خصائص شعر كعب بن مالك

اقرأ في هذا المقال


كعب بن مالك مشرقي الأصل عاش في الجاهلية وعاصر أيضًا العهد الإسلامي، وقد أخذ مَلكة الأدب عن والده وقد أجمع العلماء على أنه من أبرز أهل الكلام المنظوم في ذاك الوقت، تفرّد شعره بالعديد من السمات التي تفرد بها وكانت مقطوعاته تعبر عن أفكاره وأحاسيسه ولها أثر في نفس المتلقي، ومن هنا سنتحدث عن أهم السمات في شعره وأسلوبه.

خصائص شعر كعب بن مالك

كان له مكانة أدبية عالية المستوى تجعله من أهل الكلام المنظوم المميزين فتحدث عنه الجمحي: ” شعراء القرى العربية، وهنّ خمس: المدينة ومكّة والطائف واليمامة والبحرين وأشعرهنّ قرية المدينة، شعرائها الفحول خمسة: ثلاثة من الخزرج واثنان من الأوس، فمن الخزرج من بني النجار حسّان بن ثابت ومن بني سلمة كعب بن مالك،” وتفرّدت مقطوعاته بالخصائص الآتية:

1- المفردات والتراكيب: نشأ كعب في المدينة وترعرع فيها، وقد كانت المدينة مشهورة بالأدب عن غيرها من القرى المشرقية، وكان له مكانة كبيرة في الأدب وعرف بفصاحة اللسان وخلو مفرداته من الغموض وكانت لغته بسيطة سلسة، وبعد دخوله الإسلام أخذت تراكيبه تزهو بكلمات كتاب الله وعبَارات السنة النبوية الشريفة فازدادت ليونة.

أما عباراته كانت واضحة بعيدة عن الغموض يبتعد عن التصنع والتكلف والوقوف على الدمن أو بدئها بالغزل فكان يدخل في صلب الموضوع دون مقدمات.

2- الخيال والوصف: كان الوصف عند كعب طريقة تعبير رئيسية تتضمن على العديد من الاستعارات والتشبيهات وكان وصفه مادي مأخوذ من البيئة وأشكالها المنتشرة في المدينة، والخيال عنصر أساسي في مقطوعاته كما وظف الألوان في صوره الخيالية وكانت تعج بالمحسنات التي استخدمها دون تكلف كالسَّجع والطباق.

3- المعاني والأفكار: اتصفت المعاني عنده بالوضوح والصدق وخُلوها من المبالغة واختلطت بالمعاني الإسلامية كما برزت لديه معانٍ جاهلية نتيجة تعلقه بأدبهم.

4- الأوزان والقوافي: التزم كعب بالأوزان التي عرفت منذ القدم، وأسهب من النظم في بعض البحور كالطَّويل والكامل، أما قوافيه تتميز بالروعة والليونة.

أسلوب كعب بن زهير في الشعر

1- الصورة البلاغية: مثال عليه قوله:

إن عرسي قد آذتني أخيرا

لم تعرج ولم تؤامر أميرا

2- استعمل في أبياته الإنشاء مثل:

أعيرتني عزا عزيزا ومعشرا

كراما بنوا لي المجد في باذخ

3- استعمل الإطناب كذلك مثل:

هم الأصل مني حيث كنت وأنني

من المزنيين المصفين بالكرم

4- الصورة الفنيّة ومثال عليها:

أمِن نوارَ عرفتَ المنزلَ الخَلقِا

إذ لا تفارقُ بطنَ الجوِّ فالبَرَقا

 وَقَفْتُ فيها قليلاً رَيْثَ أَسْأَلُها

 فانهلّ دمعي على الخدّين ُمنسحِقا

5- وكذلك استعمل التشبيه فقال:

هَلّا سَأَلتِ وَأَنتِ غَيرُ عَيِيَّةٍ

وَشِفاءُ ذي العِيِّ السُؤالُ عَنِ العَمى

عَن مَشهَدي بِبُعاثَ إِذ دَلَفَت لَهُ

غَسّانُ بِالبيضِ القَواطِعِ وَالقَنا

الأغراض الشعرية في شعر كعب بن مالك

1- الرثاء: ذهب كعب إلى بكاء الصحابة الذين استشهدوا في المعارك ومنهم حمزه بن عبد المطلب فنظم فيه:

طرقت همومك فالرقاد مَسَهَّدُ

ورجعت أن سُلخ الشباب الأغيد

ودعت فؤادك للهوى ضمرية

فهواك غوري وصحوك منجد

فدع التمادي في الغواية سادرا

قد كنت في طلب الغواية تفند

2- المدح: من أهم الشخصيات التي عَمِد كعب إلى مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث نظم:

يا هاشما إن الإله حباكم

ما ليس يبلغه اللسان المفضل

قوم لأصلهم السيادة كله

قدما وفرعِهم النبي المرسل

بيض الوجوه ترى بطون أكفهم

تندى إذا غبر الزمان الممحل

3- الوصف: اختلف هذا النوع عند كعب وتوجه إلى وصف المعارك التي خاضها ومن أبرزها غزوة أحد فنظم:

إنك عمر أبيك الكريم

أن تسألي عنه من يجتدي

فإن تسألي ثم لا تُكذبي

يخبرك من قد سألت اليقينا

بأنا ليالي ذات العظام

كنا مثالا لمن يعترينا

نماذج شعرية لكعب بن مالك

أنشد في إحدى مقطوعاته:

أيا عَيْنُ جُودِي ولا تَبْخُلِي

بدمعِكِ حَقّاً ولا تَنزُري

على سَيّدٍ هَدَّنَا هُلْكُهُ

كريمِ المشَاهدِ والعُنْصُرِ

جريءٍ المقدَّمِ شَاكي السّلاحِ

كريمِ النّثا طَيِّبِ المَكْسِرِ

كما أنشد في مقطوعة له:

وباكيةٍ حِراءَ تَحْزَنُ بالبُكا

وَتَلْطمُ مِنها خَدَّها والمُقلَّدا

على هالِكٍ بَعْدَ النَّبيّ مُحمَّدٍ

وَلَوَ عَلِمَتْ لَمْ تَبْكِ إِلاّ محمَّدا

فُجعْنا بخَيْرِ النّاسِ حَيّاً وَميِّتاً

وأدْناهُ مِنْ رَبِّ البَرِيَّة مِقْعَدا

وفي النهاية نستنتج إن مقطوعات كعب بن مالك تفردت بالعديد من الخصائص وميَّزته عن باقي الشعراء في عصره، وكان له أسلوبه الخاص حيث أكثر من استعمال المحسنات البديعية كالسجع والطباق ولجأ إلى الخيال موظفًا فيه الألوان مما أضفى على أبياته رقة وجمال.


شارك المقالة: