رواية سعادة الأسرة - Family Happiness Novel

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر الفيلسوف والأديب ليو تولستوي وهو من مواليد دولة روسيا من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن الثامن والتاسع عشر، حيث أنه صدر عنه العديد من القصص القصيرة والروايات التي انتشرت حول العالم، ومن أكثر الروايات التي نالت على إعجاب النقاد والأدباء والقراء هي رواية سعادة الأسرة، إذ حققت شهرة واسعة حول العالم وحققت نسبة مبيعات عالية، ونُشرت لأوّل مرة سنة 1859م، وقد تم تجسيدها في العديد من الأفلام السينمائية، كما وتُرجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.

رواية سعادة الأسرة

في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول قصة حب تحصل بين فتاة صغيرة في مقتبل العمر ورجل كبير في السن، حيث أنهم يتعرفون على بعض من خلال علاقة الصداقة التي تربط الرجل بعائلة الفتاة، كانت الفتاة تدعى ماشا وهي ما تزال في عمر السابعة عشر، وصديق العائلة يدعى سيرجي وهو في عمر السادسة والثلاثين، تُسرد أحداث الرواية في بداية على لسان الفتاة، حيث أنها تحدثت أن في بداية العلاقة كانت هناك مغازلة من قبلها وقِبل السيد سيرجي، لكن هذه المغازلة كانت لا تتعدى حدودها، إذ أنها كانت أمام أفراد عائلتها، فقد كانت متسترة ومتخفية خلف ستار الصداقة العائلية.

ولكن مع مرور وقت قصير تطورت تلك المغازلة لتصبح حب حقيقي وقد سيطر هذا الحب على ماشا ولم تستطع إخفائه أكثر من ذلك، وفي تلك الأثناء قررت أن تبوح بما تكنه من مشاعر وأحاسيس إلى السيد سيرجي، وفي اللحظة التي كشفت بها له عن مشاعرها اتجاهه هو كذلك فعل ذات الشيء وصارحها أنه يبادلها ذات الشعور، ولكن ما كان يدخل سيرجي في حالة من الخوف والتردد هو أن مع تشعر ماشا من فارق السن بينهما مع مرور الأيام، وفي تلك الأثناء يخبرها سيرجي عن الأمور ونظام الحياة التي يحب أن يعيشها، إذ صرح أنه يفضل الهدوء والسكون، وأعربت ماشا كذلك عن الأمور التي تحبها، حيث أشارت إلى أنها تفضل الاكتشاف وتتوجه رغباتها نحو الاستطلاع والتعرف على جماليات الطبيعة في الحياة بشكل أكثر.

وعلى الرغم من أن كلاهما تطلعاته مختلف عن الآخر، إلا أن الثنائي يشعرون بسعادة تكسوها العاطفة، وفي أحد الأيام قرر سيرجي أن يتقدم إلى عائلة الفتاة وطلب الزواج منها، وبالفعل وافقت العائلة على الزواج، ومن هنا انتقل الزوجان إلى العيش في البيت الذي يملكه سيرجي، وقد كان كل من سيرجي وعائلة ماشا ينتمون إلى الطبقة العليا في المجتمعات الروسية، وتلك الطبقة تملك الكثير من الأراضي والممتلكات، وبعد قضاء فترة بعد الزواج سرعان ما نفذ صبر ماشا؛ وذلك بسبب نظام الحياة الهادئ في المنزل، على الرغم من أنه كان هناك أسلوب من التفاهم والحب القوي بينهما.

وفي أحد الأيام قرر الزوجان الذهاب لقضاء عدة أسابيع في مدينة سان بطرسبرغ؛ وذلك من أجل التخفيف من حدّة القلق التي تشعر به ماشا، وفي تلك المدينة يرغب سيرجي في مرافقة ماشا واصطحابها إلى حفلة راقصة تعود إلى الطبقة الأرستقراطية؛ وبالرغم من أن السيد سيرجي يكره هذا النوع من الحفلات وتلك المجتمعات، إلا أنه قام بحضور تلك الحفلة من أجل ماشا، حيث أنها كانت تفضل هذا العالم إلى درجة كبيرة، ومنذ ذلك اليوم بدأ الزوجان في التردد إلى الحفلات الراقصة، إلى أن أصبحت ماشا من الزبائن الدائمين والمحبوبين من قِبل الكونتيسات والأمراء؛ وقد كان ذلك بسبب وجمالها سحرها الريفي الذي تتمتع به.

