حكمة لقمان وموعظة الإيمان

اقرأ في هذا المقال


الآية:

(وَإِذۡ قَالَ لُقۡمَـٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ یَعِظُهُۥ یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ  وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰ⁠لِدَیۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ وَفِصَـٰلُهُۥ فِی عَامَیۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِی وَلِوَ ٰ⁠لِدَیۡكَ إِلَیَّ ٱلۡمَصِیرُ وَإِن جَـٰهَدَاكَ عَلَىٰۤ أَن تُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِی ٱلدُّنۡیَا مَعۡرُوفࣰاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِیلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَیَّۚ ثُمَّ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ )

سجلت الصحف السماوية وسجل الأدب الديني مواعظ دينية كثيرة، منها الموعظة اللقمانية، التي هي من أبلغ هذه المواعظ وأجمعها، وقد تجلت فيها حكمة الأنبياء ودعوتهم في أجمل مظاهرها وأروعها، إذن لا غرابة إذا ضُرب المثل بحكمة لقمان.

وجّه هذه الموعظة والد أكرمه الله بالعقل الحصيف، والحكمة البالغة التي لا يؤتاها إلّا الأفذاذ الراسخون في العلم، ولقد قال الله مادحاً لقمان ﴿وَلَقَدۡ ءَاتَیۡنَا لُقۡمَـٰنَ ٱلۡحِكۡمَةَ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِلَّهِۚ وَمَن یَشۡكُرۡ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدࣱ﴾ [لقمان ١٢] وجهها إلى ولده وفلذة كبده، فجمعت بين شفقة الآباء وهداية الأنبياء، وقد انتقى الوالد الكريم العظيم لولده الحبيب الأثير، أصول الحكم وجوامع الكلم، وفضائل الأعمال، ومكارم الأخلاق، فجاءت موعظة فريدة يعمل بها العقلاء في كل عصر ومصر، فينالون سعادة الدنيا والآخرة.

بدأ لقمان في وعظ ابنه بالنهي عن الشرك، وقال في إيجاز وإعجاز: (یَـٰبُنَیَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِیمࣱ ) ولا أبلغ في تصوير الشرك وتهجينه من أن يقال: إنّه ظلم عظيم، إنّه وضع العبادة في غير محلها، وتفريط في حق الله وإفراط في حق المخلوق: هو مجموع جنايات وجرائم تجمعها كلمة (الظلم) .

وقرن دعوة إلى التوحيد بالدعوة إلى البِر بالأبوين، ومعرفة حقوقهما، ولا سيما الأم التي كان جهادها أعظم في حضانته ونشاته (حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنࣲ) .

ثم ذكر في هذه المناسبة اللطيفة أنّ الله هو الجدير بالعبادة واللجوء والسؤال والدعاء، إذ لا بد لمن يُلجأ إليه، ويُتعمد عليه في قضاء الحوائج وإسعاف المطالب: أن يحيط بعلمه الدقيق والجليل، ويطلع على الضمائر والخواطر.

ثمّ دعا ابنه إلى أمور أساسية في الدين والأخلاق، إذا حافظ عليها الإنسان وأخذ بها كان عبداً صالحاً وعضواً كريماً في الأسرة الإنسانية منها: الصبر، وإقامة الصلاة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على المصائب، ومنها: التواضع للناس، والسداد والاقتصاد في السيرة والسلوك.

ثمّ ختم هذه الموعظة بذكر آلاء الله ونعمه السابغة الظاهرة والباطنة، التي توجب الشكر والعبادة والتوحيد، وتُنشط للعمل بهذه الموعظة المخلصة.


شارك المقالة: