منهج الخداع ومنهج التحكم في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يحتاج البحث النفسي الاجتماعي للعديد من المناهج العلمية التي يعتمد عليها في الدراسات القوية للعديد من المفاهيم والعمليات النفسية، ومن هذه المناهج منهج الخداع ومنهج التحكم في الوصول لأفضل معلومات وأفضل نتيجة.

منهج الخداع في علم النفس الاجتماعي:

الخداع هو أسلوب منهجي في علم النفس الاجتماعي، حيث لا يكون المشارك فيه على دراية كاملة بالأغراض والأهداف المحددة للدراسة أو يتم تضليله كجزء من الدراسة، قد يحدث نوعان رئيسيان من منهج الخداع في البحث النفسي الاجتماعي التجريبي والتي يمكن توضيحها من خلال ما يلي:

1- منهج الخداع التضليلي:

يقوم الباحث بتضليل المشارك عمدًا عن بعض جوانب الدراسة، على سبيل المثال قد يخدع الباحث الراغب في دراسة كيفية استجابة الأشخاص للتعليقات الصحية السلبية المشاركين بإخبارهم أن اختبار اللعاب الذي أجروه يشير إلى أنهم قد يكونون مصابين بمرض، في حين أن الاختبار في الواقع كان مجرد تلاعب يستخدم لخلق استجابة عاطفية.

2- منهج الخداع بحذف المعلومات:

يحذف الباحث بعض المعلومات مثل عدم إخبار المشاركين بأن دراسة تكوين علاقة مع شخص غريب مثلاً تتعامل بالفعل مع تفاصيل التفاعلات بين الأعراق، حيث يعتمد هذا النوع من الخداع على فكرة أن بعض العمليات النفسية قد تكون متحيزة إذا كان المشارك على دراية بالطبيعة الدقيقة للدراسة.

الشكل الشائع لمنهج الخداع لا يكشف تمامًا عن الطبيعة الحقيقية للدراسة حتى تنتهي، وهنا قد تتسبب معرفة أغراض الدراسة في جعل المشاركين يتصرفون بطرق أقل من تلقائية وقد يؤدي إلى تحيز النتائج، بالإضافة إلى ذلك قد لا يكون الغريب في الدراسة مشاركًا آخر على الإطلاق، بل قد يكون عضوًا مدربًا في فريق البحث النفسي، وتتمثل مهمته في توجيه التفاعل بناءً على نص وتقييم المشارك الفعلي.

في هذا النوع من منهج الخداع لا يتم تضليل المشاركين لكنهم لا يدركون تمامًا الأغراض المحددة للدراسة، من الصحيح أن المشارك كان يتفاعل مع شخص آخر، حيث حدث الخداع لأن الشخص الآخر لم يكن مشاركًا آخر بل كان عضوًا في فريق البحث، وكان التفاعل محددًا مسبقًا بواسطة نص تجريبي، ففي هذه الحالة وحالات أخرى يمكن غالبًا رؤية الخداع في قصة الغلاف للدراسة، والتي توفر للمشارك تبريرًا للإجراءات والتدابير المستخدمة.

الهدف النهائي من استخدام منهج الخداع في البحث النفسي التجريبي هو التأكد من أن السلوكيات أو ردود الفعل التي لوحظت في بيئة المختبر الخاضعة للرقابة أقرب ما يمكن لتلك السلوكيات وردود الفعل التي تحدث خارج بيئة المختبر.

منهج الخداع والأخلاق في علم النفس الاجتماعي:

نظرًا لأن الحصول على موافقة مستنيرة من المشاركين يمثل مسؤولية أخلاقية للباحثين في علم النفس، يمكن اعتبار الخداع تهديدًا للطبيعة المستنيرة للموافقة، لهذا السبب لا يمكن استخدام الخداع إلا في ظروف معينة، وشروط هذه الظروف هي أنه لا توجد طريقة أخرى غير مستقبلة لدراسة ظاهرة الاهتمام، وتمتلك الدراسة مساهمات كبيرة، ولا يُتوقع أن يتسبب الخداع في ضرر كبير أو ضائقة عاطفية شديدة.

عند استخدام منهج الخداع تقع على عاتق المجرب مسؤولية استخلاص المعلومات الكاملة للمشاركين في نهاية الدراسة من خلال شرح الخداع نفسه، بما في ذلك الأسباب التي كانت ضرورية والتأكد من عدم تعرض المشاركين لأذى عاطفي، وفي بعض الحالات، يمكن للمشاركين في استخلاص المعلومات أن يزيد في الواقع ضرر الخداع من خلال جعل المشاركين يشعرون بالخداع من خلال الإشارة إلى العيوب المتصورة.

