احتلت النار منزلة عالية في الأدب الجاهلي ووردت في موضوعات متعددة حاملة دلالات كثيرة توضح لنا عادات الجاهلية المرتبطة بها.
دلالات النار في الشعر الجاهلي
1- نار الحروب: تُعد النار شاهدًا من شواهد المعارك المميزة فهي ترتبط بها ارتباطًا قوبًا حيث أنَّ بتأججها واشتعالها دلالة على شدة المعركة، كما كانوا يشعلون النيران في ذلك الوقت فوق قمم الجبال إيذانًا بنشوب الحرب وهذا ما ورد في أبيات الأعشى:
وإنا بالصُّليب وبطن فلجٍ
جميعًا واضعين بها لَظَانَا
2- نار الاستمطار: كان من عادات ومعتقدات الجاهليين أنه إذا شح المطر وعمَّ الجفاف جلبوا عددًا من الأبقار وربطوا في أذنابها العشب وصعدوا بها إلى الجبال، وأشعلوا بها النيران معتقدين أن هذا الفعل يجلب المطر ولقد وردت في أبيات أمية بن الصلت الذي يوضح هذه الطريقة حيث ينشد:
دِ مهازيل خشيةً أن تبورا
ناب منها لكي تهيج البحورا
إِذا اِستَقبَلَتهُ الشَمسُ صَدَّ بِوَجهِهِ
كَما صَدَّ عَن نارِ المُهَوِّلِ حالِفُ
5- نار السلامة: كانت تُشعل هذه النيران عند عودة الغائبين من رحلاتهم وبسلام وأيضًا عند رجوع المقاتلين من ساحة الوغى بسلام وكان يستخدم أجود أنواع الخشب العطرية لإشعالها وفيها نظم عدي بن زيد قائلاً:
يا لُبَينَى أَوقِدي النَّارا
إنَّ مَن تَهوَينَ قَد حارا
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرمُقُها
تَقضِمُ الهِندِيَّ والغارا
6- نار الطبخ: كانت تُشعل دلالة على الكرم وكان أكرم الناس عندهم من لا تُطفأ ناره ولا تنزل قدورهم على الأرض فهم دائمًا جاهزين لاستقبال الضيوف وذكرها امرؤ القيس منشدًا:
ويحشُّ تحت القدر يوقدها
بغضا الغريف فاجمعت تغلي