في البداية كان سيرجي مسرور جداً جراء الحفاوة التي يتم استقبالهم بها في تلك الحفلات، كما أنه كان يشعر بالسعادة جراء الحماس الذي تشعله زوجته في مجتمع بطرسبرغ، ويوماً بعد يوم كان السيد سيرجي يتعجب من الشغف وتعلق زوجته بمثل تلك المجتمعات، لكنه لم يحاول إبعادها أو التأثير عليها، إذ كان يحبها ويعشقها لدرجة كبيرة ولا يريد أن يزعجها، إذ ترك لها حرية الاستمتاع بمشاهدة تلك النوع من الحفلات، وقد كانت الغاية والهدف أيضاً من ترك زوجته تنخرط في تلك المجتمعات هو أنه أراد أن تكتشف زوجته بنفسها عن الوجه الحقيقي الفارغ والقبيح لهذا المجتمع، وذلك دون أي تدخل منه، فقد كان على الدوام يزيد من قوة شخصيتها باحترامه وتقديره لها.

وبقي الحال هكذا إلى أن شعر سيرجي بأن الأمر قد زاد عن حده، وبدأت ثقته تهتز بزوجته، حيث أنه لاحظ يوم عن يوم بدل من اكتشافها لقباحة المجتمع، أصبح يرى أنها تنبهر أكثر فأكثر في هذا العالم، وفي النهاية يواجه الزوجان وجود اختلافات بين بعضهما البعض، وذلك قد أسفر عن حدوث جدال بين الزوجان، لكن كل منهم كان لديه ثقة كاملة بالقدرة على التفاوض وحل تلك المشكلة، ولكن مما تفاجئ به الزوجان هو دخولهم في حالة من الصدمة والدهشة، وذلك جراء تحوّل حبهم القوي من تماسك وترابط قوي إلى موضع شك، وهنا أدرك كل منهم أن هناك شيء ما قد تغير بشكل كبير في علاقتهم، لكن كل منهما يرفض التحدث حول ذلك الأمر، حيث أن العناد والكبرياء كان قد حال بينهم، كما أن كل من الثقة والمحبة والألفة قد اختفت تماماً، ولم يتبقى لديهم أي مكان لأي منهم، وكل ما تبقى هي علاقة صداقة لطيفة.

وفي تلك الأثناء تشتاق ماشا إلى العودة إلى حالة الانسجام التي كانت تعيشها مع زوجها قبل ذهابها إلى مدينة بطرسبرغ، وفي أحد الأيام قرر الزوجان العودة إلى بيتهم في الريف، وعند وصولهم إلى الريف تدخل ماشا في حالة اكتئاب ويأس، فعلى الرغم من إنها كان بجانبها أطفالها وزوجها وتعيش حياة طيبة وصافية، لكنها بدأت تشعر أنها من غير الممكن أن تقوى على الاستمرار في هذه الحياة الزوجية، حيث أدرك زوجها كذلك أنه من الصعب عليهما البقاء والاستمرار سوياً لوحدهما، لكن في تلك الأثناء طلبت ماشا من زوجها أمر، ألا وهو بما أنه لم يرغب في حضور تلك الحفلات ولا يحبذ تلك المجتمعات ينبغي أن يقدم لها تفسيرًا لماذا لم يحاول منعها من حضورها أو على الأقل توجيهها وإرشادها بالابتعاد عن تلك الحفلات الراقصة والاحتفالات التي تقام في مدينة بطرسبرغ.

كما سألته عن سبب الفشل في العلاقات الزوجية، وأنه لماذا يخسر الزوجان حبهم القوي؟ ولماذا لم يحاول أحدهم استعادته؟ وهنا حدث بينهم حديث مطول حول تلك المسألة، وقد ساعدتها الإجابات على كل تلك التساؤلات في التأني والتريث والرغبة في استعادة حياتها الزوجية والاستمرار فيها لفترة طويلة، وبالفعل حصل ذلك وعاشا الزوجين حياة أسرية مريحة وسعيدة.


شارك المقالة: