رواية رحلات مع تشارلي - Travels with Charley

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الأديب والمؤلف جون ستاينبيك وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز المبدعين الذين ظهروا في مجال الأدب في القرن التاسع عشر، كما أنه اعتبره الأدباء من أفضل الأدباء والروائيين للقرن العشرين، حيث أنه صدر عنه مجموعة كبيرة من القصص القصيرة والروايات الإبداعية، ومن أكثر الروايات التي حققت شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية هي رواية رحلات مع تشارلي، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما عمل على ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.

نبذة عن الرواية

تم تصنيف الرواية من قِبل الأدباء والنقاد تحت مسمى أدب السفر، حيث أن الرواية كانت عبارة عن رحلة استكشافية إلى مكان قديم كان قد انقطع عنه الكاتب منذ فترة طويلة، إذ صوّر الكاتب من خلال أحداث الرواية رحلته عبر الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1960م، وقد تشارك في رحلته مع كلبه البودل الذي يحمل اسم تشارلي، وقد أشار المؤلف إلى أن الغاية والهدف الذي دفع به إلى كتابة تلك الرواية هو رغبته في التوجه إلى رؤية موطنه حسب المنظور الشخصي الخاص به، إذ كان يعتبر أنه يجني الكثير من الأموال من خلال التوجه للكتابة عن الوطن.

وقد تطرق أثناء سرد الأحداث إلى الكثير من الأسئلة التي من الممكن أن تراود أي إنسان يقوم برحلة حول موطنه، ولكن اعتمد على سؤال رئيسي ومهم ومن الممكن أن يخطر في ذهن أي مواطن من مواطنين الولايات المتحدة، وهو كيف يبدو الأمريكيون في الوقت الحالي وقد أراد الكاتب من خلال ذلك السؤال أن يشير إلى التطورات التي تحدث مع الوقت للمجتمعات، كما أوضح أنه تراوده الكثير من الشكوك والتخوفات حول أمريكا الحديثة التي اطلع عليها أثناء رحلته.

كما تطرق المؤلف بين الأحداث للحديث عن سفره وترحاله عبر الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام سيارة خاصة مجهزة بمعدات خاصة للتخييم أطلق عليها اسم روثينا، وحدد المؤلف المكان الذي بدأ منه رحلته وهو منطقة لونغ آيلاند الواقعة في مدينة نيويورك، ويسير باتجاه الحدود الخارجية للولايات المتحدة إلى أن يمر بإقليم الشمال الغربي الهادئ، إلى أن يصل في النهاية إلى موطنه الأصلي في مدينة ساليناس فالي التي تقع ضمن ولاية كاليفورنيا، ومن هناك يتوجه عبر ولاية تكساس إلى أن يصل إلى الجنوب الأمريكي، ثم يعود بعد ذلك إلى نيويورك. وقد كانت المسافة التي قطعها في تلك الرحلة تقدر إلى ما يقارب العشرة آلاف ميل.

وقد أشار الشقيق الأكبر للكاتب إلى أن السبب الحقيقي خلف هذه الرحلة هو إدراك الكاتب إلى أنه قد اقتربت لحظة وداعه للحياة، ورغبته في أن يشاهد موطنه للمرة الأخيرة قبل رحيله عن حياة الدنيا، وكما قال ابنه الأصغر إن سماح زوجة الكاتب لذهابه في تلك الرحلة كان بسبب وضعه الصحي الذي ظهر بشكل مفاجئ للجميع، إذ أصيب بمرض في القلب يشير إلى أنه من الممكن أن يفارق الحياة في أي لحظة وينبغي أن يحقق حلمه في تلك الرؤية لموطنه قبل مغادرته.

رواية رحلات مع تشارلي

في البداية كانت الرواية مقسومة إلى جزين، حيث أنه في الجزء الأول من الرواية دارت وقائع وأحداث الرواية بمقدمه كتبها المؤلف قام من خلالها بوصف حبه إلى السفر والتجوال والذي قضى به معظم سنوات عمره، إذ أنه في يوم من الأيام عزم على اكتشاف موطنه الأصلي بعد أن قضى فترة طويلة بعيدة عنه، إذ بدأ بإعداد التجهيزات والتحضيرات والتي أعدها على وجه الخصوص من أجل إعادة اكتشاف البلد الذي شعر بفقدان الاتصال به بعد ما عاش لفترة طويلة في مدينة نيويورك وسافر بعد ذلك إلى دول أوروبا والتي قضى فيها ما يقارب العشرين عام.

وفي ذلك الوقت كان الكاتب في مرحلة متقدمة من العمر، إذ كان في الثامنة والخمسين من العمر، وقد كانت تلك الأحداث تدور في سنة 1960، وفي تلك الأثناء كانت مسيرته الأدبية على وشك الانتهاء، لكنه شعر أنه حينما ألف كتب تحدث فيها عن الولايات المتحدة الأمريكية وشعبها أنه تطرق للحديث عن أمور لم يكن على علم بها على الاطلاق، وقد كان من وجهة نظرة أن ذلك الأمر جريمة بالنسبة إلى أي كاتب.

ومنذ ذلك الوقت قرر أن يقوم بشراء شاحنة بيك أب من طراز جي إم سي، وأطلق عليها اسم روثينا، وقام حينها بإضافة العديد من التجهيزات لتهيئتها بالمعدات اللازمة للتخييم من أجل الرحلة، وفي اللحظات الأخيرة قرر المؤلف أن يرافق الكلب الخاص بزوجته والذي يبلغ من العمر عشرة سنوات، والذي بدوره كان يتحاور معه حول الكثير من الأفكار كوسيلة لاستكشاف أفكاره الخاصة، وقد عزم على البدء في الرحلة بعد ذكرى عيد العمال، حيث بدأ بانطلاقته من بيته الصيفي الموجود في مدينة ساغ هاربور والتي تقع في الجزء الشرقي من مدينة لونغ آيلاند.

لكن مما جعلته يتأخر عن موعد رحلته إلى ما يقارب أسبوعين هو حدوث إعصار دونا الذي أصاب منطقة لونغ آيلاند بشكل مباشر، حاول جاهداً المحافظة على قاربه أثناء مرور الإعصار، وحسب وصفه تلك المحاولة ساهمت إلى حد كبير في إثارة حالته الذهنية وتفكيره، وهذا الأمر قد دفع به وشجعه على الإصرار في السير في تلك الرحلة الطويلة الشاقة، ولكنها كانت تغمرها الطموح والشغف للتعرف على البلاد.

وفي الجزء الثاني من الرواية تطرق الكاتب للحديث عن الرحلة وسفره الطويل بواسطة قاربه الصغير الذي انتقل به من مدينة لونغ آيلاند إلى مدينة كنيتيكيت، وأثناء تلك الرحلة كان قد تجاوز العديد من قواعد الغواصات البحرية المتواجدة في مدينة لندن ولكنها كانت تابعه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان في ذلك المكان كانت تتمركز مجموعة من الغواصات النووية، وفي تلك الأثناء توجه الكاتب إلى البحار التي تتمركز بها غواصة نووية.

وفي تلك اللحظة كان قد أوضح الكاتب إلى حالة الاستمتاع التي شعر بها أثناء انغماسه في تلك الوظيفة؛ وذلك لأن الغواصات كانت توفر جميع أشكال المستقبل، ومن هنا أوضح الكاتب حالة القلق التي شعر بها حول المستقبل، كما أشار إلى التغيرات السياسية التي قد تحدث بالإضافة إلى التكنولوجيا المتسارعة، كما تحدث عن حالة التبذير التي تعيشها المدن والمجتمعات الأمريكية، وقد كان قد سلط الضوء على كميات المخلفات والفضلات الكبيرة الناتجة عن كل المنتجات المعبأة.


شارك المقالة: