تُعتبر أورسولا لي غوين وهي من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز الأديبات اللواتي ظهرن في القرن التاسع عشر، حيث أنه صدر عنها العديد من الأعمال الأدبية التي حصدت انتشار واسع حول العالم، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية هي رواية اليد اليسرى للظلام، والتي تم العمل على نشرها سنة 1969، وقد اعتبرها الأدباء والنقاد أنها تندرج تحت تصنيف روايات الخيال العلمي، كما حصلت على جائزتي السحابة الذهبية وهوغو.
رواية اليد اليسرى للظلام
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية في عالم من نسج خيال الكاتبة وقد أطلق عليه اسم عالم هين الخيالي، والذي قدمته الكاتبة في إحدى روايتها الأولى والتي تعرف باسم عالم رو كانون، وفي هذا التاريخ الخيالي لم يطرأ عليه أي من البشر في البداية ولم يكن على كوكب الأرض، ولكن على كوكب يعرف باسم كوكب هاجن، حيث استعمر سكان كوكب هاجن العديد من أنظمة الكواكب المجاورة في ذلك الوقت، بما في ذلك كوكب يعرف باسم كوكب تيرا والذي كان يطلق عليه في بعض الأحيان اسم وجيهين.
وما قبل مليون عام من بدء الرواية كانت بعض المجموعات من الكواكب قد تمت عليها زراعة الجينات، حيث أن الكواكب في تلك الأثناء كانت حقل للتجارب الجينية، بما في ذلك كوكب يعرف باسم جثيثين، وفي أحد الأيام فقدت الكواكب الاتصال ببعضها البعض؛ وذلك جراء العديد من الأسباب لم تفسرها المؤلفة، ومن هنا يبدأ في سرد أحداث الرواية شخص يدعى غين، حيث أنه لا يروي التاريخ الكامل لكوكب هين في وقت واحد، وعوضاً عن السماح للقراء بتجميعه مع بعضه البعض من أعمال مختلفة، تطرق لسرد الروايات والأعمال الخيالية الأخرى التي دارت أحداثها في كوكب هين، بالإضافة إلى الجهود المبذولة من أجل إعادة تأسيس حضارة المجرة.
وهنا أشار إلى أن المستكشفين استخدموا من هاجن وكذلك من الكواكب الأخرى مجموعة من السفن والمركبات الفضائية من أجل التجول والتنقل بين النجوم، وقد كانت تلك السفن والمركبات تسافر بسرعة الضوء، بينما يستغرق التنقل بين أنظمة الكواكب العديد من السنوات، بالرغم من اختصار الرحلة للمسافرين بسبب تمدد الوقت النسبي، كان يتم الاتصال الفوري بين النجوم عن طريق استخدام أحد الأجهزة التي يعرف باسم جهاز انيسبل، وهو أحد الأجهزة التي تم اختراعها خلال تسلسل الأحداث، وقد كان يطلق على هذه الحضارة المجرية باسم عصبة كل العوالم، وفي الأعمال المحددة مسبقًا في التسلسل الزمني للأحداث، والتي أعيد بناؤها تحت اسم يكومن.
وفي ذلك الوقت كان يكومن عبارة عن اتحاد يضم ما يقارب الثلاثة والثمانين عالم، وقد كان هناك يتم الاعتماد على بعض القوانين المشتركة، وبالإضافة إلى ذلك يتم استخدام تجربتين فكريتين، الأولى كانت عبارة عن فكرة أن جميع الأنواع البشرية لها أصل مشترك؛ حيث تم تصويرهم جميعًا على أنهم من نسل مستعمري كوكب هاجن الأصليين، بينما الفكرة الثانية كانت تلك التي تدور ضمن أحداث الرواية، والتي بدورها تشير إلى عدة قرون في المستقبل، ولكن لم يتم تحديد أو ذكر أي تاريخ محدد في الكتاب نفسه، وفي تلك الأثناء اقترح عدد من المراجعين لعام 4870 بعد الميلاد، بناءً على استقراء الأحداث في الكواكب الأخرى.
وقد كان بطل الرواية وهو المبعوث الذي يعرف باسم لي أي مقيم على أحد الكواكب الذي يطلق عليه اسم الشتاء وفي أحيان أخرى يعرف باسم جيهن يقوم بإقناع المواطنين بالانضمام إلى عالم يكومن الشتاء، كما كان يشير اسمه إلى أنه من أكثر الكواكب الباردة على الدوام، ولكن سكان كوكب جثيثين وهم من ثنائيي الجنس، أقاموا لمدة تقارب على الأربعة وعشرين يوماً، وقد أطلق على تلك الفترة اسم سومر في كارهي دش، وقد كان ذلك الاسم بلغة جينية.
وفي كل دورة قمرية والتي كانت مدتها ستة وعشرون يومًا يتكون كل من شخص يدعى أندروجين وآخر يدعى كامنين من الناحية الجسدية، وفي جميع أنحاء الرواية يتم وصف أي شخص مهما كان جنسه بـ (هو)، وهذا ما أدى إلى غياب للخصائص الجنادرية الثابتة كما تم تصوير جثين كأنه مجتمع بلا حرب، وأيضًا بدون أي نشاط كعامل مستمر في العلاقات الاجتماعية، وفي جثين يتشارك كل فرد مع الآخر في عبء تربية الأطفال.
وضمن سرد أحداث الرواية كان يتم التركيز على حاكم التحالف بين النجوم والذي يدعى جثين، حيث جاء في أحد الأيام إلى النجوم في فصل الشتاء القارس، في محاولة منه إلى إقناع دول الكواكب بالانضمام إلى التحالف، وهنا أراد الكاتب أن يشير إلى ثقافة فريدة من نوعها حول مجموعة من الأشخاص ليس لديهم أي هوية جنسية محددة، كما تتم مناقشة مجموعة من القضايا مثل الجنس والمجتمع والحياة، وقد كان من ضمن الأشخاص فتاة تدعى جين لي، وهي إحدى المناورات التي تم إرسالها من قِبل شخص يدعى كومان إلى مدينة جاسرون؛ وقد كان ذلك من أجل تشكيل تحالف مع الدول.
وفي ذلك الوقت كان لطالما سافر مجموعة من المراسلين من قِبل كومان كل واحد على حده، وكانوا قد تصرفوا بكل هدوء؛ وذلك من أجل تجنب الخوف من غزو الحضارة التي تم الاتصال بها حديثًا، وفي أغلب الأحيان كان يتم التشكيك في هوية المرسل بسبب أنه كيف يمكن لنجم الخارجي أن يقوم بقيادة أسطول نجمي والوصول إلى حيث يريد، والذي كان يتم برفقة العديد من أصوات قرع الطبول التي تحيط به، وعند الوصول إلى مملكة كالهيد التي زارها لي في السابق لم يتم حصوله على الثقة المطلقة، وبعد مرور ما يقارب عامين انتقل إلى إحدى الدول التي تم تحويلها من دولة تعرف باسم زيلي إلى دولة أخرى تحت اسم أرغو، وقد كانت من ضمن إحدى الدول الكبيرة والضخمة من ناحية السكان.
حيث تم الترحيب به في البداية بحرارة، ثم بعد ذلك شارك في الصراع السياسي المحلي، حيث كان في السابق سجين سياسي، ثم بعد ذلك تم إرساله إلى معسكر عمل، ومع كل ذلك ما زال هناك من يؤمن بلي، وفي تلك الأثناء كان هناك شخص يدعى سترافين، وهو رئيس الوزراء السابق إلى كالهيد والذي تم نفيه من قِبل الملك عن غير قصد من أجل مساعدة، وبعد أن تمكن من الهروب إلى مدينة أولغوك، وهناك تمكن من تقديم مساعدة إلى لي بعدة طرق.
كما تمكن من إنقاذه من معسكر العمل وحده، وقد كان السبب الذي دفع سترافين إلى بذل قصارى جهده لمساعدة مبعوث رابطة يكومن؛ لأنه شعر أن حضارة مدينة جرسون ستار كانت تتطور باتجاه نقطة تحول معينة، حيث كانت أول حرب واسعة النطاق بين الدول على وشك الحدوث، وذلك جراء الاتصال بعالم أوسع غير معروف، كما استطاع شعب جثين من إعادة النظر في أنفسهم من جديد والتوقف عن خلق صراعات غير ضرورية وغير مهمة وقد تؤدي إلى كوارث كبيرة.