رواية اعتراف - A Confession Novel

اقرأ في هذا المقال


الكاتب والفيلسوف ليو تولستوي هو من أكبر المؤثرين في الأدب، حيث أنه صدر عنه عدد لا بأس به من الأعمال الأدبية، كما أنه عرف عنه بأنه مفكر أخلاقي وداعي للسلام ومصلح اجتماعي وله تأثير كبير في المجتمع، ومن أكثر أعماله الأدبية التي حققت شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية هي رواية اعتراف، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على إصدار الرواية سنة 1882م.

نبذة عن الرواية

في البداية كانت قد تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول موضوع الفلسفة والدين والسوداوية، وقد مضى تولستوي في كتابة تلك الرواية ما يقارب عام كامل، وقد كان ذلك الوقت في الخمسينات من عمره، حيث تطرق الكاتب إلى وصف حالة الصراع التي كان يعيشها مع أزمة منتصف العمر بعد أن أرهقه التفكير في الوجودية، إذ عزم على وصف البحث الذي كان يجريه للحصول على الإجابة عن سؤال يتعلق مفهومة بالفلسفة المطلقة ألا وهو المعنى الحقيقي للحياة وخلق الكون، وبما أن الموت هو من الأمور المحتومة على مختلف فئات المجتمع في كافة أنحاء العالم، وما دفع بالمؤلف التطرق إلى هذا الموضوع بالذات هو أن الحياة قد أصبحت مستحيلة بالنسبة إليه، جراء عدم وصوله إلى أي جواب حول ذلك السؤال.

رواية اعتراف

بدأت وقائع وأحداث الرواية حول إحدى الخرافات التي نسبت إلى المجتمع الشرقي وهي ما تعرف باسم التنين في البئر، حيث أن في تلك الخرافة تمت مطاردة أحد الوحوش إلى رجل، إلى أوصلت تلك المطاردة بالرجل إلى السقوط في بئر، وقد كان يوجد في أسفل البئر تنين، ولكن من حسن حظ الرجل أنه لم يصل به الأمر إلى السقوط إلى قاع البئر، إذ تمسك الرجل بأحد الأفرع التي كان يقيم به اثنين من الفئران.

وقد كان الفأر الأول ذو لون أسود، بينما الفأر الثاني كان ذو لون أبيض، وقد اختار الكاتب هذا اللونين دوناً عن غيرهم في إشارة منه إلى الليل والنهار والمسيرة الزمنية المتواصلة، وقد كان قريب من ذلك الفرع خلية نحل، اقترب الرجل منها قليلاً وتمكن الرجل من لعق قطرتين من العسل، وتلك القطرتين أشار بهم الكاتب إلى تجسيد حبه العميق لعائلته وتعلقه بالكتابة والتأليف، وفي تلك الأثناء أوضح أنه توقف عن الإحساس بحلاوة وطعم العسل؛ وذلك لأن متيقن من أن الموت هو من الأمور الحتمية والسنن الكونية التي لا مفر منها.

ومن هنا بدأ الكاتب للمضي في وصف أربعة من المواقف المحتملة حول تلك القضية، حيث يتمثل الموقف الأول في الجهل من وجهة نظرة، فقد أوضح أنه إذا كان الإنسان غافل عن حقيقة أن الموت هو من الأمور القريبة جداً منه، فإن بذلك يعتقد أن الحياة تصبح من الأمور الدائمة والمستمرة، وهنا تكون مشكلته الشخصية هي في أنه جاهل وغافل، فإن الموت وليس الحياة هو من الأمور الدائمة، إذ لن يكون هناك عودة من الموت بعد إدراكه لحقيقته.

ثم بعد ذلك انتقل الكاتب إلى الاحتمال الثاني وهو ما وصفه بالأبيقورية، والتي تمثلت في أن يدرك الشخص تمام الإدراك أن الحياة في الحقيقة فانية وليست من الأمور الخالدة، وأنه يمكن للمرء أن يتمتع بالوقت الذي يملكه فيها، وفي هذا الاحتمال صرح الكاتب أن مشكلة الإنسان في هذا الأمر نابع ويعتمد بشكل أساسي على الجانب المعنوي، وقد ذكر أن الأبيقورية قد تكون من الأمور الجيدة والسليمة بالنسبة إلى الأقليات والذين يمكنهم تحمل عيش حياة بسيطة، ولكن هنا أوضح أنه يتوجب على الإنسان يمتلك القناعة التامة والأخلاق الحميدة؛ وذلك حتى يتمكن من تجاهل حقيقة أن الغالبية العظمى من الأشخاص لا يتمكنون من الوصول إلى تحقيق الثروة اللازمة للعيش هذا المستوى من الحياة.

وقد قال تولستوي بعد الحديث عن الاحتمالين السابقين، أن الرد الصريح والصادق والذي يواكب العقل والمنطق والفكر من وجهة نظرة هو الانتحار، وهنا تساءل في مواجهة منه إلى حتمية الموت أنه لماذا الانتظار؟ لماذا يتظاهر الإنسان بهذا الفيض من الدموع عند تفكيره في الموت، في حينما يمكن للمرء أن يقتصر كافة الأمور في فعل شيء واحد ومحدد؟ وحول ذلك الأمر وصف نفسه بأنه جبان إلى حد كبير، حيث أنه لا يمكنه الإقدام على الانتحار.

وفي متابعة هذا الأمر من الناحية الأكثر منطقية، أوضح إلى أنه كل ما على الإنسان فعله هو اللجوء إلى الخيار الثالث والذي يتمثل في التمسك بالحياة على الرغم من كل تلك الأمور التي مضت، حيث أن الحياة على الرغم من سخافتها، إلا أن الإنسان في حقيقة الأمر غير مستعد أو غير قادر على فعل أي شيء آخر غير ذلك، ولذلك بدأ أن الأمر ميؤوس منه تمامًا على الأقل بدون وجود الله.

وهنا انتقل الكاتب للحديث حول مسألة وجود الله، وبعد أن دخل في حالة من اليأس جراء محاولاته للحصول على إجابات في الحجج الفلسفية الكلاسيكية في وجود الله ،والتي تجسدت في الحجج الكونية والتي تؤكد وجود الله، وقد بنى ذلك على الحاجة لإسناد سبب أساسي إلى وجود الكون، كما دار الحديث حول تأكيد أكثر غموض وبديهية لوجود الله، إذ قال حول ذلك الأمر إنه بمجرد أن يردد الإنسان لعبارة الله هو الحياة، فإنه يصبح للحياة معنى آخر، وقد فسر هذا الإيمان على أنه عبارة عن قفزة كيرغياردية.

وقد أشار جموع من الأدباء إلى أن وصف تولستوي في الواقع أكثر ما يكون مائل إلى نظرية المجتمعات الشرقية لماهية الله، كما أوحى إلى أن تعريف وجود الله في الحياة يرتبط إلى حد كبير بوجود خاصية ميتافيزيقية أحادية أو شاملة إلى الأديان المتبعة في المجتمعات الشرقية، وقد كان السبب في أن الحجج التي توافق المنطق قد وصل في النهاية إلى تعزيز وتأكيد فكرة وجود الله، كما أشار الكاتب من خلال العنوان الأصلي للرواية إلى هذا الحد من الاعتراف بوجود الله.

وأن الحياة لا يمكن أن تسير من دون وجود الله، وأكبر دليل على ذلك هو خلق هذا الكون دون أي خلل أو نقصان، فعلى العكس من ذلك تميز بالإبداع والإتقان، وقد اختار الكاتب الخاتمة التي تصف الحلم الذي بقي يراوده طوال الفترة الزمنية الماضية، إلى أن انتهى به الأمر إلى ختم الرواية، وقد أوضح الكاتب إلى أن تلك الرواية قد أحدثت تغير شخصي خاص به، كما أكد أنه مر بعملية تغير شخصية فكرية وروحية جذرية.


شارك المقالة: