أجاثا كريستي من رائدات الأدب على مستوى العالم، حيث أنه صدر عنها مجموعة كبيرة من الأعمال الأدبية التي تميزت بإثارة عنصر التشويق لدى القارئ، كما أنها تتميز بسرد محكم وبليغ، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم هي رواية جريمة في ملعب الغولف، والتي تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية العالمية.
رواية جريمة في ملعب الغولف
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية في صباح أحد الأيام حينما كان أحد الشخصيات الرئيسية والذي يدعى آرثر يتناول فطوره في المنزل الذي كان يتقاسمه مع شخص يدعى بوارو، وهو من أهم وأبرز المحققين في جرائم القتل، وقد كان ذلك المكان الذي تدور الأحداث دولة فرنسا، وفي ذلك اليوم كان قد وصل إلى المحقق رسالة غريبة جداً مكتوب فيها: حباً بالله، تعال، وقد كانت تلك الرسالة تمت كتابتها من قِبل رجل يدعى بول، وفي تلك الأثناء توجه كل من المحقق وآرثر على الفور إلى بيت بول، وهو عبارة عن فيلا تقع على الشاطئ الشمالي لدولة فرنسا، وعلى مقربة من الفيلا يشاهدان فتاة شابة جميلة وجذابة، ولكنها نظرة عيونها بدت أنها تشعر بالقلق والتوتر، وحين وصلا إلى بوابة الفيلا أخبرتهما عناصر الشرطة التي كانت متواجدة هناك أن بول قتل صباح ذلك اليوم.
وقد اتضح أن كل من السيد والسيدة بول تم الهجوم على غرفتهما في تمام الساعة الثانية بعد منتصف الليل من قِبل شخصين، حيث أنه بعد إجراء التحريات اتضح أن السيدة بول تم تقييدها داخل الغرفة، أما زوجها فقد تم نقله إلى خارج الغرفة، واعتقد الجميع أن الرجلان قد دخلا من الباب الأمامي إلى الفيلا الذي وجدوه مفتوح على مصرعيه، ثم بعد ذلك تم العثور على جثة بول، وقد تلقى طعنه في ظهره، ثم بعد ذلك تم وضعه في حفرة تم حفرها قبل أيام قليلة في ملعب الغولف الذي كان في تلك الفترة قيد الإنشاء، والسيد بول كان قبل وفاته أرسل ابنه في مهمة إلى دولة أمريكا الجنوبية، بينما سكرتيره الخاص والذي يدعى غابرييل كان يمكث في دولة إنجلترا، وتوجد في الفيلا ثلاثة من الخادمات.
وبعد استجواب العاملات في المنزل حول الحادثة صرحت إحداهن أن هناك سيدة تدعى دوبروا جاءت لزيارة السيد بول، وقد كان ذلك بعد أن خلدت السيدة بول إلى النوم، وقد كانت دوبروا هي أم الفتاة مارسا، وهي الفتاة ذاتها التي كانت نظرة عيناها تشير إلى القلق حينما شاهدها المحقق وقت وصوله الفيلا، وقد أشارت العاملة الثانية إلى أن السيدة التي جاءت كانت تريد مقابلة السيدة بول، كما أنها لم تكن السيدة دوبروا، بل كانت امرأة مجهولة وغير معروفة، ولكن السيد بول قام بطردها من البيت.
وبعد التحري والبحث في مسرح الجريمة تم العثور على قطعة مصنوعة من مادة الرصاص ورسالة عشق موقع عليها باسم بيلا، وكذلك جزء من شيك موقع عليه باسم دوفين، والسلاح الذي ارتكبت به الجريمة، وقد كان عبارة عن خنجر مخصص من أجل فتح الرسائل، وفي تلك الأثناء انتبه المحقق إلى أنه من الممكن الدخول بسهولة من الطابق العلوي للبيت من خلال الشباك عن طريق تسلق الشجرة المقابلة له، كما تم العثور على آثار أقدام في حوض الأزهار القريب من تلك الشجرة، وقد اعتبر المحقق أن هذا من أهم الدلائل التي تم التوصل إليها.
وفي ذلك الوقت استمر المحقق في تحقيقاته، كما كانت الشرطة الفرنسية كذلك تواصل التحقيقات والتحريات، لكن عناصر الشرطة الفرنسية أبدت استخفافها في المحقق، وقد اتضح فيما بعد أن السيد بول قام بإجراء تعديل على وصيته منذ ما يقارب أسبوعين من وفاته، وقد ترك معظم ثروته إلى زوجته ولم يكن هناك أي شيء قد تركه إلى الابن، وكما تبين أن السيدة دوبروا قد حصلت على على ما يقارب مائتا ألف فرنك، تم رصدها في حسابها في البنك خلال أسابيع سابقة، وقد شاع حولها أنها كانت على علاقة مع السيد بول.
وفي تلك الأثناء طلبت مارسا من المحقق أن يقوم بإخبارها حول أي اسم تدور حوله الشكوك في ارتكابه بالجريمة، ولكن المحقق حين أمعن النظر في وجه والدتها اكتشف أنه سبق وشاهد هذا الوجه من قبل، وقد كان ذلك في صورة إحدى المقالات بإحدى الصحف، وقد كان الخبر متعلق بقضية قديمة، بينما آرثر تفاجئ من العثور على فتاة شابة تدعى سندريلا في ملعب الغولف، حيث كان قد التقى بها في السابق على متن إحدى الرحلات في القطار، وقد طلبت منه تلك الفتاة أن يطلعها على المسرح الذي تمت به الجريمة، ثم اختفت بطريقة غامضة بعد أن قامت بأخذ سلاح الجريمة معها.
وفي تلك الأثناء كان محقق الشرطة الفرنسية والذي يدعى جيرو قد استنتج أن جاك ابن بول هو من قام بقتل والده، وعلى أثر ذلك يتم إيقافه بهذه التهمة، لكن المحقق وجد أن نظرية المحقق الفرنسي جيرو قد أهمل فيها نقطتان مهمتان، الأولى تتمثل في أن جاك لن يستفيد من وفاة والده، والثانية تتمثل هي وجود أداة من الرصاص بالقرب من مكان الجثة الأمر الذي كان لم يفسر بعد.
وفي النهاية اكتشف المحقق أن السيد بول هو في الحقيقة شخص يدعى جورج، وقد كان قد هرب من دولة فرنسا إلى دولة كندا، ثم بعد ذلك توجه إلى أمريكيا الجنوبية وهناك تزوج وأنجب ولد، ثم بعد ذلك قام بجمع قدر كبير من الأموال والثروة، وعند عودته مع عائلته من أجل الاستقرار في فرنسا، وإذ به يتفاجأ ومن سوء حظه أن جارته هي السيدة دوبروا السابقة، والتي تقوم بتهديده بكشف جميع أسرار الماضي، والأسوأ أن ابنه كان قد وقع في حب ابنتها مارسا، ومن هنا خطط بول من أجل التخلص من تهديدات السيدة دوبروا، موهماً الجميع بأنه قد مات، وفي البداية قام بإرسال ابنه إلى مكان بعيد؛ وذلك حتى لا يتعرف على الجثة بأنها ليست في الحقيقة تعود إلى والده.
ثم بعد ذلك قام بتلفيق قصة الاختطاف، ثم قام بقتل أحد المتشردين باستخدام أداة الرصاص وارتدائه إلى ملابسه؛ لكي لا يتم التعرف عليه على أساس أنه السيد بول، وبعد ذلك عزم على حفر قبر في ملعب الغولف، وهمّ بالهروب بعدها بالقطار، لكن خطته باءت بالفشل حينما تم طعنه على يد شخص مجهول فور انتهائه من حفر القبر، وكانت قد أصيبت زوجته بصدمة كبيرة حينما اكتشفت أن الجثة بالفعل تعود إلى زوجها، بينما كان من المفروض حسب الخطة التي وضعتها برفقته، أن تعود تلك الجثة إلى رجل متشرد، وأن يكون زوجها قد نجح في الهروب.
وفي النهاية تم إطلاق سراح جاك، وذلك حينما تعترف الفتاة التي تدعى بيلا والتي كانت خطيبة جاك في السر بأنها هي من قامت بارتكاب الجريمة، وهنا اكتشف المحقق أنه يوجد شخص واحد لديه دافع قوي من أجل قتل السيد بول، وهذا الشخص هو مارسا، فهي من قامت بطعنه في ملعب الغولف؛ وقد كان ذلك بعد أن سمعت حديثه وهو يناقش خطته من أجل التخلص من تهديدات والدتها، لكن المحقق فضل عدم البوح في الحقيقة بشكل علني، ووضع حبكة من أجل إثبات الجرم على مارسا.
وهنا طلب من السيدة بول أن تدعي أنها لن تورث شيئاً إلى ابنها جاك، ثم قام جاك بتركها في البيت لوحدها، وحينها تم إلقاء القبض على مارسا متلبسة وهي تحاول قتل السيدة بول، والتي تم إنقاذها على الفور من قبل ساندريلا، وهنا اختفت والدة مارسا من جديد، وفي تلك الأثناء خطط جاك ووالدته للعودة إلى أمريكا الجنوبية، ورافقهما في تلك الرحلة آرثر وساندريلا والتي اتضح فيما بعد أن اسمها الحقيقي هو دولي، وهي الأخت التوأم إلى بيلا، وأنها كانت قد سرقت سلاح الجريمة سابقاً خشية من أن تكون شقيقتها هي من ارتكبت الجريمة، وأن اعتراف بيلا في السابق بارتكابها الجريمة؛ وذلك حتى تنقذ حبيبها جاك من حبل المشنقة.