يُعتبر الكاتب والمبدع الأمريكي جون ستاينبيك من أهم وأبرز الكُتاب في مجال كتابة الروايات والقصص القصيرة، والذي تميز به عن غيره من الكُتاب هو أنه ركز في أغلب رواياته بالحديث حول الحرب العالمية الثانية، ومن أكثر رواياته التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم هي رواية شتاء السخط، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما ترجمت إلى أغلب اللغات العالمية، كما تم العمل على نشر الرواية في سنة 1961م.
رواية شتاء السخط
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية في الرواية وهو رجل يدعى إيثان ألين هولي، وقد كان إيثان في السابق يعمل كعضو في الطبقة الأرستقراطية في ولاية لونغ لاند، ولكن تغير حال إيثان بعد خسران والده والذي كان قد توفي في السابق ثروة العائلة بأكملها، وعلى أثر الحال التي وصل إليها إيثان أصبح يعمل كبقال، وقد كانت زوجته والتي تدعى ماري وأبناءه يكرهون الوضع الذي يؤولون إليه، حيث أن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي كان من المستوى المتوسط، وكما كانوا لا يعطون أي قيمة ولا يقدرون الصدق والنزاهة التي يكافح بها والدهم من أجل الحفاظ عليهم وعلى مستواهم المعيشي المتوسط.
إذ أن المجتمع الذي يقيمون به هو مجتمع يشيع به الفساد إلى حد كبير، وعند الانخراط به من الصعب السيطرة على النفس، ومع مرور الأيام تساهم العوامل الخارجية بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية التي يعيشها إيثان إلى أن يحاول الاستغناء عن نزاهته المتأصلة منذ القدم؛ وذلك في محاولة منه إلى أن يستعيد الوضع الاجتماعي الذي كان يعيش به في السابق وثروته التي ذهبت هراء.
ومع مرور الوقت يبدأ إيثان بالتأثر في قراره حول كيفية استعادة الثروة والأموال وقوته السابقة، وقد استمع إلى انتقادات ونصائح من الأشخاص المقربين الذين يعرفهم، وفي تلك الأثناء تحثه إحدى المعارف المقربة والتي تدعى مارجي على أن يقوم في البداية بقبول أي رشوة تعرض عليه، كما يشجعه مدير المصرف والذي كان باستمرار يتهم إيثان ووالده بأنهم السبب في خسارة عائلته كامل ثروتهم، وذلك حتى يكون أشد بأساً، وهنا يقدم له أحد أصدقائه المقربين والذي يدعى جوي ويعمل كأمين صندوق لدى البنك درس حول كيفية سرقة المصرف والهروب بسرعة دون أن يكتشف أحد أمره.
وفي أحد الأيام يصل إلى إيثان إخبارية من مصدر مجهول إلى أن الدائرة المعنية بأمور الهجرة والتجنيس عقب اكتشافها أن مالك المتجر الحالي المهاجر والذي يدعى ألفيو مارولو وهو من أصول إيطالية، لربما يكون مهاجر غير شرعي وغير قانوني، وهنا تقوم عناصر الشرطة بإلقاء القبض عليه، وعند احتجازه سرعان ما فكر بنقل ملكية المتجر إلى إيثان، وقد تم ذلك الأمر بمساعدة الموظف الحكومي الذي قام بإلقاء القبض عليه، وقد كان السبب في اختيار مارولو لإيثان حتى يملكه المتجر بأن إيثان رجل أمين وصادق ومعروف بنزاهته كما أنه من الأشخاص الجديرين بالثقة.
وفي ذات الوقت كان إيثان كذلك يرسم في ذهنه إلى خطة محكمة للغاية من أجل السطو على أحد البنوك، ولكن عند القيام بتنفيذ تلك الخطة يفشل إيثان؛ وقد كان ذلك جراء الظروف الخارجية، ولكنه تمكن في النهاية من أن يصبح شخص نافذ ومتمكن في البلدة؛ وذلك جراء خلال تملكه لقطعة أرض كبيرة وواسعة، وقد كانت تلك الأرض يحتاجها مجموعة كبيرة من رجال الأعمال المحليين؛ وذلك من أجل القيام ببناء مطار كبير في تلك البلدة، قد كان إيثان قد حصل على الأرض من أحد الرجال الذين كانوا على الدوام تحت تأثير الكحوليات التي تفقدهم الوعي بما يدور حولهم.
كما كان ذلك الرجل هو صديق طفولة إيثان المقرب والذي يدعى داني، حيث أنه في ذلك الوقت قد تم وضع وصية خاصة به بخصوص ذلك الأمر تحت باب المتجر الذي أصبح يملكه إيثان، وقد تم كتابة الوصية من دون أي اتفاق شفهي، في أحد الأيام قدم إيثان لداني مبلغ من المال؛ وذلك بهدف إرسال داني إلى بلد آخر لتلقي العلاج من إدمانه المأساوي على الكحول، وعلى الرغم من أن داني كان يشير إلى إيفان باستمرار أن من يقوم بتناول الكحول يبقى في حالة كذب مستمرة، إذ يأخذ المال للعلاج ثم بعد ذلك يشتري بها الكحول، وبالفعل قد ثبت حقيقة ذلك الأمر، إذ أنه في وقت لاحق تم العثور على داني وهو متوفي وقد كان في يده زجاجة كحول فارغة بالإضافة إلى كمية من الحبوب المنومة.
وبعد مرور فترة من الوقت على تلك الحادثة يصبح إيثان رجل متمكن ومدبر ومفكر، إذ يستخدم عقله في تدبير كافة الأمور دون التطريق إلى أذية أحد أو المساس بحياة أحد الأشخاص، ولكنه تمكن في نفس الوقت من السيطرة على كافة الصفقات السرية التي كانت تخص رجال أعمال في البلدة، حيث أن البلدة التي يقيم بها إيثان كانت المقر الرسمي إلى رجال الأعمال والمستثمرين العمالقة، بالإضافة إلى السياسيين الفاسدين، وعلى الرغم من أنه كان يخالطهم بشكل يومي ومتكرر كثيراً، إلا أنه كان متيقن من أنه لا يمكنه أن ينجر بالفساد مثلهم، فقد كان من الأشخاص الذين يمتلكون ثقة في أنفسهم تفوق كل شيء، وقد كان يشير في الكثير من الأحيان أنه على الرغم من مشاركته في الحرب وكان يضطر إلى قتل الكثير من الجنود الأعداء، إلا أنه بعد ذلك لم يصبح إنسان قاتل بين المجتمعات.
وفي أحد الأيام يتم إعلام إيثان بأن أحد أبنائه قد حصل على مرتبة الشرف في إحدى المسابقات التي تقام بخصوص كتابة المقالات على مستوى البلاد بأكملها، وقد كان ابنه شارك في تلك المسابقة من خلال قيامه بسرقة أعمال أدبية تعود خاصيتها إلى مجموعة من المؤلفين والخطباء والأدباء ذو الطابع الكلاسيكي في الولايات المتحدة الأمريكية، وحين علم إيثان بالمصدر الذي حصل به ابنه على المقالات ومواجهته بذلك الأمر، ينكر الابن تماماً وجود أي شعور أو إحساس بالذنب جراء ما قام به، وبدل من الاعتراف بالذهب قام بالتصريح والتأكيد لوالده بأن كافة البشر يغشون ويكذبون كذلك.
ومنذ تلك اللحظة قرر إيثان أن يقوم بالانتحار؛ وقد كان ذلك جراء تفكيره في رؤيته الانحلال والفساد الأخلاقي الذي تتكلل به أفعال وتصرفات أحد أبنائه، كما أنه بدأ يشعر هو ذاته بالذنب بسبب ترحيل السيد مارولو ووفاة صديقه داني، وحينما شعرت ابنته من خلال حدسها عن نوايا والدها في الانتحار عانقته عناقاً طويلاً وفي تلك الأثناء دست في جيبه طلسم يعود إلى العائلة، وحينما يتجهز إيثان إلى الانتحار يبحث في جيوبه حتى يفرغها، وإذ به يجد الطلسم، وينتهي المشهد الأخير من الرواية وهو يكافح من أجل الخروج من الكوة التي كان قد عزل نفسه فيها؛ من أجل أن يعيد الطلسم إلى ابنته.