فلن يكون أيضاً متأهلاً، حتى يدرك أنه اكتفى من العلم بنفسه، فطريق العلم ليس لها عمر محدد تبدأ منه وليس لها نهاية، ومما يؤكد على المثل الياباني ظهور المرادف له في قول الله سبحانه وتعالى: (وقل ربي زدني علماً).