رواية البيت الصامت - The Silent House Novel

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الكاتب والأديب أورهان باموق وهو من مواليد تركيا، من الروائيين الذي ركزوا في مضمون رواياتهم على الحديث عن التيارات السياسية التي كانت برزت في دولة تركيا آنذاك، ومن الروايات التي ركز فيها على هذا الموضوع هي رواية البيت الصامت، ونظراً لنشر الرواية في البداية في اللغة التركية، فقد أول روائي تركي يحصل على جائزة نوبل في مجال الأدب، ثم بعد ذلك تمت ترجمتها إلى اللغة الفرنسية.

نبذة عن الرواية

كانت تدور أحداث الرواية في الفترة الواقعة ما بين الستينات والسبعينات، وحاول الكاتب من خلال الرواية أن يقوم بإسقاط الازدواجية في الدولة التركية العلمانية التي كانت تظهر بسبب تنوع التيارات السياسية، كما أظهر الطريقة التي يفكر بها كل طرف من تلك الأطراف والحصارات التي كانت تواجه سكان المدن في ذلك الوقت.

رواية البيت الصامت

في البداية دارت وقائع وأحداث الرواية حول إحدى العائلات التي تقطن في إحدى المدن القريبة من مدينة إسطنبول، حيث عاش في منزل عائلة صغيرة مكونه من رجل ذو قوام قصير وسيدة تدعى فاطمة التي كانت مشهورة بتشددها والتزامها مع التيار الإسلامي في ذلك الوقت، وفاطمة لديها الكثير من الذكريات التي لا تكاد تفارق خيالها مع زوجها الذي كان يعرف باسم صلاح الدين والتي سردتها في الرواية، فقد كان زوجها من مناصرين التيار العلماني، كما كان من طموحاته أن يقوم بتأليف موسوعة شاملة للاكتشافات التي تدعم فكره العلماني.

حكت فاطمة عن صلاح الدين أنه كان حينما ينهض كل صباح يردد جملة: كل يوم هو عالم جديد يا فاطمة، العالم مثلنا يولد كل صباح، وأنه جراء ذلك التفكير كان يثور انفعاله ويستيقظ قبل أن تشرق الشمس، فقد كان يعتقد أن كل شيء سوف يكون جديد يرى ويقرأ ويتعلم ما لم يعلمه من قبل، فقد كان هذا الشعور يقفز به من السرير ويهرع لرؤية أشعة الشمس المشرقة ومشاهدة النبات من حوله وهي تتغير وتكبر، ثم بعد ذلك سرعان ما يدون تلك الأمور، وقد كان يسأل زوجته على الدوام أنها لماذا لم تشعر بذات الشعور، فقد كان يتمنى أن يصبح مثل الفيلسوف والعالم تشارلز داروين، لكنه ينبذ المجتمع الشرقي لآنه من وجهة نظره هو من لا يسمح له أن يصبح مثله.

وقد كان الشخصية رجب شخصية مهمة في الرواية، فهو كان ابن غير شرعي من زوج السيدة فاطمة إثر العلاقة التي أقامها في يوم من الأيام مع خادمة من أصول يهودية، فهو كان إنسان مسالم لا يبدي أي رأي ولا يتدخل في أي أمر، فقد كان على الدوام شخص مسالم نظراً لطبيعة العلاقة التي تربطه بالعائلة، فيقوم بتقديم الرعاية الكاملة للسيدة فاطمة وخدمتها، لكن كان كل منهما يتخذ الحذر بشكل كبير من الآخر، فقد كان دائماً يذكر فاطمة بالعلاقة التي أقامها زوجها مع الخادمة.

كانت السيدة فاطمة تشعر بالملل كثيراً مما يجعلها تفكر في أمور تافهة من حولها وتستذكر كيف كان زوجها تثير دهشته مثل تلك الأمور، ففي أحد المرات نزلت من سرير نومها وجلست بهدوء على طاولة المنزل وتتمعن في إبريق الشاي كيف له أن ينجح الماء أثناء غليانه بالوقوف فيه دون أن يفور، وكأنها دهشت من ذلك الأمر، لكنها لا تستطيع التفكير بذات الطريقة التي كان يفكر صلاح فيها.

فقد كان صلاح خلال سنوات حياته متأثر بشكل كبير في العالم الغربي، كما أنّ السيدة فاطمة أفكار زوجها تحدث لديها أرق، كما أنّه لم تقوى في أي يوم من الأيام على التكيف والحياة بشكل بسيط مع ابن زوجها رجب، إلى أن جاء الوقت التي كبر أحفادها وبدأوا بزيارتها بين كل حين وآخر، وتحول ذلك البيت من بيت صامت لا صوت له إلى بيت صاخب لا يهدأ الضجيج فيه أبداً، لكنها لم تقوى على الانخراط في الحديث والكلام معهم، فقد أثاروا السخرية حول جدتهم والعبث بأشيائها وممتلكاتها ويدلون بأسئلتهم الهزيلة لها.

كان الأحفاد عبارة عن ثلاثة أشخاص، وكل شخص منهم كان ذو فكر واتجاه مختلف عن الآخر، والأول يدعى فاروق وهو تشبه شخصيته إلى حد كبير شخصية والده وجده، فهو يسير على خطاهم، ويعزم على العديد من المحاولات في البحث حول الموسوعة التي عمل والده على تأليفها وقام جده بحرقها حتى يتحرر من آثامه، فقد كان يريد فاروق أن يقوم بربط الحاضر مع الماضي القديم.

والشاب الثاني كان يعرف باسم متين وهو يعمل في مهنة أستاذ مدرسة في مجال الرياضيات، وقد كان يرغب في إحدى الفتيات التي تمتلك ثراء كبير غنية وتتميز بحسن الجمال، حينها تبدأ أحلامه تدور حول المال وكيف له أن يصبح ثرياً، وهذا ما يجعله يفكر في مسألة بيع المنزل الذي تعيش فيه الجدة فاطمة، وعندما يقوم بطرح الفكرة على الجدة تتصاعد حدة الحديث بينهم، وفي ذلك الوقت تتظاهر الجدة بالنوم وتركه لوحده ممّا جعله يقوم بالبكاء ومن ثم الغضب لينتهي به الأمر بقول عبارة: لماذا مات أبي وأمي وعشتي أنتِ.

الشخصية الثالثة من الشباب كانت فتاة تعرف باسم نيلفون وهي كانت تمثل وتنتمي بشكل كبير إلى التيار الشيوعي لم ينسب لها أي حدث في الرواية، فهي كانت تنغمس في قراءة ومطالعة الكتب، كما كانت رؤوفة للغاية مع الجدة ورجب، كما كانت مميزة بنعومتها وجمالها حتى أعجب بها شخص يعرف باسم ابن إسماعيل شقيق رجب، إذ كان صديق الطفولة، وهو يعمل كبائع لليانصيب، وقد كانت توجهاته تميل نحو التيار القومي التركي الذي كان يحارب تيار الشيوعية ويتصاعد بشكل سريع في ذلك الوقت.

حسن كان من الشخصيات المتقلبة، إذ تجده في بعض الأحيان ينغمر ويهيم في مشاعر مفعمة في الحب والعشق إلى درجة عميقة جداً، ومن جهة أخرى تجده يثور على الأوضاع السائدة في ذلك الوقت، وأحياناً أخرى يغرق في عالم من التخيلات والأحلام، فدائماً يتهيأ له أنّه سيد ذو قيمة ومنزلة عالية في المجتمع وأنه يمتلك مصنع ويمتلك الكثير من الأموال والثروة.

وقد كانت طريقة في العشق غريبة لنيلفون، حيث سعى في أحد المرات لسرقة مشط شعرها حتى يبقى يشتم رائحتها، ويبقى على الدوام بمراقبة جميع تحركاتها وتصرفاتها وسلوكياتها، وفي كثير من الأحيان كان يتسلل إلى غرفتها الخاصة؛ ليطلع على طبيعة حياتها، فهو لا يقوى على نسيان التفكير بغيرها، إلى أن وصل في أحد الأيام وعلم أنها تتبع إلى التيار الشيوعي، مما يجعله يقدم على ضربها بقوة وقسوة وينهي علاقته بها إلى الأبد.


شارك المقالة: