دروس وعبر من سورة الضحى

اقرأ في هذا المقال


هل يُشرع التكبير عند قراءة هذه السورة؟

عادة السادة المقرئين لكتاب الله تعالى أنهم إذا وصلوا في القراءة إلى سورة الضحى يكبرون عند آخر كل سورة، حتى الناس، قال الحافظ ابن كثير: روينا من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي بزة المقرئ قال: قرأت على عكرمة بن سليمان، وأخبرني أنه قرأ على إسماعيل بن قسطنطين وشبل بن عباد، فلما بلغت ” والضحى ” قالا لي: كبر حتى تختم مع خاتمة كل سورة، فإنّا قرأنا على ابن كثير فأمرنا بذلك. وأخبرنا أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك. وأخبره مجاهد أنّه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك، وأخبره ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك، وأخبره أبي أنّه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بذلك، ثم قال رحمه الله تعالى: فهذه سنة تفرد بها أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الله البزي، من ولد القاسم بن أبي بزة، وكان إماماً في القراءات.

قوله تعالى: ﴿وَٱلضُّحَىٰ﴾ صدق الله العظيم[الضحى ١] في المراد بالضحى أقوال: منها: النهار كله، يُقسم الله عزوجل بالنهار كله.

وقيل: المراد بالضحى أي وقت الضحى، وهو اشتداد الحر، وهذا الوقت فيه عبادةٌ جليلة، وهي صلاة سنة الضحى، وجاء في الحديث، أيوب عن القاسم الشيباني أن زيد بن أرقم رأى قوما يصلون من الضحى فقال أمّا لقد علموا أنّ الصلاة في غير هذه الساعة أفضل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال.

فضل سنة الضحى:

– عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يصبح على كل سُلَامَى من أحدكم صدقة؛ فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) كل سُلامى يعني: كلُ عظمٍ ومفصل، ينبغي عليك أن تتصدق عنه بصدقةٍ، لتعلم كم نحن في غفلةٍ عن شكر الله تعالى.

– روى الإمام مسلم عن عبد الله بن فروخ، أنه سمع عائشة تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل. فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق الناس، أو شوكة أو عظما من طريق الناس، وأمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى، فإنّه يمشى يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بها، فمن ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام” متفق عليه.

وقال ابو ذر الغفاري: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن: أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع ركعتي الضحى فإنها صلاة الأوابين، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر”.

قوله تعالى: ﴿وَٱلَّیۡلِ إِذَا سَجَىٰ﴾ صدق الله العظيم[الضحى ٢] سجى يعني سكن، وهذا قول أكثر أهل اللغة، كما تسجي الإنسان، أو تغطي الثوب، فالمعنى غطى بظلامه.

قوله تعالى:﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ﴾ صدق الله العظيم[الضحى ٣] ما ودعك: أي ما تركك، وما قلى: أي وما جفاك وما أبغضك.

مناسبة قوله تعالى: ما ودعك ربك وما قلى.

قال المفسرون: أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال المشركون: قد قلاه الله وودعه، فأنزل الله تعالى عليه هذه الآية، وقال السدي: أبطأ عليه أربعين ليلة فشكا ذلك إلى خديجة، فقالت: لعل ربك نسيك أو قلاك، وقيل: إن أم جميل امرأة أبي لهب قالت له: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، وروي عن الحسن أنه قال: أبطأ على الرسول صلى الله عليه وسلم الوحي، فقال لخديجة: ”«إن ربي ودعني وقلاني – يشكو إليها – فقالت: كلا والذي بعثك بالحق ما ابتدأك الله بهذه الكرامة إلا وهو يريد أن يتمها لك» “ فنزل: ﴿ما ودعك ربك وما قلى﴾.

قوله تعالى: ﴿وَلَلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ لَّكَ مِنَ ٱلۡأُولَىٰ﴾ [الضحى ٤] فعطاء الله خيرٌ لك في الآخرة أعظم من عطاء الدنيا وما فيها.


شارك المقالة: