اشتهرت الأديبة والكاتبة أجاثا كريستي في مجال الأدب الإنجليزي، حيث أنها صدر عنها مجموعة كبيرة من الروايات والقصص القصيرة، وقد اعتبرها الأدباء والنقاد أنها من رائدات الأدب، إذ نالت مؤلفاتها شهرة واسعة حال صدورها، ومن أبرز الروايات التي اشتهرت بها وحققت نسبة مبيعات عالية على مستوى العالم هي رواية الرحلة المجهولة، والتي تمت تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما أنها تُرجمت إلى العديد من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد كانت كريستي من الأديبات التي حصدت العديد من الجوائز العالمية المشهورة كتكريم لها على الإبداع الذي تميزت به.
نبذة عن الرواية
تم تصنيف الرواية من قِبل الأدباء والنقاد على أنها تحت تندرج تحت مسمى روايات أدب الجاسوسية، وقد تم العمل على نشرها للمرة الأولى في المملكة المتحدة من قِبل نادي كولنز للجرائم سنة 1954م، وبعد عام نشرت في الولايات المتحدة من قِبل دار دود وميد للنشر ولكنها كانت تحمل عنوان مختلف، إذ صدرت بعنوان الكثير من الخطوات إلى الموت، وحينما تمت ترجمت الرواية إلى اللغة العربية كانت تحمل العديد من العناوين، ففي البداية كانت تحمل عنوان وجهة المجهول، ثم بعد ذلك حملت عنوان الطائرة المفقودة، وفي أحيان أخرى الطائرة الضائعة، ولكن في النهاية تم اعتماد عنوان الرحلة المجهولة.
رواية الرحلة المجهولة
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية والتي كانت تتمحور حول إحدى السيدات التي تعرف باسم هيلاري، وقد كانت تلك السيدة محبطة وبائسة من الحياة بأكملها، حيث أنها كانت تعيش حياة مأساوية، إذ كانت زوجة مهجورة من قِبل زوجها، كما أنها كانت أم مكلومة على أبنائها، وقد كانت باستمرار تفكر بالانتحار والتخلص من تلك الحياة المؤلمة، وفي أحد الأيام وبصدد تخطيطها إلى كيفية القيام بالعملية الانتحارية في أحد الفنادق التي تقع في دولة المغرب، حيث كان مكان إقامتها، يقدم إليها أحد العملاء السريين والذي يدعى جيسوب.
إذ كان ذلك الرجل يعمل لصالح دولة بريطانيا، وحين يجتمع بها يطلب منها أن تتولى أمور مهمة خطرة وحساسة كانت قد أوكل إليه القيام بها، وأوضح إليها أنه عوضاً عن قيامها بتناول جرعة زائدة من الحبوب المنومة، أن تقوم بتولي المهمة بنفسها والاستفادة منها، وبناءً على المعطيات التي قدمها لها العميل وافقت على القيام بتلك المهمة، وتلك المهمة تتمثل في انتحال شخصية سيدة، وتلك السيدة هي زوجة لشخص يدعى توماس بيترتون.
وقد كان توماس من أشهر العلماء والمستكشفين في عالم النوويات، حيث أن ذلك العالِم قد اختفى منذ فترة، ومن المرجح أن يكون قد توجه ولجأ إلى الاتحاد السوفييتي، وبينما تنخرط في الشخصية سرعان ما تجد نفسها بين مجموعة ضخمة وغير متجانسة من المسافرين الذين يتم نقلهم إلى وجهة غير معروفة، كان قد أشار لها العنوان الذي تم كتابته لها على ورقة.
وبينما كانت تسير في الرحلة يتضح لها أن الوجهة التي تنتقل إليها هي عبارة عن منشأة تختص بالأبحاث العلمية، والتي كانت سرية ومموهة للغاية، إذ كانت تبدو وكأنها على شكل مصحة تختص بمرض الجذام ومركز مخصص في الأبحاث الطبية، وهذا المركز يقع في موقع نائي في جبال الأطلس، والحياة التي يعيشها العلماء في ذلك المركز كانت حياة جيدة، كما أنهم كانوا يتلقون معاملة ممتازة.
ولكن على الرغم من كل ما يتلقونه لا يسمح لهم على الاطلاق مغادرة المنشأة أو المركز، حيث أنهم يتم احتجازهم وحصارهم داخل مناطق سرية في أعماق الجبل، وكلما جاء أحد المسؤولين أو الحكوميين أو زوار لهم علاقة أو صلة تربطهم بالعلماء من الخارج يتم احتجازهم معهم إلى الأبد، وحين وصول السيدة هيلاري كريفين تنجح في أداء دور أوليف زوجة العالِم بيترتون، والذي كان في ذلك الوقت في حالة مزرية ويتوق إلى الفرار والهروب بأيّ طريقة كانت.
وخلال تلك الزيارة تكتشف هيلاري أن تلك المنشأة كانت في الأساس قد بنيت على يد أحد الأشخاص والذي يدعى السيد أريسياي، حيث أن ذلك الرجل كان يمتلك ثروة طائلة، ولكنه في ذات الوقت كان إنسان لا يخلو من النذالة والمطامع، إذ أنه على الرغم من توفر جميع متطلبات الحياة له والأموال الهائلة، إلا أنه كان باستمرار يسعى إلى تحقيق المزيد، فمن أجل أهداف مالية أكثر مما هي أهداف سياسية قام على إغواء أفضل العلماء الموجودين على مستوى العالم، وعلى وجه الخصوص الشباب منهم وجذبهم نحو المركز من خلال اعتماده على أسلوب الخداع والمكر؛ وذلك من أجل التمكن في ما بعد من بيع الخدمات والإنجازات والإبداعات التي يقومون بها واستغلالها من جديد لصالح حكومات العالم ومؤسساته.
وقد كان كل ذلك من أجل الحصول على أرباح طائلة وهائلة، إذ أن كان الجشع والطمع يسيطر على أريسياي، ولكن ما حدث بشكل غير متوقع هو أنه حين التقت السيدة هيلاري مع أحد العلماء الشباب والذي يدعى أندرو، هو أنها وقعت في حبه وعشقه، وقد كان أحد الشباب الذي تنحدر أصوله من الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كان شاب لطيف ووسيم وله شخصية جذابة، حيث أنه كان ضمن المجموعة التي رافقتها أثناء رحلتها إلى المركز.
كانت السيدة هيلاري طوال الطريق في الرحلة تترك في كل مكان علامة ودليل على سيرها من ذلك الاتجاه، وقد كان ذلك ما ساهم إلى حد كبير في تتبع سيرها ومعرفة المكان التي سوف تصل إليه بسهولة، وعلى أثر ذلك يستطيع جيسوب في نهاية المطاف من تحديد الموقع الذي وصلت إليه، ومن هنا يتشارك مع مجموعة من الأشخاص على إنقاذها من يد السيد أريسياي، بالإضافة إلى أنه قام بتخليص العلماء المحتجزين في تلك المنشأة، كما يتبين أن الشاب الوسيم أندرو كذلك هو يسير من أجل ذات المهمة ولكن من قِبل مصادر وأشخاص آخرين، حيث أن مهمته كانت تركز على تسليم العالِم بيترتون إلى وجه العدالة والقانون؛ وذلك لأنه هو من كان قد قام بجريمة قتل زوجته الأولى.
وحينما يتم اعتقال بيترتون يتم التوصل إلى أنه في الحقيقة عدا أنه قام بجريمة قتل أنه يقوم بالكثير من عمليات النصب والاحتيال، حيث أنه يقوم بانتحال الكثير من الأعمال العلمية التي لا تعود ملكيتها له، وفي النهاية بعد إتمام المهمة لم تعد السيدة هيلاري ترغب في الانتحار، وإنما تحولت إلى إنسانة ترغب بالاستمرار في الحياة، إذ عزمت هي والسيد أندرو في إقامة حياة خاصة مشتركة تنعم بالحرية والاستقلالية المشتركة بينهم.