حراما يركب من لا حلال له

اقرأ في هذا المقال


أهم ما تتميز به الأمم بالموروث الثقافي الذي تمتلكه، والذي يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “حرامًا يركب من لا حلال له”.

فيمَ يضرب مثل: “حرامًا يركب من لا حلال له”؟

يضطر بعض الناس إلى أن يفعلوا أشياء تخالف قوانين الحياة أو تعاليم الدين، وهو بذلك يبرر فعلته هذه على أنه لم يجد طريقًا آخر تبعًا لزعمه، كأن يقول السارق أنه قد لجأ إلى السرقة كي يأكل، وهناك العديد من الأمثلة على تلك الحالة التي عبّرت عنها الأقوال الشعبية في مختلف المواقف، وقد كان المثل العربي القائل “حرامًا يأكل من لا حلال له” واحدًا من تلك الأمثال التي صاغت هذه المواقف، إذ إنه عندما يكون الإنسان مضطرًا لفعل أي شيء ما لعدم وجود خيار آخر، فيُقال: “حرامًا يأكل من لا حلال له”.

قصة مثل “حرامًا يأكل من لا حلال له”:

فيما يُذكر عن قصة مثل “حرامًا يأكل من لا حلال له” أن جبيلة بن عبدالله قد قام بالإغارة على إبل كان يمتلكها جرية بن أوس بن عامر، وكان من بين تلك الإبل ناقة كانت تشتهر لدى العرب بحرمة ركوبها أيام الجاهلية، وقد تركها الذين أغاروا على الإبل، فلم يأخذوها معهم ضمن ما أخذوا من غنائم، وكان في ذلك الوقت راعي الإبل هو ابن أخت جرية بن أوس بن عامر، ركض الراعي باتجاه خاله ليُخبره بما حدث مع الإبل، فقال له جرية بن أوس : “ردّ عليّ تلك الناقة أركبها”، وهو يتحدث عن الناقة المحرّم ركوبها والتي تركها الغائرون، فأجابه ابن أخته: “يا خال إنها حرام”، حينها قال جرية العبارة الشهيرة : “حرامًا يركب من لا حلال له”، والتي أصبحت مثلًا شعبيًا ورد من العرب ليستند إليه الناس في المواقف التي يضطرون فيها إلى فعل أشياء من المفترض أنها غير لا ئقة مثلًا أو أنها محرمة.

لعلّ قول جرية مبرّرًا لموقفه؛ ذلك أنه ما عاد أمامه غير تلك الناقة اليتيمة التي سُرق أصحابها، على الرغم من أن العرب حرمّوا ركوبها، وهو ما يحدث مع كثير من البشر حينما يرغبون في تبرير مواقفهم أو أفعالهم التي تبدو خاطئة، وفي كثير من الأحيان يكون اضطرارهم أمرًا غير مقبولًا على الإطلاق، إلا أنهم يلجؤون إلى حيلة جرية بن أوس في قوله: “حرامًا يركب من لا حلال له”.


شارك المقالة: