دلائل وعبر من سورة الفجر

اقرأ في هذا المقال


ما جاء عنها من أحاديث:

أخرج النسائي عن جابر قال صلى معاذ صلاة فجاء رجل فصلى معه فطول، فصلى في ناحية المسجد ثم انصرف، فبلغ ذلك معاذاً فقال منافق، فذكر ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -، فقال يا رسول الله جئت أصلي معه فطول عليّ فانصرف فصليت في ناحية المسجد، فعلفت ناضحي، فقال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: ” أفتان أنت يا معاذ، أين أنت من سبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والفجر والليل إذا يغشى “.

قوله تعالى: ﴿وَٱلۡفَجۡرِ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ١] واختلف في الفجر الذي أقسم الله به هنا فقيل هو الوقت المعروف، وسمي فجراً: لأنّه وقت انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم، قاله علي وابن الزبير.

قوله تعالى: ﴿وَلَیَالٍ عَشۡرࣲ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ٢] ومن المعروف هي أي ليالي عشر من ذي الحجة، عند جمهور المفسرين.

قوله تعالى: ﴿وَٱلشَّفۡعِ وَٱلۡوَتۡرِ﴾ صدق الله العظيم [الفجر ٣] تعددت أوجه التفسير في الشفع والوتر:
الوجه الأول: الشفع هو الخلق، كما قال تعالى: ﴿وَمِن كُلِّ شَیۡءٍ خَلَقۡنَا زَوۡجَیۡنِ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ﴾ صدق الله العظيم[الذاريات ٤٩] والوتر: هو الله سبحانه وتعالى، جاء عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر، ويجوز أن نقول: وَتر ووِتر بالفتحِ أو بالكسر، كلاهما صحيح.

الوجه الثاني: الشفع هو الصلاة، فمنها شفعٌ يعني مثنى كالصبح أو أربعة كالظهر والعصر شفعٌ، والمغرب وتر، روي هذا الوجه عن عمران بن حصين.

الوجه الثالث: كل خلق الله شفعٌ، اتلنور والظلمة والليل والنهار، والحر والبرد.

الوجه الخامس: الشفع هما اليومان بعد يوم النحر، قال تعالى: (فَمَن تَعَجَّلَ فِی یَوۡمَیۡنِ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَاۤ إِثۡمَ عَلَیۡهِۖ لِمَنِ ٱتَّقَىٰۗ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّكُمۡ إِلَیۡهِ تُحۡشَرُونَ﴾ صدق الله العظيم. [البقرة ٢٠٣].

قوله تعالى: ﴿وَٱلَّیۡلِ إِذَا یَسۡرِ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ٤] أي والليل إذا يسري، أي يمضي.

لطيفةٌ:

قال المؤرق: سألت الأخفش عن العلة في إسقاط الياء من يسر فقال: لا أجيبك حتى تبيت على باب داري سنة، فبت على باب داره سنة، فقال: الليل لا يسري وإنما يسرى فيه، فهو مصروف، وكل ما صرفته عن جهته بخسته من إعرابه، ألّا ترى إلى قوله تعالى: وما كانت أمك بغيا(٤) [مريم: ٢٨]، ولم يقل بغية، لأنّه صرفها عن باغية.

قوله تعالى: ﴿هَلۡ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ قَسَمࣱ لِّذِی حِجۡرٍ﴾ صدق الله العظيم [الفجر ٥]أي: هل في ذلك الأيمان التي أقسم الله بها كفايةٌ وقناعةٌ لذي حِجر، وسمي العقل حجر: لأنّه يمنع صاحبه عن تعاطي القبيح.

قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ (٧) ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ (٨) وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ (٩) وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ (١٠) ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ (١١) فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ (١٤)﴾ صدق الله العظيم[الفجر ٦-١٤]

ألم ترى: بقلبك، والمراد بها النبي صلى الله عليه وسلم.

عاد: إرم ذات العماد، وقيل أنها عاد الأولى لأن عاد عادان، عاد الأولى هي التي تكبرت وطغت، قال تعالى: ﴿فَأَمَّا عَادࣱ فَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُوا۟ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِی خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةࣰۖ وَكَانُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا یَجۡحَدُونَ﴾ صدق الله العظيم [فصلت ١٥].

العماد: ذات الطول الشديد، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا ، ثم قال : اذهب فسلم على أولئك من الملائكة فاستمع ما يحيونك ، فإنها تحيتك وتحية ذريتك . فقال السلام عليكم فقالوا : السلام عليكم ورحمة الله . فزادوه : ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ، فلم يزل الخلق ينقص حتى الآن ).

قوله تعالى: ﴿وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ﴾ صدق الله العظيم [الفجر ٩] أي: نحتوا، والعامة يقولون: جاب الشيء بمعنى: أحضره وهذا خطأ – كما قال تعالى: ﴿وَتَنۡحِتُونَ مِنَ ٱلۡجِبَالِ بُیُوتࣰا فَـٰرِهِینَ﴾ صدق الله العظيم[الشعراء ١٤٩] ولم يكن عندهم آلات حفر.

قوله تعالى: ﴿وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ١٠] ذي الجنود، وقيل ذي الأوتاد العظيمة، قال تعالى: ﴿ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَیۡدِیَكُمۡ وَأَرۡجُلَكُم مِّنۡ خِلَـٰفࣲ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمۡ فِی جُذُوعِ ٱلنَّخۡلِ وَلَتَعۡلَمُنَّ أَیُّنَاۤ أَشَدُّ عَذَابࣰا وَأَبۡقَىٰ﴾ صدق الله العظيم [طه ٧١] وكانت الأوتاد تضرب في الأرض ويربط بها أهل الإيمان.

قوله تعالى: ﴿فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ١٢] الفساد: إظهار المعاصي في بلاد الله ونشرها قال تعالى: ﴿وَلَا تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ بَعۡدَ إِصۡلَـٰحِهَا وَٱدۡعُوهُ خَوۡفࣰا وَطَمَعًاۚ إِنَّ رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِیبࣱ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ صدق الله العظيم[الأعراف ٥٦].

وقفة:

المعاصي سبب لزوال النعم، وقد قال تعالى: ﴿وَلَوۡ أَنَّ أَهۡلَ ٱلۡقُرَىٰۤ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوۡا۟ لَفَتَحۡنَا عَلَیۡهِم بَرَكَـٰتࣲ مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا۟ فَأَخَذۡنَـٰهُم بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ﴾ صدق الله العظيم[الأعراف ٩٦] ورضي الله عن سيدنا علي بن أبي طالب عندما قال:

إِذا كُنتَ في نِعمَةٍ فَارعَها

                  فَإِنَّ المَعاصي تُزيلُ النِعَم

وَحافِظ عَلَيها بِتَقوى الإِلَهِ

                    فَإِنَّ الإِلَهَ سَريعُ النِّقَم

فَإِن تَعطِ نَفسَكَ آمالَها

                   فَعِندَ مُناها يَحِلُّ النَدَم

فَأَينَ القُرونَ وَمَن حَولَهُم

                   تَفانوا جَميعاً وَرَبّي الحَكَم

وَكُن مُوسِراً شِئتَ أُو مُعسِراً

                       فَلا بُدَّ تَلقى بِدُنياكَ غَم

قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَكۡرَمَنِ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ١٥] وكأنّه يقول: لولا أنّي كريم على الله ما أعطاني المال.

قوله تعالى: ﴿وَأَمَّاۤ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَیۡهِ رِزۡقَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَهَـٰنَنِ﴾ صدق الله العظيم[الفجر ١٦] وفي المقابل يقول: فيقول ربي أهانني لانه ضيق علي الرزق. عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله   صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، رواه مسلم.

قال تعالى: (كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡیَتِیمَ (١٧) وَلَا تَحَـٰۤضُّونَ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ (١٨) وَتَأۡكُلُونَ ٱلتُّرَاثَ أَكۡلࣰا لَّمࣰّا (١٩) وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبࣰّا جَمࣰّا (٢٠)) صدق الله العظيم، (التراث: المال) وما جاء في تكريم اليتيم، عن سهل بن سعد قال:  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطى ، الحض: الحث.


شارك المقالة: