تُعتبر المؤلفة والأديبة إيما دونوغيو وهي من مواليد جمهورية إيرلندا من أهم الكاتبات اللواتي برزن في القرن التاسع عشر، حيث أنه صدر عنها العديد من القصص القصيرة والروايات التي تمت ترجمتها إلى العديد من اللغات العالمية، كما تم تجسيدها في أفلام سينمائية كثيرة، ومن أبرز الروايات التي اشتهرت بها هي رواية الغرفة، وقد تم العمل على إصدار الرواية في سنة 2010م، وقد اعتبرت الرواية من أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية بين غيرها من الروايات حال صدورها.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية في موضوعها الحديث عن أحد الأطفال الذي ما زال في مرحلة الطفولة، إذ أنه يبلغ العمر ما يقارب الخمس سنوات، حيث أنه يتم سرد أحداث الرواية من منظور هذا الطفل الذي يسمى جاك، إذ أن جاك كان مأسور برفقة أمه في إحدى الغرف الصغيرة جداً، وقد كان ذلك الأسر من قِبل شخص يسمى تشارلز، كانت الرواية قد تأهلت للفوز بالعديد من الجوائز العالمية ومنها جائزة مان بوكر.
رواية الغرفة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول الحياة التي كان يعيشها طفل مع والدته في إحدى الغرف التي كانت صغيرة الحجم، حيث أن تلك الغرفة كانت وحيدة ولا يوجد أي غرف من حولها، كما أنها كانت محصنة من جميع الجهات، إذ لا تحتوي سوى على مطبخ في زاوية صغيرة جداً من الغرفة وحوض لاستحمام في الزاوية الأخرى، بالإضافة إلى جهاز تلفاز وخزانة وفراش، وقد كانت تلك الغرفة هي كل شيء يعرفه الطفل عن الحياة.
فمن وجهة نظره يعتقد أن هذه الغرفة وكل الأشياء الموجودة فيها وبداخلها هي الحياة الحقيقية، فهو لا يدرك أي شيء عن العالم الخارجي على الاطلاق، وأن كل ما كان خارج الغرفة هو بالنسبة إليه ليس حقيقي، كانت والدته تدرك وجهة نظر ابنها، لكنها لم تحاول في أي يوم من الأيام أن تصححها، إذ كانت لا ترغب في أن تخيب آمال جاك، كما أنها لا تريد أن تطلعه على حقيقة حياة خارجية ليس لديها القدرة في أن تمنحه إياها، لذلك كانت تؤكد عليه على الدوام أن العالم الخارجي يكمن فقط في ما يظهر في جهاز التلفاز، وكانت تبذل قصارى جهدها في أن تحافظ على جاك كإنسان سليم من ناحية الجسد وسعيد في حياته، وذلك من خلال التدريب البدني والعقلي والذهني الذي تعمله له.
لم يكن جاك في يوم من الأيام قد شاهد إنسان آخر على أرض الواقع سوى شخص يدعى تشارلز، فقد كان الشخص الوحيد الذي شاهده جاك ما عدا أمه، وقد كان تشارلز هو ذلك الشخص الذي يقوم بزيارة الغرفة فقط في معظم الأحيان أثناء الليل بينما يكون جاك نائم مختبئ في أحد ظرف الخزانة، كما كان تشارلز هو ذلك الشخص الذي يقوم بإحضار لهم كافة الضروريات والمتطلبات من طعام وشراب، ولكن كانت هناك حقيقة لا يعلم عنها جاك أي شيء على الاطلاق ولا حتى حاول إدراكها في يوم من الأيام، ألا وهي أن تشارلز قد قام بخطف والدته حينما كانت ما زالت في التاسعة عشرة من عمرها، حيث أنه وأبقاها أسيره وسجينة لديه لمدة سبع سنوات مضت، إذ كان يتناوب على مدار تلك السبع سنوات في الاعتداء عليها، وكما كان الطفل جاك ما هو إلى نتيجة لأحد الاعتداءات عليها.
وفي أحد الأيام وبعد مرور ما يقارب أسبوع على عيد ميلاد جاك الخامس، كانت قد علمت الأم أن تشارلز كان عاطل عن العمل منذ ما يقارب الست شهور الأخيرة، كما سمعت أخبار عن أنه معرض لخسارة بيته جراء أحد الرهانات التي قام بها مع أحد الأشخاص، وكانت والدة جاك متيقنة أن تشارلز سوف يقوم في أحد الأيام بقتلهم عوضاً عن إطلاق سراحهم هي وابنها.
ومنذ تلك اللحظة بدأت في التفكير في خطة محكمة وقوية من أجل أن تتمكن من إخراج ابنها جاك من تلك الغرفة، وقد فكرت في ذلك من خلال القيام بإقناع تشارلز أن جاك مصاب بوعكة صحية قوية جداً، كان جاك يرفض تلك الفكرة فهو لا يتصور أن يخرج يوم من الأيام من الغرفة وأن يقوم بالتفاعل مع أناس آخرين، لكن والدته حاولت إقناعه مراراً وتكراراً وصرحت له بأنها تطلب منه ذلك من أجل مساعدتها.
وفي تلك الأثناء رفض تشارلز تماماً أن يقوم بنقل جاك وأخذه إلى المستشفى، وهنا بدأت الأم تفكر في طريقة ما، إذ في تلك اللحظة تظاهرت والدة جاك أن ابنها قد مات، وهنا قام تشارلز بوضع جاك داخل سجاده من الغرفة ولفه بها، وبتلك الطريقة تمكن جاك من الهروب واللجوء إلى شخص غريب ودود ولطيف كان بالقرب منهم؛ وذلك من أجل أن يقوم بالتواصل مع الشرطة كما أوصته والدته، وبالرغم من عدم مقدرة جاك على التواصل مع الآخرين بشكل بليغ، إلا أنه تمكن من دلّ الشرطة على الغرفة التي تقطن به والدته؛ وذلك من أجل تحرير والدته.
وبالفعل في تلك الأثناء سرعان ما تم أخذ جاك ووالدته ونقلهم إلى أحد مستشفيات الأمراض العقلية، وهناك تلقوا كشف طبي كامل، بالإضافة إلى مكان للعيش المؤقت، ثم بعد ذلك تم القبض على تشارلز وتوجيه له مجموعة من التهم العديدة ومن ضمن قائمة التهم هو القيام بخطف والاعتداء على والدة جاك، بالإضافة إلى تعريض حياة الطفل ما زال في مرحلة مبكرة من العمر للخطر، وتلك العقوبات قد أدت إلى إدانته بعقوبة سجن لمدة خمسة وعشرين عام.
وحينما كانت والدة جاك متواجدة في المستشفى تم جمع شملها مع أسرتها وبدأت تتعلم من جديد كيف تتعامل مع العالم الخارجي، بينما جاك كان مفزوع جراء التجارب والأشخاص الجدد الذين ظهروا في حياته، كما كان تفكيره في ذلك الوقت يتوجه نحو الأمان الذي كان يعيشه في تلك الغرفة.
وفي ذلك الوقت كانت قد أثارت قصة جاك ووالدته اهتمام كبير لدى العامة ووسائل الإعلام، وهذا ما جعل الأمر أكثر صعوبة على جاك ووالدته أن يبدآن في تشكيل حياة طبيعية خاصة بهم، وعلى أثر ذلك أصيبت والدة بانهيار عصبي وكما حاولت الاقدام على الانتحار بعد أن أجريت مقابلة تليفزيونية معها بشكل سيء للغاية، وحينها أُدخلت إلى المستشفى وانتقل جاك للعيش مع جدته، وحينما فقط الشعور بالأمان الذي كانت تمنحه إياه والدته أصبح يسيطر عليه اليأس والإحباط مما يدور من حوله، كانت عائلته الجديدة لطيفة، ولكنهم لم يدركوا كم أن جاك هو محدود الخبرة ويؤثر ذلك على سلوكه.
وبعد أن تعافت والدته انتقل جاك معها إلى سكن مستقل، حيث بدوا بالتخطيط إلى مستقبلهم، ويوماً عن يوم كان جاك يكبر ويتغير على وامتد إلى عالمه الجديد، وفي النهاية طلب جاك من والدته أن يقوم بزيارة الغرفة، وعاد مع أمه لها، ولكنه لم يعد يشعر بأي رابطة عاطفية تجاه المكان كما كان في السابق، إذ أصبح قادراً على توديع الغرفة للمرة الأخيرة.