ومع ذلك فإن استخلاص المعلومات الشامل الذي يخفف من الضيق ويفسر الخداع عادة ما يكون كافياً، بحيث يجب أن توافق لجان المواد البشرية أو مجالس المراجعة المؤسسية، والتي تشمل الباحثين والمحامين الذين يراجعون الأبحاث ويوافقون عليها في مؤسسة ما، على استخدام الخداع للتأكيد على أنه ضروري وأن هناك خطة لاستخلاص المعلومات من المشاركين لإزالة الآثار المتبقية من الخداع.

تاريخ منهج الخداع في علم النفس الاجتماعي:

يمكن ربط استخدام منهج الخداع بأقدم التجارب في علم النفس الاجتماعي، لكنه بدأ بشكل جدي بعد الحرب العالمية الثانية عندما بدأ علم النفس الاجتماعي في الازدهار، وفي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي تضمنت العديد من أشهر دراسات علم النفس الاجتماعي وأهمها الخداع.

أحد الأمثلة الشهيرة هو دراسات ستانلي ميلجرام للطاعة التي قيل للمشاركين فيها إنهم سيوجهون صدمات كهربائية قوية لمشارك جالس في الغرفة المجاورة، لم يتم التعامل مع الصدمات مطلقًا، على الرغم من أن الشخص الآخر الذي كان متحالفًا وكان رد فعله كما لو كان كذلك، نتيجة لانتقادات هذه الأنواع من الدراسات تميل كل من نوع وكمية الخداع المستخدم في دراسات علم النفس الاجتماعي الحالية إلى أن تكون أقل تطرفًا.

منهج التحكم في علم النفس الاجتماعي:

يفتقر منهج التحكم في التصميم التجريبي في علم النفس الاجتماعي إلى أي معالجة أو تقويم للمتغير المستقل، حيث يعمل الأشخاص المعينون في المجموعة الضابطة كأساس للمقارنة للأشخاص في الحالة التجريبية، وكل شيء في منهج التحكم هو نفس الظروف التجريبية باستثناء أن المتغير المستقل غائب أو ثابت، بافتراض أن المجموعات كانت متكافئة قبل العلاج فإن أي اختلافات بين منهج التحكم والمنهج التجريبي يمكن أن تعزى إلى تأثير المتغير المستقل.

أدلة منهج التحكم وانعكاساته في علم النفس الاجتماعي:

تم تصميم شرط أو منهج التحكم ليكون معادلاً للحالة التجريبية باستثناء المتغير المستقل الذي يكون غائبًا أو ثابتًا في ظروفه العادية، وبالتالي فإن شرط التحكم يوفر أساسًا للمقارنة، حيث يقوم الباحث بتقييم تأثير المتغير المستقل من خلال مقارنة النتائج تحت الظروف التجريبية والضابطة.

على سبيل المثال إذا كان على الباحثين تصميم دراسة تجريبية لاختبار تأثير الموسيقى الصاخبة على أداء الاختبار، فسيكون الطلاب الذين لم يستمعوا إلى الموسيقى الصاخبة في المجموعة الضابطة، حيث يمكن للباحثين مقارنة درجة الاختبار للطلاب الذين استمعوا إلى الموسيقى الصاخبة مع الطلاب في المجموعة الضابطة لتحديد ما إذا كان للموسيقى الصاخبة تأثير على درجات الاختبار.

ليست كل التصميمات في المنهج التجريبي لها شروط تحكم، ومع ذلك من المفيد تضمين شرط تحكم لتحديد تأثير الإجراء خارج تأثير المتغير المستقل، وذلك عند الوضع في الاعتبار تصميم تجربة يختبر فيها الباحثين فعالية نوعين مختلفين من الأدوية في تخفيف الصداع، سيتم تقسيم المشاركين الذين يعانون من الصداع إلى مجموعتين حيث تحصل كل مجموعة على نوع واحد من الأدوية، وبعد ساعة سيطلب الباحث من المشاركين تقييم فعالية دواء الصداع.

من هذا التصميم يمكن للباحثين تحديد ما إذا كان أحد الأدوية أكثر فعالية من الآخر، ومع ذلك لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كان أي من هذه الأدوية أكثر فعالية من عدم وجود دواء على الإطلاق، ومن المحتمل أن مجرد الاعتقاد بأن الشخص قد تناول دواء الصداع يمكن أن يخفف الألم، إذا قام الباحثين بتضمين منهج تحكم في هذا التصميم التجريبي، فيمكنهم إجراء هذه المقارنة، ويمكن تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات مع مجموعتين تتلقى أدوية مختلفة للصداع ومجموعة واحدة تتلقى علاجًا وهميًا.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: