خذ الحكمة من أفواه المجانين

اقرأ في هذا المقال


جميع الأمم التي تحيا على هذه الأرض لها موروثها الثقافي الخاص، وهذا الموروث بدوره يعبّر ويصور الكثير من الوقائع والمناسبات، والتي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر.

فيم يضرب مثل “خذ الحكمة من أفواه المجانين”؟

في كثير من الأحيان نسمع الأمثال والمقولات في مواقف حياتنا اليومية سواءً من الأهل والأصدقاء أو حتى على صفحات التواصل الاجتماعية والبرامج التلفزيونية، ومن بين هذه الأمثال المشهورة: “خذ الحكمة من أفواه المجانين”، يعتبر هذا المثل واحد من أشهر الأمثال الشعبية الشائعة في حياتنا اليومية، ويُضرب حين يقول شخص ما حكمة لم تكن متوقعة منه، أو يجد لنا حلًّا لم نفكر فيه من قبل، فما هي قصة هذا المثل؟ لكن ما هي قصة هذه المقولة؟ وكيف أصبحت مشهورة هكذا؟

ما قصة المثل المشهور “خذ الحكمة من أفواه المجانين”؟

يُروى بأن رجلًا ثريًّا قد توفي خارج بلاده، ووصل خبر وفاته إلى أولاده، ثم إن ابنه الأكبر قد حدد يومًا للعزاء، غير أن إخوته أرادوا توزيع الميراث على وجه السرعة، فلامهم الأخ الأكبر، وطلب منهم الانتظار حتى انتهاء مراسيم العزاء، لكنهم أصروا على توزيع التركة اليوم قبل كل شيء، فرفض مطلبهم، فقرروا أن يقدموا شكوى إلى المحكمة، وإقامة دعوى عليه.

بالفعل رفع الأبناء الشكوى إلى المحكمة، وفي اليوم المُحدّد للجلسة أرسل القاضي في طلب الابن الأكبر، وأخذ يبحث ويفكر لعله يجد المخرج ويستطيع بذلك رد الأمر، قاده تفكيره إلى الذهاب لرجل عرف عنه رجاحة الرأي، ليستشيره وسرد عليه قصة إخوته، وإصرارهم على الحصول على ميراثهم، غير أنه لم يجد عنده الجواب، فدله هذا الرجل على شخص يتهمه غالبية الناس بالجنون، فاستغرب وقال فلان مجنون كيف يحل مشكلة عجز عن حلها العقلاء؟

بعد طول تفكير ذهب الابن الأكبر إلى ذلك الرجل المتهم بالجنون، وسرد عليه القصة، وبعد أن انتهى من كلامه قال له المجنون، قل لإخوانك: هل عندكم من يشهد بأن أبي قد مات؟ فقال: “خذوا الحكمة من أفواه المجانين”، كيف لم أفكر في هذا؟، وهرول إلى المحكمة، وقال للقاضي: ما قال له المجنون، فقال القاضي إنك محق، ووجه كلامه للأخوة: “هل عندكم شهود؟”، قالوا: أبونا توفي في بلد بعيد وجاءنا الخبر، ولا يوجد شاهد على ذلك، قال لهم القاضي: عليكم أن تأتوا بالشهود، وبقيت القضية معلقة سنة ونصف السنة، فقال لهم أخوهم: “لو صبرتم أسبوعًا لكان خيرًا لكم”.


شارك المقالة: