يُعتبر الكاتب والأديب إيفان غونشاروف وهو من مواليد دولة روسيا من أهم وأبرز الكُتاب الذين لمعوا وبرزوا في القرن الثامن عشر، حيث أنه صدر عنه العديد من الأعمال الأدبية المميزة، ومن أهم وأكثر الروايات التي حققت شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية هي رواية أبلوموف، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على نشرها سنة 1859م.
نبذة عن الرواية
كانت قد تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول شخصية رئيسية ومركزية بين أحداث الرواية ويدعى أوبلوموف، وقد تم تصويرها على أنها التجسيد النهائي للرجل الزائد، وقد اعتبرت الشخصية بمثابة رمز مهم في الأدب الروسي في القرن التاسع عشر، حيث كانت الشخصية عبارة عن رجل نبيل وشاب كريم، ولكنه ما كان يبدو أنه غير قادر على اتخاذ أهم قرارات حياته بنفسه أو القيام بأي من الأعمال المهمة التي كانت تُعطى إليه.
إذ كان شخصية لا تعرف سوى التقاعس والتكاسل، وبقي على طول الوقائع والأحداث يتحرك من على سريره في غرفته، وأبعد مكان كان يصله هو التجول في أرجاء الغرفة الخاصة به، وقد كان أول تحرك له من السرير بعد مرور ما يقارب على الخمسين صفحة من الرواية، وقد كان في وقتها تمكن فقط من الانتقال من سريره إلى كرسي، وقد اعتبر الكِتاب من قِبل النقاد والأدباء إلى أنه بمثابة هجاء من المثقفين الروس؛ ولذلك لأنها أثرت العديد من شخصياتها على اللغة والثقافة في دولة روسيا.
أول ما فكر الكاتب حين عزم للمرة الأولى في كتابة الرواية المنوط بها كان ذلك الوقت في منتصف الأربعينيات من القرن التاسع عشر، وقد كان ذلك بعد مرور فترة وجيزة من نشر روايته الأولى التي تحمل عنوان قصة مشتركة في سنة 1849م، حيث كتب حلقة من رواية غير مكتملة تحت عنوان حلم أوبلوموف، وفي ذلك الوقت تم نشرها كقصة قصيرة، وقد نُشرت في إحدى المجلات الأدبية التي تعرف باسم المجلة الأدبية سوفريمينيك، ولكن في ذلك الوقت كان الكاتب قد بدأ للتو في كتابة روايته بشكل كامل ومفصل، وتم نشر الرواية بالكامل بعد مرور ما يقارب على عشر سنوات من تأليفها.
رواية أبلوموف
في البداية كانت تركز أحداث ووقائع الرواية على حياة إحدى الشخصيات الرئيسية وهو شاب يدعى أوبلوموف، وقد كان ذلك الشاب هو أحد أعضاء الطبقة الوسطى العليا وابن أهم أعضاء طبقة النبلاء التي تعود أصولها إلى دولة روسيا في القرن التاسع عشر، وقد كانت من أهم الصفات التي يتميز بها أبلوموف هي موقفه الخمول والكسل تجاه الحياة، وقد كان يحول أبلوموف هذه الصفة إلى شكل فني، حيث يقوم بإدارة أعماله اليومية وهو متمدد على سريره.
وفي الجزء الأول من الرواية وفي صباح أحد الأيام بينما كان ذلك الشاب في سريره تلقى رسالة من مديره في العمل والذي كان يقيم في بلدة تعرف باسم حوزة، وقد أوضح مديره أن الوضع المالي آخذ في التدهور وأنه ينبغي عليه القدوم إلى زيارته؛ وذلك من أجل اتخاذ مجموعة من القرارات المهمة، لكن أبلوموف كان بالكاد يتمكن من مغادرة غرفة نومه، فكيف له أن يقوم بزيارة ورحلة توازي ما يقارب على الألف ميل.
وهنا عاد أبلوموف وأكمل نومه ولم يهتم بما قاله المدير، وفي الحلم شاهد بعض المشاهد والأحداث من طفولته، حيث كان طفل مدلل لا يُطلب منه أبداً العمل أو أداء أي من الواجبات المنزلية، كما كان والديه يخرجانه باستمرار من المدرسة؛ وذلك من أجل قضاء الإجازات والرحلات أو لأي أسباب تافهة، ومن جهة أخرى كان أحد أصدقائه المقربين والذي يدعى أندريه والمولود من أب ألماني وأم روسية، قد نشأ في بيئة صارمة ومنضبطة، ولهذا كان على الدوام متفاني في عمله ويعمل بجد.
وفي نهاية الجزء الأول زار أندريه صديقه الكسول وأيقظه من نومه، ومع سير أحداث الرواية قدم أندريه صديقه إلى إحدى الفتيات الشابات والتي تدعى أولغا، وفي تلك الأثناء وقع الشاب الكسول في حب وعشق أولغا، ولم يلبث طويلاً حتى عرض عليها الزواج، ولكن بعد موافقة أولغا على عقد للخطوبة سرعان ما تراجعت وألغت حفل الزفاف؛ وذلك بسبب رؤيتها لامبالاته وخوفه من المضي قدمًا والذي كان كبير للغاية ويسيطر عليه بشكل كبير، كما أنه كان يواصل تأخير زفافهما ويتجنب باستمرار ترتيب شؤونه.
وفي الجزء الثاني من الرواية رأى الشاب الكسول أنه تعرض للخيانة والخداع مرات عديدة من قبل أحد أصدقائه الذي يدعى تاراتيش، وكان على الدوام يشتكيه إلى سيدة تدعى وإيفان وقد كان صديقه شقيق صاحبة الأرض التي يقيم عليها، ولكن إيفان كانت كذلك تتعامل معه بذات الطريقة، وفي تلك الأثناء يتعين على صديقه أندريه إصلاح الضرر الذي كان يقع في كل مرة، وفي المرة الأخيرة انتهى الأمر بأبلوموف أن يصبح في حالة فقر ذريعة؛ وذلك لأن تاراتيش وإيفان كانا على الدوام يبتزانه في كل مكان يلتقون به بين العقارات الريفية، والتي استمرت لأكثر من سنة قبل أن يكتشف أندريه الموقف ويقوم بتبليغ وتهديد إيفان بأنه سوف يوصل الأمر إلى مشرفه.
وفي تلك الأثناء غادرت أولغا خطيبة الكسول في السابق دولة روسيا هناك أول ما قامت به هو زيارة مدينة باريس، وهناك اصطدمت بأندريه مرة أخرى من جديد في الشارع، ومنذ تلك اللحظة يبدأن الاثنان في علاقة غرامية إلى أن ينتهي بهما الأمر إلى الزواج، وفي النهاية كان لا يتمكن لأي شخصية من بين الشخصيات حتى أبلوموف أن يمر بمراحل الحياة بدون لحظة واحدة على الأقل من امتلاك الذات والهدف، وأخيراً حينما وصل سلوك وتصرف تاراتيش في النهاية إلى أدنى مستوى، في ذلك الوقت واجهه أبلوموف وقام بصفعه وطرده من المنزل.
وفي لحظة ما قبل وفاته زاره أندريه، والذي كان قد وعد زوجته بمحاولة أخيرة من أجل إعادة صديقه الكسول إلى العالم، وخلال تلك الزيارة اكتشف أندريه أن صديقه قد تزوج من صاحبة الأرض الأرملة إيفان وقد أنجبا طفلاً اسموه أندريه على ذات اسمه، ومن هنا أدرك أنه لم يعد يرغب في إصلاح صديقه الكسول بعد ذلك وغادر المكان، يقضي الكسول بقية حياته مع إيفان، كما تستمر رعايته والاعتناء به من قِبل إيفان حيث اعتاد على أن يقوم أحدهم على الاعتناء به منذ أن كان طفلاً، فلا تُعِد سوى الطعام الذي يحبه، وباستمرار كانت تطمأن فيما إذا كان هناك أي شيء يقلقه، وأخيراً كان توفي الشاب الكسول وقد حقق رغبته في النوم إلى الأبد، وهنا تبنى أندريه ابنه بعد وفاته.