الحق أبلج والباطل لجلج

اقرأ في هذا المقال


تُعدّ الأمثال العربية تعبيرًا عفويًّا عن الوقائع أو الأحداث المختلفة، ولعل أهم ما يتميّز به المثل الإيجاز إلى حدّ البلاغة، والمثل هو خلاصة لتجارب وحكم من سبق من أجيال، ومن أهم سمات وخصائص الأمثال البساطة في اللغة والعمق في المعاني وسهولة الكلمات، هذا بالإضافة إلى أنها تحاكي كل العقول على اختلاف أنماطها و ثقافاتها، كما أنها تمتاز بربط الجيل الحالي بمن سبقه من أجيال.

معنى مثل “الحق أبلج والباطل لجلج” وفيم يضرب؟

الحقّ أبلج والباطل لجلج، يعني أنّ الحقّ واضح ناصع كالصبح، إذ يُقال‏:‏ صبح أبلج، أي: “حمشرق ومنكشف”، ومنه قول العرب‏:‏ “حتّى بدت أعناق صبح أبلجًا”، والأبلج يكون وصفًا بشكل دائم للحقّ، وأما قول الباطل لجلج:‏ أي: هو ملتبس ومختلط، وهو وصف للغامض اللئيم، قال المبرّد‏:‏ “قوله: لجلج أي: يتردّد فيه صاحبه ولا يصيب منه مخرجًا‏”، الحق أبلج أي الحق ظاهر وبائن، والباطل لجلج أي إن الباطل متفرق زائل، وذهب البعض إلى القول في معناه أن الباطل لا يدوم أبدًا، ولابد أن يندحر ويظهر الحق عوضًا عنه، وهذا المثل يُضرب عند ظهور الحقّ و انكشافه.

صاحب مقولة “الحق أبلج والباطل لجلج”:

كان أول من قال مثل “الحقّ أبلج والباطل لجلج” هو أكثم بن صيفي التميمي الذي لُقب بـ”حكيم العرب”؛ ذلك أنه صاحب إنشاء عشرات الجمل التى تدوّي فى المجتمعات العربية بصفتها حكمًا وأمثالًا، وقد يحسبها البعض حديثًا نبويًا وما هي بحديث، أو قد يظنها البعض أثرًا مرويًّا عن أحد الصحابة أو التابعين، وما هى بأثر.

أكثم بن صيفي وُلد فى الجاهلية وكما أنه أدرك مبعث النبى، صلى الله عليه وسلم، والروايات تقول أنه لم يُسلم، غير أنه كان يوصى قومه ويأمرهم بالإسلام بعد أن كان قد كتب إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، يسأله عن الإسلام؟ فجاء فى جوابه، صلى الله عليه وسلم، قول الله تعالى: “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى” (النحل: 90)، ومات أكثم بالبادية سنة (9هـ – 630م) وقد بلغ من العمر مائة وتسعين سنة. وقيل: إنه قصد المدينة فى مائة من قومه يريدون الإسلام، فمات فى الطريق، ولم يرَ النبى، صلى الله عليه وسلم، وقد أسلم من بلغ المدينة من أصحابه، وهو المعنيّ بقوله تعالى: “ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله” (النساء: 100)، وكان ابن أخيه حنظلة بن الربيع بن صيفى من كُتّاب الوحي، ومات فى أيام معاوية ولا عقب له، المهم أن أكثم بن صيفي مات، غير أنه ترك لنا حكمة تدوي إلى يوم القيامة، ويرددها الكثيرون بأن “الحق أبلج والباطل لجلج”.

حكم وأمثال أخرى في الحقّ والباطل:

  •  جولة الباطل ساعة، وجولة الحقّ إلى قيام الساعة.
  • للحقّ دولة، وللباطل صولة.
  • للباطل جولة ثم يضمحلّ.
  • الحقّ يعلو ولا يُعلى عليه.

شارك المقالة: