تفسير سورة الصافات

اقرأ في هذا المقال


قال تعالى: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (٣) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (٥) إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (٦) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (٧)) صدق الله العظيم.

مناسبة التسمية:

لأنّ الله سبحانه وتعالى بدأ القسم بالصافات في بداية ومطلع السورة، والصافات: جند من جنود الله من الملائكة.

موافقة أول السورة لآخرها:

بدأت الاسورة بالقسم بجند من جنود الله من الملائكة قال تعالى: ﴿وَالصَّافَّاتِ صَفًّا. فَالزَّاجِراتِ زَجْراً. فَالتَّالِياتِ ذِكْراً﴾ صدق الله العظيم، وختمت بإعزاز أولياء الرحمن بطاعته وولايته لهم، قال تعالى: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) صدق الله تعالى.

المحور الرئيسي للسورة:

عزَّة أولياء الله تعالى، وذلة وصغر أعداء الله تعالى.

مواضيع السورة المباركة:

  • مكانة أولياء الله تبارك وتعالى، وقد أقسم الله بهم قال تعالى: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3)) صدق الله العظيم، قال علماء التفسير:  الواو للقسم، والمقسم به الملائكة، والمراد بالصافات التي تصف في السماء من الملائكة كصفوف الخلق في الدنيا.
  • أسباب هلاك الكافرين قال تعالى: ﴿وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٥) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (١٦) أَوَآبَاؤُنَا الأوَّلُونَ (١٧) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (١٨) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩) ﴾ صدق الله العظيم.
  • عرض بعض صورة نصرة الله لأوليائه ورسله وأتباعهم قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (٧٧) ﴾ صدق الله العظيم.
  • وعد الله الأزلي لعبيد وأحبابه بالنصر، قال تعالى (والتأييد وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣) ﴾ صدق الله العظيم.

فوائد السورة المباركة:

  • قال أهل الفن : قد تأتي (أو ) بمعنى (بل) في اللغة العربية، وذلك دليل ما جاء في قوله تعالى ﴿وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (١٤٨) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩)﴾ صدق الله العظيم، لذلك وجب ولزم تأويلها إلى (بل)، ومثال ما جاء في الحديث” كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ) وهي بمعنى (بل).
  • رؤيا الأنبياء (وحي) ‘ما يكون خبر، وإما أمر قال تعالى ﴿فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) ﴾ صدق الله العظيم، قال أهل التفسير: رأى ليلة التروية في منامه، كأن قائلا يقول له: إن الله يأمرك بذبح ابنك هذا، فلما أصبح تروى في ذلك من الصباح إلى الرواح، أمن الله هذا الحلم أم من الشيطان ؟ فمن ثم سمي يوم التروية، فلما أمسى رأى مثل ذلك، فعرف أنه من الله فسمي يوم عرفة، ثم رأى مثله في الليلة الثالثة فهم بنحره فسمي يوم النحر، وهذا هو قول أهل التفسير.
  • من أفضل ما يلقى العبد ربه سبحانه وتعالى (القلب السليم) قال تعالى وَإِنَّ مِن شِیعَتِهِۦ لَإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ (٨٣) إِذۡ جَاۤءَ رَبَّهُۥ بِقَلۡبࣲ سَلِیمٍ (٨٤)) صدق الله العظيم.
  • عن سعد بن أبي وقاص – رضي الله عنه – قال: سئل النبي – صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناس أشد بلاءً؟ قال: ((الأنبياء، ثم الأمْثَلُ فالأمثل، يُبتلَى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زِيدَ صلابةً، وإن كان في دينه رقَّةٌ خُفِّف عنه، ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض ما له خطيئة))

لطائف السورة:

﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ﴾ عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: «”ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم وذلك قول الملائكة: ﴿وما منا إلا له مقام معلوم﴾ ﴿وإنا لنحن الصافون﴾»

  • وعن السدي: ﴿إلا له مقام معلوم﴾ في القرب والمشاهدة.
  • قال تعالى ﴿لَلَبِثَ فِی بَطۡنِهِۦۤ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ﴾عن أنس مرفوعا من أنّه – عليه السلام – لمّا التقمه الحوت وهوى به حتى انتهى إلى ما انتهى من الأرض سمع تسبيح الأرض فنادى في الظلمات: أن لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين، فأقبلت الدعوة نحو العرش، فقالت الملائكة: يا ربنا، إنّا نسمع صوتاً ضعيفاً من بلاد غربة، قال سبحانه: وما تدرون ما ذاكم؟ قالوا: لا يا ربنا، قال: ذاك عبدي يونس، قالوا: الذي كنا لا نزال نرفع له عملاً متقبلاً ودعوة مجابة؟ قال: نعم، قالوا: يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء وتنجيه عند البلاء؟ قال: بلى، فأمر – عز وجل – الحوت فلفظه».

شارك المقالة: