خرقاء وجدت صوفا

اقرأ في هذا المقال


تتميز الأمم بالإرث الثقافي الذي تملكه، والذي يعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “خرقاء وجدت صوفًا“.

معنى مثل “خرقاء وجدت صوفًا”:

خرقاء من “الخُرق”: وهو الجهل والحمق، أو من الخَرْق: وهو أن لا يحسن الرّجل العمل والتّصرّف في الأمور، والمرأة الخرقاء: هي الجاهلة الحمقاء التي لا تعرف الصناعة، ولا تحسن التصرف بالمال.

فيم يضرب مثل “خرقاء وجدت صوفًا”؟

يُضرب مثل “خرقاء وجدت صوفًا” في المرء الأحمق المفسد الذي يقع بين يديه مال، فلا يحفظه ويعيث فيه، ويصرفه في غير مصارفه، أو المرأة المبذرة التي لا تحسن صرف مال زوجها، وتبعثره يمينًا وشمالًا، وكلمة خرقاء جاءت من الخرق، وهو الجهل والحمق، أو من الخرق، ويقصد خرق الشيء أي إفساده وعدم التصرف الصحيح في الأمور، والمرأة الخرقاء هي الحمقاء التي لا تحسن التصرف بالفعل أو بالمال.

قصة مثل “خرقاء وجدت صوفًا”:

ترجع قصة مثل “خرقاء وجدت صوفًا”، إلى امرأة من قريش، تُدعى “أمّ رَيطة بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرّة”، وقد كان لها فعلة غريبة تواظب عليها، إذ إنها كانت تغزل الصّوف، وتأمر جواريها أن يغزلن مثلها، وبعد أن تتم الغزل تنقض ما غزلته، وتأمر جواريها أن يفعلن مثلما فعلت، وينقضن ما فتلن، وهذا أمر لا يفعله إلا الحمقى، فضُرب بها المثل في الخرق، وقيل فيها الناس: خرقاء وجدت صوفًا، ومن يومها صارت أم ريطة مضربًا للمثل، وهي المرأة التي قال الله – عزوجل – فيها: ” وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا”(النحل: 92).

مثل “خرقاء وجدت صوفًا” في الشعر:

لا يزال مثل “خرقاء وجدت صوفًا” دارجًا إلى يومنا هذا في المعاملات اليومية والإسقاطات على الواقع المعاصر، والأمر الذي ساهم في انتشاره، أن بعض الشعراء قد أشاروا إلى هذا المثل في أشعارهم، ومن ذلك قول ابن الخطيب:

“وَالْحَقُّ فِي أَوْصَافِهَا أَنَّهَا

خَرْقَاءُ حُسْنٍ وَجَدَتْ صُوفَا”.


شارك المقالة: