رواية الطفل الأخضر The Green Child Novel

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الكاتب والمؤرخ هربرت ريد وهو من مواليد مملكة بريطانيا العظمى من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، حيث اعتبر من أهم الفلاسفة في ذلك القرن، ومن الأعمال الأدبية التي صدرت عنه هي رواية الطفل الأخضر، والتي تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.

رواية الطفل الأخضر

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية ضمن ثلاثة أجزاء رئيسية، ولكن في الجزء الأول والثالث كان الكاتب قد استخدم صيغة الغائب، بينما الجزء الأوسط استخدم صيغة المتحدث، حيث بدأت الأحداث سنة 1861م في ذات التاريخ الذي توفي فيها الرئيس المزعوم والذي يدعى أوليفر، إذ أنه كان رئيس دكتاتوري لإحدى الجمهوريات التي تعرف باسم جمهورية كونكادور التابعة لأمريكا الجنوبية، وقد كان ذلك الرئيس قد افتعل قصة اغتياله من تلقاء نفسه، ففي أحد الأيام رجع إلى بلاده إنجلترا وعلى وجه التحديد إلى القرية التي ولد وتربي فيها في الصغر، ولكن في ذات الليلة التي وصل بها إلى القرية لاحظ الرئيس أن تيار السيل الذي يمر من قريته يبدو أنه يتدفق إلى الجهة الخلفية، ولهذا عزم على متابعة سير منبع الماء؛ وذلك حتى يكتشف السبب خلف ذلك.

وبينما كان يسير في ذات طريق المجرى المنبع وصل به الطريق إلى طاحونة تعرف باسم طاحونة والتر رأي، والتي شاهد من خلال نافذة مطلة عليها مضاءة سيدة مقيدة بكرسي، وفي تلك اللحظة كان يجبرها شخص يعمل كطحان على شرب جرعة من دم يعود إلى حمل مذبوح، وهنا قفز أوليفر من خلال النافذة والتي كانت في تلك الأثناء مفتوحة، ولم يبدي الطحان أي مقاومة للرئيس وقد سمح له بإطلاق صراح تلك السيدة والتي تدعى سالي، وقد كانت تلك السيدة هي من ضمن طفلين كانا قد جاءا إلى القرية منذ زمن في ظل ظروف غامضة في ذات اليوم الذي غادر فيه الرئيس القرية منذ ما يقارب على الثلاثين عام.

وهنا كان قد تعرف الرئيس على الطحان الذي يدعى نيشوا، حيث كان زميل سابق للرئيس في ذات المدرسة التي تعلم فيها الرئيس، وهنا كان قد دار بينهم عراك وعلى أثره غرق نيشوا في البركة التابعة للطاحونة عن طريق الخطأ، وفي صباح اليوم التالي استمر كل من الرئيس والسيدة سالي في التحقيق والسعي من أجل اكتشاف جهة سير التيار، وهناك كانت توجد بركة في أحد المستنقعات الموجودة في أعلى القرية، وقد كانوا يجدفون مياهها، وفي تلك الأثناء غرقت سالي في القاع، وحينها هرع إليها أوليفر وبدءا سوياً في الغرق في ماء البركة.

وفي الجزء الثاني من الرواية كان قد تطرق الكاتب للحديث عن مغادرة أوليفر للقرية حينما كان مدرس شاب وكيفية عودة لها إليها كرئيس سابق، إذ أنه في البداية سافر أوليفر إلى مدينة لندن على أمل منه في الحصول على عمل كمحاسب، ولكن بعد مضي ما يقارب على الثلاث سنوات قضاها في العمل كمنظم حسابات في أحد المتاجر التي تعمل في مجال الحباكة والخياطة، وفي أحد الأيام قرر أن يعبر على متن إحدى السفن المتوجهة إلى مدينة قادس التابعة إلى دولة إسبانيا، ولكن في تلك الفترة كان لا يستطيع التحدث باللغة الإسبانية، ولكن كان بحوزته كتاب يعود لفولتير وقد ساعده في لك الأمر.

ولكن ما حدث في ذلك الوقت هو أنه تم القبض عليه على أنه من ضمن الثوريين الذين كانوا مشتبه بهم، ولهذا تم احتجازه لمدة تقارب على العامين، وأثناء تلك الفترة تعلم اللغة إسبانية من زملاءه في السجن وعزم على الانتقال إلى إحدى المستعمرات الأمريكية، حيث إمكانية إقامة عالم جديد خاص به خال من قهر وظلم العالم القديم، وبالفعل بعد أن خرج أوليفر من السجن جراء عفو صادر شق طريقه إلى إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة بوينس آيرس، ومن هناك تم ضمه بالخطأ إلى جماعة على أساس أنه أحد وكلاء الثورة وهناك قابل عدد من القيادين التابعين إلى جيش رونكادور.

وبعد اجتماعهم سوياً قرروا تحييك مؤامرة من أجل الاستيلاء على عاصمة البلاد واغتيال حاكمها الديكتاتوري، وبالفعل نجحت تلك المؤامرة ووجد أوليفر نفسه زعيم على هذه الجمعية، وقد كان ذلك الأمر قد جعل منه إنسان ديكتاتوري جديد للبلاد، وقد تولى هذا المنصب لمدة تقارب على خمسة وعشرين عام، وفي النهاية أدرك أوليفر أن الأسلوب الذي يتبعه في الحكم قد قاد البلاد إلى حاله من الركود والانعدام الأخلاقي، وهنا بدأ يشعر بالشوق والحنين إلى قريته الإنجليزية حيث مسقط رأسه، ولهذا عزم على الفرار متمنيًا بذلك تجنب أي شبهة عن فراره من رونكادور فافتعل قصة اغتياله ووفاته.

وفي الجزء الأخير من الرواية بدأت بمشهد اختفاء أوليفر وهو برفقة السيدة سالي تحت ماء البركة، حيث أنه في ذلك الوقت كانت هناك أشكال عديدة من الفقاعات التي تحيط بهم، وهناك انتقلوا إلى مركز البركة إذ صعدت بهم إلى أحد الكهوف الكبيرة ومن هناك مضوا قدمًا سيرًا على الأقدام عبر سلسلة من الكهوف المحيطة به، وهناك أخبرت سالي أوليفر أن تلك القرية هي ذات القرية التي غادرتها مع شقيقها منذ ما يقارب الثلاثين عامًا، وفي تلك القرية سرعان عرفوها شعبها واستقبلوها بكل حفاوة وترحيب.

وقد أوضحت أنها لعدة أعوام مضت كانت تتعجب من حالها وتشعر بالضياع، ولكنها في الوقت الحالي كذلك عادت برفقة شخص ضائع ويرغب في الإقامة معهم وقد رحب به المجتمع، وهنا نادى أوليفر بتحقيق التقدم والنهوض من أقل مستوى إلى أعلى المستويات، وقد كان يشير في المستوى الأول يرغب في تعليم متعة الشباب والمستوى الثاني التعليم حول متعة العمل اليدوي، والمستوى الثالث وهو المستوى الأعلى ويتحقق فيه أعلى المتع، وهو ما أشار به العزلة الفكرية.

وحينما باشر أوليفر في المستوى الأول سرعان ما تعب منه، وفي ذلك المستوى ترك سالي خلفه وسرعان ما انتقل إلى المستوى الثاني وبدأ فيه تعلم كيفية تقطع البلورات الامعة وقد كانت تلك البلورات من أفخم أنواع البلورات في عالم الجوفيات، وفي نهاية المطاف سمح له بالانتقال إلى أعلى المستويات وهي ما كانت المرحلة الأخيرة من الحياة إذ بدأ فيها تعليم المبادئ الأساسية للكون، إذ أشار إلى النظام والفوضى.

وقد أوضح أن النظام هو مليء بالفراغ، أما بالنسبة للفوضى فهو تلك المساحة الفارغة التي تسببها الحواس والتي بدورها تقتصر على خلق نوع من أنواع الوهم، وفي النهاية اختار أوليفر أحد الكهوف من أجل قضاء فيه ما تبقي من حياته لوحده؛ حتى يتأمل في الجمال الطبيعي والمطلق للبلورات، وبقي على هذه الحال إلى أن توفي هو وسالي في ذات اليوم وتم ووضعهم في أحواض متحجرة من اللون الأخضر أن أصبحا أخيراً جزء من ذات البلورة.


شارك المقالة: