تفسير ووقفات على سورة الأعراف

اقرأ في هذا المقال


قال تعال: ﴿الۤمۤصۤ كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ (٢) ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَۗ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ (٣) وَكَم مِّن قَرۡیَةٍ أَهۡلَكۡنَـٰهَا فَجَاۤءَهَا بَأۡسُنَا بَیَـٰتًا أَوۡ هُمۡ قَاۤىِٕلُونَ (٤) فَمَا كَانَ دَعۡوَىٰهُمۡ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَاۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوۤا۟ إِنَّا كُنَّا ظَـٰلِمِینَ (٥))صدق الله العظيم.

أسماء السورة المباركة:

الأعراف: أنّ الله سبحانه وتعالى ذكر أهل الجنة والنار، ثم جاء ذكر الأعراف، وهو كما قال أهل التفسير: سور مرتفع يكون عليه طائفة من الناس، استوت حسناتهم وسيائتهم ، فجاءت السورة موافقة لما هم عليه.

الميقات: جاء للحدث الذي جاء في قصة سيدنا موسى عليه السلام عندما كلمه رب  العالمين، وذلك لقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي﴾صدق الله العظيم. الميثاق: وذلك لذكر الميثاق الذي أخذه رب العالمين على الناس، لقوله تعالى:  ﴿وَإِذۡ أَخَذَ رَبُّكَ مِنۢ بَنِیۤ ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمۡ ذُرِّیَّتَهُمۡ وَأَشۡهَدَهُمۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِهِمۡ أَلَسۡتُ بِرَبِّكُمۡۖ قَالُوا۟ بَلَىٰ شَهِدۡنَاۤ أَن تَقُولُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ إِنَّا كُنَّا عَنۡ هَـٰذَا غَـٰفِلِینَ﴾ صدق الله العظيم.

مما جاء في فضلها:

من أخذ السبع الطوال فهو حبر، وهي من السبع الطوال.

موافقة أول السورة لآخرها:

بدأت السورة بإظهار السبب من إنزال القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّه جاء للتذكير، ورفع الحرج عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ صدق الله العظيم.

– ثم ختمت بإظهار السبب من إنزال الكتاب، وأنّه أيضاً سبب للهداية والرحمة للمؤمنين، قال تعالى ﴿وَإِذَا لَمۡ تَأۡتِهِم بِـَٔایَةࣲ قَالُوا۟ لَوۡلَا ٱجۡتَبَیۡتَهَاۚ قُلۡ إِنَّمَاۤ أَتَّبِعُ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیَّ مِن رَّبِّیۚ هَـٰذَا بَصَاۤىِٕرُ مِن رَّبِّكُمۡ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣱ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ صدق الله العظيم. – وذلك لكي يتمسك المؤمن بهذا الكتاب، لكي يصمه الله تعالى في معركة الحق والباطل ، ويأخذه بيده إلى بر الأمان.

المحور الرئيسي للسورة:

جاءت السورة لكي تحدد الموقف بين الحق والباطل .

مواضيع السورة المباركة:

1- ذكرت في بدايتها الصراع بين آدم عليه السلام، وإبليس والحوار الذي دار بين الله وبين إبليس.

2- تكلمت السورة عن الحوار بين أهل النار، وأهل الجنة.

3- عرض بعض أحوال الأمم السابقة والصراع جاء متمثل في قصة كل نبي مع قومه.

4- جاء في نهاية كل قصة التركيز على، الفصل بين المؤمنين وبين من أهلكهم الله تعالى.

5- توضيح أسباب الدمار والهلاك للأمم السابقة.

6- ذكر إبليس وأسلحته للإفساد في الأرض.

7- التردد الذي كان في قلب بني إسرائيل، هو تردد العقيدة والإيمان.

8- ذكر الثبات على الحق الذي كان في قصة سحرة فرعون.

9- عرض نماذج لفرق من بني إسرائيل، في قصة أصحاب السبت.

– فرقة مؤمنة إيجابية: أطاعت الله تعالى وأمتثلت أوامره ، وقامت بواجبها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

– الفرقة العاصية: وهي الفرقة التي خرجت عن أوامر الله تعالى، وتجرأت على حدوده، قال تعالى: ( وَسۡـَٔلۡهُمۡ عَنِ ٱلۡقَرۡیَةِ ٱلَّتِی كَانَتۡ حَاضِرَةَ ٱلۡبَحۡرِ إِذۡ یَعۡدُونَ فِی ٱلسَّبۡتِ إِذۡ تَأۡتِیهِمۡ حِیتَانُهُمۡ یَوۡمَ سَبۡتِهِمۡ شُرَّعࣰا وَیَوۡمَ لَا یَسۡبِتُونَ لَا تَأۡتِیهِمۡۚ كَذَ ٰ⁠لِكَ نَبۡلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ (١٦٣) وَإِذۡ قَالَتۡ أُمَّةࣱ مِّنۡهُمۡ لِمَ تَعِظُونَ قَوۡمًا ٱللَّهُ مُهۡلِكُهُمۡ أَوۡ مُعَذِّبُهُمۡ عَذَابࣰا شَدِیدࣰاۖ قَالُوا۟ مَعۡذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَلَعَلَّهُمۡ یَتَّقُونَ (١٦٤) فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦۤ أَنجَیۡنَا ٱلَّذِینَ یَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلسُّوۤءِ وَأَخَذۡنَا ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ بِعَذَابِۭ بَـِٔیسِۭ بِمَا كَانُوا۟ یَفۡسُقُونَ (١٦٥) فَلَمَّا عَتَوۡا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَـٰسِـِٔینَ (١٦٦)﴾  صدق الله العظيم.

والنتيجة كانت، نجاة الفرقة الأولى، والتي قامت بواجبها تجاه طاعة ربها، وكان هلاك الفرقة التي تعدت أوامر الله تعال.

10- جاء ذكر الميثاق الذي تم أخذه على العباد، قال تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) ﴾ صدق الله العظيم، جاء في تفسير الآية، أنّ عمر – رضي الله عنه – سئل عن هذه الآية، فقال: سمعت رسول الله ﷺ سئل عنها فقال: «إن الله سبحانه وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون. فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل ؟ فقال – عليه الصلاة والسلام -: إنّ الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله الله النار.

فوائد ولطائف حول السورة المباركة:

1- كثرة ذكر نبي الله موسى عليه السلام، والسبب أنّ بني إسرائيل كانوا مختلفين عبر جميع الأجيال في أخلاقهم وسلوكهم، فكانت العبر والعظات متنوعة الأحوال والطرق، وخاصة أنّ السورة تتكلم عن الحق والباطل .

2- عدم السكوت عن المنكر وإن كان الغالب على ظنه أنّ الناس لا ينتهون عن تركه، قال تعالى:  ﴿وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (١٦٤) ﴾ صدق الله العظيم.

3- كان سبب ثبات سحرة فرعون سجدة، ودخولهم الجنة في سجدة، قال تعالى: (وَجَاۤءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرۡعَوۡنَ قَالُوۤا۟ إِنَّ لَنَا لَأَجۡرًا إِن كُنَّا نَحۡنُ ٱلۡغَـٰلِبِینَ (١١٣) قَالَ نَعَمۡ وَإِنَّكُمۡ لَمِنَ ٱلۡمُقَرَّبِینَ (١١٤) قَالُوا۟ یَـٰمُوسَىٰۤ إِمَّاۤ أَن تُلۡقِیَ وَإِمَّاۤ أَن نَّكُونَ نَحۡنُ ٱلۡمُلۡقِینَ (١١٥) قَالَ أَلۡقُوا۟ۖ فَلَمَّاۤ أَلۡقَوۡا۟ سَحَرُوۤا۟ أَعۡیُنَ ٱلنَّاسِ وَٱسۡتَرۡهَبُوهُمۡ وَجَاۤءُو بِسِحۡرٍ عَظِیمࣲ (١١٦) ۞ وَأَوۡحَیۡنَاۤ إِلَىٰ مُوسَىٰۤ أَنۡ أَلۡقِ عَصَاكَۖ فَإِذَا هِیَ تَلۡقَفُ مَا یَأۡفِكُونَ (١١٧) فَوَقَعَ ٱلۡحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ (١١٨) فَغُلِبُوا۟ هُنَالِكَ وَٱنقَلَبُوا۟ صَـٰغِرِینَ (١١٩) وَأُلۡقِیَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِینَ (١٢٠) قَالُوۤا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ (١٢١) رَبِّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ (١٢٢)) صدق الله العظيم.

4- جاءت الآية تتكلم عمّن لم يدعُ الله تضرعاً وخفية، وقال عنه: إنّه من المعتدين، قال تعالى: ﴿ٱدۡعُوا۟ رَبَّكُمۡ تَضَرُّعࣰا وَخُفۡیَةًۚ إِنَّهُۥ لَا یُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِینَ﴾ صدق الله العظيم.

5- من لطائف السورة وجود كلمة (سكت) في وصف غضب موسى عليه السلام، ولم تقل (سكن) وكأنّ الغضب كالسلطان يأمر صاحبه وينهاه، قال تعالى: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الألْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤) ﴾ صدق الله العظيم.        


شارك المقالة: