رواية ابنة القس - A Clergyman's Daughter Novel

اقرأ في هذا المقال


تُعد الرواية من الروايات التي صدرت عن الكاتب والأديب جورج أورويل وهو من مواليد دولة الهند، ولكنه قضى حياته في مملكة بريطانيا، وقد صدر عنه العديد من الأعمال والمؤلفات الأدبية الشهيرة، حيث لاقت استحساناً واسعاً حال صدورها، ومن أهم وأبرز الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية هي رواية ابنة القس، والتي صدرت في الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، كما تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية العالمية، وقد تم العمل على إصدارها سنة 1935م.

نبذة عن الرواية

تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول إحدى الفتيات التي انقلبت حياتها رأسًا على عقب بعد ما أصيبت بحالة ونوبة من فقدان الذاكرة، وقد اعتبرت الرواية من قِبل الأدباء والنقاد من أولى الروايات التجريبية للكاتب، وهي تحتوي على فصل مكتوب بالكامل بالصيغة الدرامية، ولكن الكاتب قد أعرب عن عدم رضاه عنها بشكل مطلق، وقد أمر بالتوقف عن طباعتها بعد مماته، وعلى الرغم من تلك التعليمات، إلا أنه وافق على طباعة نسخ رخيصة من أي كتاب من شأنه أن يجني بعض الأموال والنقود إلى الورثة عقب وفاته.

أول ما بدأ الكاتب في تأليف الرواية كان في منتصف شهر يناير من عام 1934، وختمها في الثالث من شهر أكتوبر من العام ذاته، وبعد أن وضع النهاية والخاتمة هلا أرسل بها إلى الوكيل المعتمد لديه وهو ما يدعى ليونارد مور، ثم بعد ذلك رحل إلى مدينة ساوثولد، حيث كان هناك منزل والديه؛ وذلك من أجل العمل بدوام جزئي في مكتبة الواقع في منطقة هامبستيد، وبعد إجراء العديد من التعديلات على الرواية في اللحظات الأخيرة؛ وذلك خشية من دعاوي التشهير، تم نشرتها من قِبل إحدى دور النشر التي تعرف باسم دار غولنتش في الحادي عشر من مارس 1935م.

كانت الفتاة والتي تدعى وروثي هير هي فتاة عانس، حيث كانت تبلغ من العمر في ذلك الوقت التاسعة والعشرين، كانت تعيش حالة فريدة من نوعها لا تعيشها أي فتاة في ذلك الوقت من عمرها، حيث تفتقر القدرة والإمكان من توجيه حياتها من جميع النواحي بنفسها، بل اعتمدت على الآخرين من حولها في توجيهها في الحياة، إلى أن ينتهي بها الحال إلى أن تصبح ضحية في مختلف جوانب الحياة، وقد كانت تعتمد وروثي بشكل كامل على والدها في توفير مسكن لها، ثم بعد والدها كانت تعتمد على إحدى صديقاتها المقربات والتي تدعى نوبي في توفير سبل الحياة المعيشية والتوجيه.

ثم بعد ذلك في حال رغبت في شيء ولم تجد والدها أو صديقتها كانت تلقي بمسؤوليتها وتلجأ إلى زملائها في العمل من أجل توفير الطعام في حقول الجنجل، ثم لجأت في كثير من الأحيان إلى ابن عم والدها من أجل توفير فرصة عمل لها، وفي أغلب الأوقات كانت تلجأ إلى سيدة تدعى كريفي التي أتاحت لها من خلال مدرستها وظيفة واحدة فقط من أجلها، وفي النهاية كانت تعتمد على شخص يدعى السيد ويربتون، والذي بدوره ساعدها على العودة لمنزلها.

شخصيات الرواية

  • السيد تشارلز: هو والد وروثي يعمل كاهن ورجل دين، ولكنه كان يتم وصفه بأنه شخص أناني، إذ لا تظهر روحانيته أو عطاءه إلا بصفة رسمية فقط، وقد كان يعتقد أن التجار وطبقة العمال هم جميعهم أدنى منه في المكانة والمنزلة الاجتماعية، ويأبى أن يدفع لهم المال، على الرغم من أنه كان يمتلك مخزون متضائل من النقود، حتى انتهى به الحال بأن يصبح رجل تكبس عليه الديون من جميع الجوانب.
  • السيد ويربتون: رجل أعزب ودود ولطيف كان باستمرار مرتاح البال ويبلغ من العمر الثالثة والأربعين، أنجب ثلاثة أطفال من زواج غير شرعي من عشيقته صاحبة الأصول الإسبانية والتي تدعى ولورس، ولهذا كان يراه الناس أنه شخص عديم الأخلاق.
  • السيدة كريفي: وهي إحدى السيدات التي كانت تملك مدرسة صغيرة تتصف بالعديد من الصفات السيئة مثل اللؤم والشح والتمييز، وهي تنتشي انتصاراتها الصغيرة على حساب غيرها.
  • الفتاة وروثي: وهي فتاة في سن متأخر من العمر لم تتزوج على الاطلاق، وقد كانت عديمة المسؤولية والاعتماد على نفسها.

رواية ابنة القس

في البداية تدور الوقائع والأحداث في الرواية حول الشخصية الرئيسية وهي فتاة تدعى وروثي، حيث أن تلك الفتاة في أحد الأيام تضطر بحكم الأحوال والأوضاع المادية التي تعيشها إلى العمل بجهد مفرط للغاية، وقد كان ذلك الأمر له انعكاس كبير على صحتها وجسدها ونفسيتها، ففي جميع المجالات تجبرها الأجور الضئيلة التي تحصل عليها إلى التقيد بوظيفتها المضنية وحياة الخضوع والتبعية، وقد أراد الكاتب في الرواية المنوط إليها أن يشير إلى القوى المنهجية التي يتم فرضها كسلاسل للعبودية والخضوع في كل بيئة تحيط بالفتاة من جميع الجوانب المهنية.

وقد كان قد استغل الكاتب المساعي التي تقوم بها الفتاة والتي كانت في العديد من الأحيان مساعي خيالية في نقد بعض المؤسسات بحد ذاتها، ففي بعض الأحيان كانت حين تقوم وروثي بحصد حقول الجنجل، وهنا كان قد انتقد المؤلف الأسلوب الذي تتم به خفض أجور العاملين بشكل ممنهج مع قرب موسم الحصاد، كما انتقد الأجور المتدنية التي تفرض منذ بداية الموسم، كما تطرق الكاتب إلى وصف الحياة التي يعيشها العامل اليدوي، ومن خلالها تناوله إلى حالة الإرهاق والتعب والمشقة المستمرة والتي بدورها كانت تقضي على كافة إمكانية الاعتراض على أحوال العمل القاسية.

كما صوّر الكاتب كذلك الإحساس بالنشوة الغريبة التي تصيب العامل بعد الانتهاء من يوم طويل وشاق من العمل اليدوي، حيث خاض في وصف موقف العمال الموسميين والذين كانوا باستمرار يتعهدون بعدم العودة لذات العمل في العام المقبل، وبطريقة أو بأخرى يتناسون المصاعب والمتاعب التي واجهتهم ويتذكرون المظاهر الإيجابية فقط مع مرور بقية العام، حتى ينتهي بهم المطاف في ذات العمل مرة أخرى من جديد.

وتطرق الكاتب في العديد من الجوانب إلى انتقاد نظام المدارس الخاصة في إنجلترا التي شهدها في عهده، إذ كتب نقد مطول يقارب على الصفحتين، إذ وصف من خلاله كيف أفسدت المصالح الرأسمالية نظام المدارس وجعلته عبث وعديم الفائدة، حيث أظهر هجومه من خلال توجهها نحو الدوافع التجارية، وقد برز ذلك في مقولة إحدى شخصيات الرواية وهي سيدة تعرف باسم السيدة كريفي، حيث قالت: لا آبه بتنمية عقول الأطفال، بل جلّ ما أريده هو المال فقط.

وقد تجلى ذلك الأمر في تحيزها الصريح والواضح إلى صالح الأطفال الأثرياء، وإهانتها واستهزائها بالأطفال الفقراء، إذ كانت تقدم قطع اللحم الجيدة لأطفال الأثرياء والأغنياء، وقطع اللحم الدهنية لأطفال متوسطي الحال والدخل، بينما تحكم على أطفال الفقراء بحقائب الغداء ذات اللون البني، وتجعلهم يأكلون في غرفات الدراسة البعيدة عن بقية الأطفال.


شارك المقالة: