الرحلات السبع لسندباد البحار، الرحلة الخامسة أو ( The Seven Voyages of Sindbad the Sailor, fifth Voyage) هي حكاية من الحكايات الشعبية من ترفيه الليالي العربية، تم اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، عام 1918.
الشخصيات:
- السندباد.
- عجوز البحر.
- التجار.
قصة رحلات البحار السبع لسندباد، الرحلة الخامسة:
قال السندباد واصفًا رحلته الخامسة: حتى بعد كل ما مررت به لا يمكن أن يجعلني راضياً عن حياة هادئة سرعان ما سئمت من ملذاتها، وتقت إلى التغيير والمغامرة، لذلك انطلقت مرة أخرى ولكن هذه المرة في سفينة خاصة بي، قمت ببنائها وتجهيزها في أقرب ميناء بحري.
لقد دعوت العديد من التجار من دول مختلفة للانضمام إلي حيث أبحرنا بأول ريح مواتية، وبعد رحلة طويلة في البحار المفتوحة، هبطنا على جزيرة مجهولة ثبت أنّها غير مأهولة، ومع ذلك، قررنا استكشافها، لكننا لم نذهب بعيدًا عندما وجدنا بيضة روك، كبيرة مثل تلك التي رأيتها من قبل ومن الواضح أنها على وشك الفقس، لأنّ منقار الطائر الصغير قد اخترق القشرة بالفعل.
على الرّغم من كل ما يمكنني قوله لردعهم، إلا أن التجار الذين كانوا معي سقطوا عليها بفؤوسهم وكسروا البيضة، وقتلوا الروك الشاب، ثم أشعلوا نارًا على الأرض، وقاموا بتقطيع الطائر لشويه، وشرعوا في تحميصه بينما كنت أقف مذعورًا، وبالكاد انتهوا من تناول طعامهم السيئ، عندما أظلم الهواء فوقنا بظلال قوية، فكان قبطان سفينتي الذي يعلم بالتجربة ما يعنيه ذلك، صرخ إلينا أن الطيور الأم قادمة، وحثنا على الصعود على متنها بكل سرعة.
لقد فعلنا ذلك، وتم رفع الأشرعة، ولكن قبل أن نتحرك بأي طريقة كانت الطيور تصل إلى عشها المنهوب وتحوم حوله، وتطلق صرخات مرعبة عندما اكتشفوا بقايا طفلهم الصغير، وللحظة فقدنا رؤيتهم، وكنا قد تجهزنا لردها ثمّ هربنا، وعندما عادت الطيور إلى الظهور وحلقت في الهواء مباشرة فوق سفينتنا، ورأينا أنّ كلاً منهم يحمل في مخالبه صخرة ضخمة جاهزة لسحقنا.
كانت هناك لحظة من التشويق اللاهث، ثم أفلت طائر قبضته واندفعت كتلة ضخمة من الحجر في الهواء، ولكن بفضل عقل قائد الدفة، الذي أدار سفينتنا بعنف في اتجاه آخر حيث سقطت الحجارة في البحر بجانبنا، وشقت البحر حتى كدنا نتمكن من رؤية القاع تقريبًا، ولم يكن لدينا الوقت الكافي لالتقاط أنفاس الراحة قبل سقوط الصخرة الأخرى مع تحطم كبير في وسط سفينتنا غير المحظوظة، مما أدى إلى تحطيمها إلى ألف شظية ، وسحق الركاب وأفراد الطاقم أو قذفهم في البحر.
نزلت أنا نفسي مع البقية، لكن كان من حسن حظي أنني لم أصاب بأي أذى، ومن خلال التمسك بقطعة من الخشب الطافي بيد واحدة والسباحة باليد الأخرى، أبقيت نفسي طافيًا على قدمي، وغمرتني المياه في الوقت الحالي بسبب المد إلى جزيرة حيث كانت شواطئها شديدة الانحدار وصخرية، لكنّني صعدت بأمان وألقيت بنفسي للراحة على العشب الأخضر.
وعندما تعافيت إلى حد ما، بدأت في فحص البقعة التي وجدت نفسي فيها، وبدا لي حقًا أنني وصلت إلى حديقة المسرات حيث كانت الأشجار موجودة في كل مكان، وكانت مليئة بالزهور والفاكهة، بينما كان تيار ماء يشبه الكريستال يتجول داخل وخارج ظلها، وعندما جاء الليل، كنت أنام بهدوء في زاوية دافئة، على الرّغم من أنّ ذكرى أنني كنت وحدي في أرض غريبة جعلني أحيانًا أبدأ وأنظر حولي في حالة من القلق، ثم تمنيت من القلب أنّني بقيت في المنزل براحة.
ومع ذلك ، فإنّ ضوء الشمس في الصباح أعاد شجاعتي، وتجولت مرة أخرى بين الأشجار، ولكن دائمًا مع بعض القلق بشأن ما قد أراه بعد ذلك، كنت قد توغلت بعض المسافة في الجزيرة عندما رأيت رجلاً عجوزًا منحنيًا واهنًا جالسًا على ضفة النهر، وفي البداية أ عتقدت أن يكون بحارًا محطمًا من السفن مثلي، ثمّ صعدت إليه وحييته بطريقة ودية، لكنّه أومأ برأسه لي ردًا.
ثم سألته عمّا فعله هناك، وأبلغني أنّه يرغب في عبور النهر لجمع بعض الفاكهة، وبدا أنّه يتوسل إلي أن أحمله على ظهري حين أشفقت على سنه وضعفه، فأخذته وعبرت به عبر الجدول، انحنيت حتى يستطيع أن يصل بسهولة إلى الضفة وأمرته بالنزول، لكن بدلاً من السماح لنفسه بالوقوف على قدميه قفز هذا المخلوق الذي بدا لي متهالكًا برشاقة على كتفي، وأمسك بساقيه حول رقبتي بشدة لدرجة أنّني كنت قريبًا من الاختناق.
وتغلب علي الرعب لدرجة أنني سقطت على الأرض، وعندما تعافيت كان عدوي لا يزال في مكانه، على الرّغم من أنّه قد حرر قبضته بما يكفي للسماح لي بمساحة للتنفس، ورآني وقد استعدت حياتي و ضربني ببراعة أولاً بقدم واحدة ثم بالأخرى، حتى اضطررت إلى النهوض، ثمّ حملته ومشيت معه معه تحت الأشجار بينما كان يجمع ويأكل أفضل الفواكه.
استمر هذا طوال اليوم، وحتى في الليل عندما ألقيت بنفسي نصف ميتًا من التعب، تمسك الرجل العجوز الرهيب بإحكام على رقبتي، وحتى في الصباح مع أول بصيص للضوء كان يستخدم كعوب قدميه في ركلي حتى استيقظت بالإكراه واستأنفت مسيرتي الكئيبة بالغضب والمرارة في قلبي، وحدث في أحد الأيام أن مررت بشجرة توت بري وضعت تحتها عدة حبات جافة، فالتقطت واحدة واستمتعت باستخراج محتوياتها والضغط عليها للحصول على عصير عدة عناقيد تتدلى من كل شجيرة.
وعندما كان العنقود ممتلئًا، تركته مسندًا في مفترق شجرة وبعد بضعة أيام، كنت أحمل الرجل العجوز البغيض بهذه الطريقة، وانتزع حصتي عندما أمر بها وأحصل على إرضاء نفسي من نبيذ ممتاز ومنعش حتى أنّني نسيت عبئي المقيت فوق ظهري، وبدأت في الغناء، لم يكن الوحش العجوز بطيئًا في إدراك التأثير الذي أحدثته حبات التوت التي جعلتني أحمله بخفة أكثر من المعتاد، لذلك مد يده النحيلة وأمسك القرع الذي كنت أضع فيه عصيري أولاً وتذوق محتوياتها بحذر، ثم استنزفها حتى آخر قطرة .
كان بمثابة خمر قوي، لذلك بدأ أيضًا في الغناء بعد شربه، وسرعان ما شعرت بالبهجة بالشعور بالقبضة الحديدية لساقيه، وبجهد واحد قوي رميته على الأرض والتي من خلالها لم يتحرك مرة أخرى، لقد كنت سعيدًا جدًا لأنّني تخلصت أخيرًا من هذا الرجل العجوز الغريب لدرجة أنّني ركضت وأنا أقفز متجهًا إلى شاطئ البحر، حيث قابلت بعض البحارة الذين رسووا قبالة الجزيرة للاستمتاع بأشهى المأكولات والفواكه، وتجديد إمدادها بالمياه.
بعدما سمعوا قصة هروبي بذهول قائلين: لقد وقعت في يد شيخ البحر، ومن الرحمة أنّه لم يخنقك كما فعل كل من استطاع أن يجلس على أكتافه هو نفسه، هذه الجزيرة معروفة بأنها مسرح لأفعاله الشريرة، ولا يستطيع أي تاجر أو بحار يهبط عليها بالابتعاد عن رفاقه، وبعد أن تحدثنا لبعض الوقت، أخذوني معهم على متن سفينتهم ، حيث استقبلني القبطان بلطف، وسرعان ما أبحرنا، وبعد عدّة أيام وصلنا إلى مدينة كبيرة ومزدهرة المظهر حيث تم بناء جميع المنازل من حصى.
هناك قمنا بالرسو، وأخذني أحد التجار الذي كان ودودًا للغاية معي في الطريق إلى الشاطئ وأظهر لي مكانًا مخصصًا للتجار الغرباء، ثم قدم لي كيسًا كبيرًا، وأشار لي إلى مجموعة من الأكياس الآخرى مجهزين بنفس الطريقة، قال: اذهب معهم، وافعل ما يفعلونه، لكن احذر من إغفالهم، لأنّك إذا ضللت الطريق فستكون في خطر.
وبذلك زودني بالمؤن، وودعني، وانطلقت مع رفاقي الجدد وسرعان ما علمت أن الهدف من بعثتنا هو ملء أكياسنا بجوز الهند، ولكن عندما رأيت الأشجار على طول، ولاحظت ارتفاعها الهائل والنعومة الزلقة في جذوعها النحيلة، لم أفهم على الإطلاق كيف يجب أن نفعل ذلك.
كانت تيجان أشجار جوز الهند حية مع القرود، الكبيرة والصغيرة التي كانت تتنقل من واحدة إلى أخرى بخفة حركة مدهشة، ويبدو أنّها تشعر بالفضول تجاهنا ومنزعجة من مشاهدتننا ، وقد فوجئت في البداية عندما كان رفاقي بعد بدأهم بجمع الحجارة ورميها على المخلوقات الحية، والتي بدت لي غير ضارة تمامًا، لكن سرعان ما رأيت سبب ذلك وانضممت إليهم بحرارة، لأنّ القردة التي كانت منزعجة وترغب في سداد نقودنا، بدأت في تمزيق الجوز من الأشجار وإلقائها علينا بإيماءات غاضبة وحاقدة، لذلك أنه بعد القليل من الجهد امتلأت أكياسنا بالفاكهة التي لم نكن لنحصل عليها بطريقة أخرى.
بمجرد أن حصلنا على أكبر عدد يمكننا حمله، عدنا إلى المدينة، حيث اشترى صديقي حصتي ونصحني بمواصلة نفس المهنة حتى أكسب المال الكافي لنقلي إلى بلدي، وفعلت هذا، وقبل فترة طويلة جمعت مبلغًا كبيرًا، عندها فقط سمعت أن هناك سفينة تجارية جاهزة للإبحار، وبعد أن أخذت إذنًا من صديقي صعدت على متنها، وأنا أحمل معي مخزونًا جيدًا من جوز الهند.
وأبحرنا أولاً إلى الجزر حيث ينبت الفلفل، ثم إلى كوماري حيث يوجد أفضل خشب الصبار وحيث لا يشرب الرجال الخمر بموجب قانون غير قابل للتغيير، وهنا استبدلت مكسراتي بالفلفل وخشب الصبار الجيد، وذهبت لصيد اللؤلؤ مع بعض التجار الآخرين، وكان الغواصون محظوظين جدًا لدرجة أنه سرعان ما أصبح لدي عدد هائل، كبير جدًا ومثالي.
مع كل هذه الكنوز عدت بفرح إلى بغداد حيث تخلصت منها مقابل مبالغ طائلة لم أفشل فيها كما كان من قبل في إعطاء الجزء العاشر للفقراء، وبعد ذلك أرتحت من تعبي وعزيت نفسي، مع كل الملذات التي يمكن أن تمنحني إياها ثروتي، وبعد أن أنهى قصته بهذا الشكل، أمر السندباد بتقديم مائة ترتر لهندباد، ثم انسحب الضيوف، ولكن بعد وليمة اليوم التالي بدأ حساب رحلته السادسة .