تُعتبر هذه الرواية من الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب الألماني هيرمان هيسه، وتم العمل على نشرها عام 1927م، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول شاب بسبب الأثار التي رتبتها الحياة المأساوية التي يعيشها بداخله، كان في كل يوم يفكر في الإقدام على الانتحار.
الشخصيات
- هاري هالر
- ريتشارد من نشر مخطوطة هاري
- جيمس صديق هاري
- جوته زوجة جيمس
- هيرمين صديقة هاري
- العازف بابلو
رواية ذئب السهوب
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية في دولة ألمانيا، حيث أنه في يوم من الأيام في واحدة من المدن يقيم شاب يدعى هاري هالر، قرر هاري في يوم أن يقوم بتقديم مخطوطة من كتابته، وفي ذلك الوقت كان هاري يبلغ من العمر الثلاثين عاماً، وبعد أن قام بالانتهاء من كتابة المخطوطة نسيها عند أحد من معارفه بالصدفة، وهو ابن شقيق صاحبة المنزل ويدعى ريتشارد، والذي بدوره أضاف مقدمة قصيرة خاصة به ثم نشر المخطوطة، وأطلق على ذلك الكتاب اسم سجلات هاري هالر للمجانين فقط.
حيث أن في فترة من الفترات كان هاري يكتنف تأملاته حول كونه غير مناسب لتلك الحياة اليومية التي يعيشها الأشخاص العاديين، إذ كان يرى العالم الذي يعيش به هؤلاء الأشخاص هو عالم غريب عنه إلى حد كبير، وعلى وجه التحديد ذلك المجتمع البرجوازي والذي كان يصفه بأنه مجتمع تافه، إذ كان باستمرار يقوم بالتجوال دون هدف في كافة أرجاء المدينة، وذات يوم بينما كان يتجول في الطرقات صادف شخص يحمل إعلان لواحد من المسارح السحرية، ويقدم له ذلك الشخص كتاب صغير، ويتضمن ذلك الكتاب رسالة.
وهذه الرسالة يتم الاستشهاد بها بالكامل في نص الرواية كما يقرأها هاري، إذ أن تلك الرسالة كانت تخاطب هاري بالاسم وتصفه بأنه يصف نفسه بشكل غريب جداً، وتم الحديث عنه بأنه إنسان يعتقد أنه من طبيعتين: الطبيعة الأولى عالية وهي الطبيعة الروحية للإنسان، والطبيعة الأخرى منخفضة وحيوانية والتي توصف على هيئة ذئب السهوب، كما تمت الإشارة إلى أنه الرجل متورط في صراع لا يمكن التوصل إلى حل جذري به، كما أنه لا يكتفي أبدًا بأي من الطبيعة؛ وذلك لأنه لا يستطيع أن يرى ما وراء هذا المفهوم العصامي، كما قدم ذلك الكتاب شرح للطبيعة متعددة الأوجه وغير القابلة للتحديد لروح كل رجل.
ولكن هاري في ذلك الوقت كان إما أنه ليس لديه المقدرة أو أنه غير راغب في التعرف على ذلك، كما كان يتضمن الكتاب مناقشة للعديد من النوايا الانتحارية التي كان يفكر هاري بالإقدام عليها، ووصف بأن أحد حالات الانتحار كانت بسبب ارتباطه بمجموعة من الأشخاص الذين عرفوا في أعماقهم أنهم سوف يقتلون حياتهم في يوم من الأيام، ولكن لمواجهة ذلك، فإنه يشيد بإمكانياته ليكون إنساناً عظيماً.
وفي يوم من الأيام من محض الصدفة التقى هاري مرة أخرى من جديد ذلك الرجل الذي أهداه الكتاب، وقد كان ذلك في حضور كلاهما جنازة لواحد من المقربين لكلاهما، وهنا سأله هاري عن المسرح السحري، فيجيب الرجل: ولكن هذا المسرح ليس للجميع، ولكن هاري لم يتوقف عن السؤال، وأصر على الرجل الغامض وضغط عليه من أجل الحصول على معلومات منه، وعلى إثر تلك الضغوطات أخبره الرجل الغامض أنه في واحدة من القاعات المخصصة للرقص المحلي، وهذا الأمر أصاب هاري بخيبة أمل كبيرة.
وعند عودة هاري من الجنازة التقى مع أحد الأصدقاء المقربين منه ويدعى جيمس، وهو ما كان يعمل في أحد المجالات الأكاديمية في وقت سابق، كان جيمس قديماً كلما التقى مع هاري تحدث بينهما مناقشة حول الميثولوجيا الشرقية، وفي ذلك اللقاء دعا هاري جيمس وزوجته وتدعى جوته إلى منزله، وأثناء وجود جيمس في منزل هاري شعر هاري بالاشمئزاز من تلك العقلية القومية التي يمتلكها صديقه، حيث أن جيمس قام من دون قصد انتقاد المكتبة التي يضع بها هاري مؤلفاته وكتبه.
وهذا الأمر كان قد أزعج هاري إلى حد كبير، وهنا أراد هاري أن يرد له تلك الإساءة فقام بتقديم انتقاد لاذع لأحد التماثيل التي تم صنعها للسيدة جوته، مما تسبب في إهانة تألق جوته الحقيقي، ومن الآثار التي ترتبت على تلك الزيارة هي أن هاري تأكد وقتها أنه غريب عن هذا المجتمع وسوف يبقى كذلك.
وفي الليلة التالية حينما خرج هاري للتجوال في الشوارع كان يتعمد تأخير عودته إلى المنزل؛ وذلك لأنه يخشى أن كل ما ينتظره هناك هو أن يقدم على الانتحار، ويبقى هاري يسير بلا هدف في جميع أنحاء المدينة طوال الليل، وفي نهاية مسيره توقف للحظات من أجل الراحة وقد كان ذلك التوقف في قاعة الرقص المحلية التي أشار لها الرجل الغامض في السابق.
وهناك التقى مع فتاة شابة تدعى هيرمين وقد أدركت تلك الفتاة بسرعة مدى حالة اليأس التي يعيشها هاري، وبعد حديث مطول بينهما بدأت تسخر هيرمين منه، وهنا أصبح هاري يشعر بالشفقة على نفسه ويغمره في تفسيراته فيما يتعلق بنظرته إلى الحياة مما يبعث على الدهشة، وفي نهاية اللقاء وعدت هيرمين هاري بلقاء ثاني، وهذا الوعد يوفر لهاري سببًا للعيش أو على الأقل عذرًا جوهريًا لمواصلة العيش وينتظره بشغف.
وخلال الأسابيع القليلة التالية عرفت هيرمين هاري على صكوك الغفران والتي يطلق عليها البرجوازية، كما علمت هيرمين هاري الرقص، كما أنه ساقت به إلى تناول الحبوب الممنوعة بشكل عرضي، ووجدته به عاشقًا لها، والأهم من ذلك أنها أجبرته على قبول هذه الجوانب باعتبارها جوانب شرعية وجديرة بالحياة الكاملة.
وفي النهاية قدمت هيرمين هاري إلى واحد من أهم العازفين على آلة ساكسفون ويدعى بابلو، والذي يبدو أنه عكس ما يعتبره هاري رجلاً جادًا وعقلانياً، بعد حضور حفلة تنكرية فخمة، أحضر بابلو هاري إلى مسرحه السحري المجازي، حيث تتفكك المخاوف والمفاهيم التي ابتليت بها روحه وهو يتفاعل مع الوهم، إذ كان المسرح السحري هو مكان يتم به اختبار فيه التخيلات الموجودة في ذهنه، وقد وصف هاري المسرح على أنه ممر طويل على شكل حدوة حصان به مرآة من جانب وعدد كبير من الأبواب على الجانب الآخر، دخل هاري خمسة من هذه الأبواب ذات العلامات، كل منها يرمز إلى جزء بسيط من حياته.
العبرة من الرواية هي أن الانتحار لا ينهي المآسي التي يعاني منها أي شخص، فعلى العكس تماماً هو يجعل المأساة تمتد إلى الحياة الآخرة.