رواية الجنرال في متاهته

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر الرواية من أكثر الروايات التي حققت شهرة واسعة للمؤلف والأديب غابرييل غارثيا ماركيث، وهو من مواليد دولة كولومبيا، حيث أنّ الرواية ناقشت مواضيع واقعية وحقيقية، وقد تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تم العمل على نشرها سنة 1989م.

نبذة عن الرواية

تمحورت أحداث الرواية في منتصف القرن الثامن عشر، وعلى وجه التحديد في المرحلة الأخيرة من الحملة الأولى للتأكيد على استقلال أمريكا اللاتينية عن دولة إسبانيا، وعلى ذكر هذا الجزء من التاريخ فقد حصلت معظم دول أمريكا اللاتينية على استقلالها سوى دولة كوبا وبورتوريكو فقد ظلوا تحت سيطرة إسبانيا، وبعد مرور عقود قليله من وصول شخص يدعى كريستو بال كولون إلى سواحل ما تعرف في الوقت الحالي باسم فنزويلا وعلى وجه التحديد في سنة 1498م أصبحت أمريكا الجنوبية من الدول المحتلة بالفعل من قِبل إسبانيا والبرتغال، ومع بداية القرن التاسع عشر أثرت العديد من العوامل على المستعمرات الإسبانية وأول تلك العوامل هو الاحتلال الفرنسي لإسبانيا من قبل نابليون بونابرت في عام 1808م، والذي به تنازل كارلوس الرابع عن العرش، كما تخلى فيرناندو السابع عن حقوقه في ميراث الحكم وصعود خوسي بونابرت إلى عرش إسبانيا.

وفي ذلك الوقت كانت المستعمرات التابعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية منعزلة بشكل كامل عن دولة إسبانيا، وعلى الرغم من جميع ما حصل، فقد تسببت الثورة الفرنسية في إلهام العديد من سكان أمريكا الجنوبية من أصل إسباني بأن يغتنموا فرصة ضعف إسبانيا، وعلى إثر ذلك أصبحت أمريكا الجنوبية يتم تولي أمور الإدارة فيها من قبل مجالس مستقلة وحكومات ذاتيه للمستعمرات، ومع بداية القرن التاسع عشر كان هناك العديد من المحاولات للتحرر من سيطرة إسبانيا عليها، بزعامة بوليفار في شمال أمريكا الجنوبية.

حيث فاز هو وحركات التحرر التي تنادي بالاستقلال في معارك عديدة في فنزويلا ونويباجرانادا والإكوادور وبيرو وأصبح حلمه بأن يكون هناك وحدة بين كافة بلدان أمريكا اللاتينية، والذي كان على وشك أن يتحقق، وبعد وقت قليل نالت كل المستعمرات استقلالها، إلا أن المشاكل قد بدأت في جميع العواصم، كما أن حدث في الغالبية العظمى من المناطق حروب أهلية، ولهذا خسر بوليفار العديد من أنصاره، وزاد معارضيه كرئيس سنة 1830م، وبعد مرور ما يقارب الحادية عشر سنة من الحكم تخلى عن منصبة كرئيس لكولومبيا العظمى.

رواية الجنرال في متاهته

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية باستخدام التصريف الثالث للفعل مع مجموعة من الأحداث التي تتميز بخاصية الرجوع للزمن الماضي في بعض الوقائع التي تتعلق بحياة شخص يدعى سيمون بوليفار، حيث بدأت رحلته في منتصف القرن الثامن عشر في مدينة سانتا في دي بوجوتا، وقد بدأ الجنرال يعد إلى رحلته من مدينة كارتاخينا دي إندياس باتجاه الدول الأوروبية، وقد كان ذلك بعد أن تخلى عن منصبه كرئيس لدولة كولومبيا العظمى، وبعد أن تخلى عن كونه رئيساً للبلاد، قام العديد من أبناء وطنه الأحرار برسم جرافيت معادي له وألقوا به في مجموعة من صناديق القمامة العامة.

وفي تلك الأثناء كان الجنرال حريص على الرحيل من تلك البلاد بأكملها، ولهذا كان جنرال يدعى دومينجو كايثيدو وهو نائب الرئيس المنتخب حريص كل الحرص على أن يوفر للجنرال جواز سفر خاص به من أجل الرحيل، وهنا ترك الجنرال عاصمة كولومبيا التي تعرف باسم بوجوتا في يد مجموعة من الموظفين المخلصين والأوفياء والذين كانوا محل ثقة بالنسبة له مثل رجل يدعى خوسي، وفي نهاية الفصل الأول من الرواية تتم مناداته الجنرال باسمه الكامل دون أي اسم تكليفي يسبق اسمه، وفي أول ليلة من الرحلة أتجه الجنرال وهو يحيط به موكبه إلى مدينة فاكاتاتيبا برفقة الجنرال المخلص وخمسة أشخاص آخرين من معاونيه، وقد اتضح أثناء الرحلة أن الجنرال بدأ يفقد مكانته المرموقة ونفوذه، كما أن حظه المتعثر والسيء قد فاجأه.

إذ أتلف المرض حول جسده بالكامل وقد أوصل به إلى درجة لا يمكن لأحد التعرف عليه، وقد كان باستمرار يحدث خلط بين الجنرال وأحد معاونيه، وبعد إجراء العديد من المحاولات من قِبل الجنرال وفريقه تمكنوا من الوصول إلى مدينة أوندا، وهناك نظم شخص يدعى بومادا وهو حاكم الولاية، احتفال على شرف وصول الجنرال، وقد كان ذلك الاحتفال لمدة ثلاثة أيام متواصلة، وفي الليلة الأخيرة للجنرال في أوندا التقى مع إحدى صديقاته القدامى والتي تدعى ميراندا، والتي كانت في تلك الأثناء تنتظره حتى وقت متأخر من رجوعه، وحين التقى بها تذكر الجنرال بأن منذ ما يقارب الخامسة عشر عاماً كان هناك مؤامرة مدبرة ضده وأن ميراندا هي من أنقذته.

وفي صباح اليوم التالي استكمل الجنرال رحلته والتي كانت عبر نهر ماجدالينا، وفي ذلك الوقت كان ضعيف الجسد ولكن كبريائه منعه من إظهار أي شكل من أشكال الألم، فعلى سبيل المثال كان لا بد له من كرسي متحرك، ولكنه رفض استخدامه بسبب كبريائه، وحين وصل إلى مدينة بويرتو ريال مكث مع حاشيته هناك ليلة، حينها أشار الجنرال أن هناك امرأة تغني، ولكن معاونيه والحاشية لم يعثروا على أي امرأة تغني، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الجنرال بدأ بحالة من الهذيان، ثم بعد ذلك وصل الجنرال وحاشيته إلى مدينة مومبوكس، وهناك لم يتعرف عليه أحد من رجال الشرطة في البداية وطلبوا منه رؤية جواز سفره، ولكنه لم يكن لديه واحد آنذاك، وحينما تعرفوا عليه رافقوه للداخل كرئيس لدولة كولومبيا، وهناك جهزوا جموع من ولائم على شرفه، ولكنها كانت تلك الولائم صغيرة؛ وذلك بسبب فقدانه للشهية.

وبعد بضعة أيام أكملوا سفرهم إلى مدينة تورباكو، وهناك قضوا ليلة واحدة في مدينة بارانكا الجديدة، وقد كان الترتيب والتخطيط كالآتي بأن يمضي في طريقه متوجه إلى كارتاخينا، ولكن لم تكن في ذلك اليوم هناك بواخر جاهزة للأبحار اتجاه الدول الأوروبية بشكل مباشر، كما أنه لم يكن يمتلك جواز سفر، وأثناء إقامته في تلك المدينة تلقى العديد من الزيارات من جنرال يدعى ماريانو وآخرون، وقد أصبحت حالته الصحية في تدهور أكبر، حتى أن أحد الزوار وصفه وجهه بالرجل الميت، كما التقى في مدينة بتورباكو بجنرال يدعى دانييل فلوريثي، والذي بدوره حصل منه على كمية من المعلومات حول الدسائس السياسية، التي كان يقوم بها رجل يدعى خواكين موسكيرا، والذي كان يطلق عليه لقب وريث رئاسة كولومبيا العظمى الذي جمع السلطات.

ولكن في ذلك الوقت لم تعد شخصيته وهيبته مرموقة كما كان معروف عنه في السابق في مدينة كارتاخينا، وفي ذلك الوقت تذكر الجنرال بأن حلمه بدأ في الانهيار في ذات اليوم الذي فيه أكتمل حلمه، وبعد مرور يومين حصل الجنرال على جواز سفره وأتجه هو ومن معه إلى ساحل كارتاخينا، وبعد وصولهم إلى هناك نظموا العديد من الاحتفالات على شرفه، وفي معظم الأوقات كان محاط بجموع من النساء، ولكن حالته الصحية كانت ضعيفة ولم يقيم معهن أية علاقات، وحينما علم الجنرال بمقتل أعز أصدقائه والذي يدعى ماريسكال دي كامبو سوكري خلال إحدى الكمائن، شعر بالحزن الشديد، حيث كان الصديق المفضل لديه والذي من المفروض أن يكون الخليف الواعد إلى رئاسة البلاد.

وبعد أيام وجيزة أخبر أحد معاوني الجنرال بأن شخص يدعى رافاييل تلقى بعض البلاغات عن قيام العديد من المظاهرات والثورات التي تطالب بعودة ورجوع الجنرال إلى استلام الحكم، وهنا سافر الجنرال إلى مدينة سوليداد، حيث مكث هناك قرابة الشهر، وفي ظل تدهور حالته الصحية ولأول مرة وافق توقف المسير ولم يرحل الجنرال أبداً عن أمريكا الجنوبية، وانتهت به الرحلة في مدينة سانتا مارتا وهو متدهور صحياً برفقة معاونيه وطبيبه الخاص، ومات فقيراً وهو من كان الرجل الذي حرر القارة بأكملها.


شارك المقالة: