يعرف الأديب الأمريكي جون ستاينبيك بأنه من أبرز الكُتاب الذين أبدعوا في مجال الأدب، حيث أنه صدر عنه العديد من الأعمال الأدبية التي لاقت صدى واسع حال صدورها، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة هي رواية شرق عدن والتي تم العمل على نشرها سنة 1952م.
رواية شرق عدن
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في وادي ساليناس الواقع في ولاية كاليفورنيا، وقد كان الوقت الذي دارت به الأحداث يقع مع بداية القرن التاسع عشر ونهاية الحرب العالمية الأولى، وعلى الرغم من ذلك إلى أن بعض الفصول حدثت في منطقة كونيتيكت وماساشوستس، وفي تلك الأثناء كانت تدور الحرب الأهلية الأمريكية، وأهم ما يركز الكاتب في بداية سرد الأحداث على تقديم الشخصيات، بالإضافة إلى ذلك يقوم الكاتب بتحديد المكان مع وصف دقيق إلى وادي ساليناس في وسط كاليفورنيا.
ثم بعد ذلك يسرد وقائع الحياة التي كان يعيشها أحد المخترعين والمستكشفين والذي يدعى صمويل هاملتون وزوجته التي تدعى ليزا، حيث أن الزوجين كانوا من الأشخاص المهاجرين الذين قدموا من جمهورية إيرلندا ويعملون في مجال الزراعة، وأول ما تم وصفة هو الطريقة التي يتبعها الزوجين في تربية أطفالهم والذي كان يبلغ عددهم تسعة، حيث كانت العائلة بأكملها تعيش على قطعة أرض مجدبة وجافة، وحينما بدأ أطفال هاملتون في النمو والبلوغ تعزم العائلة بأكملها على مغادرة البيت الموجود في تلك المزرعة والمكوث في بيت مجاور.
وفي تلك الأثناء يظهر رجل يدعى آدم تراسك يقوم بشراء المنزل والمزرعة، حيث كانت أفضل مزرعة في الوادي، ومن هنا بدأ تسليط الضوء على حياة آدم، وذلك من خلال استحضار طويل ومعقد بعض الشيء، حيث تظهر الطفولة التي كان يعيشها والتي على ما يبدو أنها كانت صاخبة، كما أنه كان يتلقى معاملة وحشية والتي تعرض لها من قِبل شقيقه، وعلى الرغم من أنه كان الشقيق الأصغر، إلا أنه كان الأقوى ويدعى تشارلز، كان والد آدم وتشارلز والذي يدعى السيد سايروس من المحاربين القدامى وينتمي إلى الاتحاد في الحرب الأهلية.
وفي أثناء الحرب كان قد أصيب بضربة، وعلى أثر تلك الضربة ماتت بداخله الرغبة بالرجوع إلى الخدمة، ومنذ ذلك الوقت يصبح خبير ويسعى إلى استغلال معرفته الفكرية والخبرة التي حصل عليها من الشؤون العسكرية وبناء على الحالة الصحية الذي أصبح فيها، ليصبح في ما بعد مستشار عسكري في العاصمة واشنطن.
وبينما كان آدم في مرحلة الشباب قضى حياته وهو ملتحق بالجيش في البداية، ثم بدأ بعد ذلك بالتسكع والطيش في البلاد، إلى أن وصل به الأمر إلى إلقاء القبض عليه من قِبل عناصر الشرطة؛ وقد كان ذلك بسبب حالة التشرد التي كان يعيشها في ذلك الوقت، ولم يلبث في السجن طويلاً، إذ سرعان يعزم على الفرار والهروب من بين المساجين، على الرغم من أنهم من كانوا مقيّدين بالسلاسل، وأثناء هروبه سرعان ما يتوجه نحو متجر للملابس ويسطو عليه؛ وذلك من أجل استخدامها للتنكر والتخفي.
وبعد مرور وقت قصير يقوم بإرسال رسالة إلى شقيقه تشارلز، ويطلب منه فيها مئة دولار؛ وذلك من أجل دفع تكاليف رحلة العودة إلى البيت، ثم بعد ذلك يرسل آدم النقود إلى متجر الملابس؛ من أجل دفع ثمن الملابس والتعويض عن الأضرار التي تسبب بها جراء السطو التي قام به، وبعد أن فكر آدم في الطريق التي يسير بها باتجاه مزرعتهم، وعند وصوله إلى المزرعة يخبره شقيقه تشارلز أن والده قد توفي، وأنه تم قد ترك خلفه ميراث يقدر بخمسين ألف دولار لكل واحد منهم، ولكن في تلك الأثناء كان يخشى تشارلز أن والده لم يجني الأموال بطرق مشروعة.
وفي ذلك الوقت تأتي فتاة شابة تدعى كاثي، وكانت تلك الفتاة قد نشأت وترعرعت في بلدة مجاورة للمزرعة التي تضم عائلة الشقيقين، يتم تقديم وصف للفتاة على أنها فتاة تمتلك روح مشوّهة، حيث أنها كانت فتاة شريرة ولا تسعد نفسها إلى حين تقوم باستغلال الناس وتدميرهم، وفي أحد الأيام تضرم النار في منزل عائلتها، وعلى أثر ذلك يتوفى والديها، وتصبح وحيدة وتصبح محبوبة أحد الأشخاص من مرتادي الملاهي، ولكنه كان باستمرار يعنفها بكل شراسة
وفي أحد الأيام حينما يشعر بأنها تستغله يقوم بضربها ويتركها لتموت على عتبة بيت مزرعة آدم وتشارلز، يرى تشارلز أبعد مما يوحيه مظهرها، لكن آدم يقع في حبها بهوس كبير وجنون ويسعى للزواج منها. ومع مرور الوقت تحاول كاثي إغواء تشارلز من دون علم شقيقه أثناء زواجها منه وتحمل بتوأم، وهنا لم يتم تحديد من هو والد التوأم من الشقيقان، وأول ما علمت كاثي بالحمل سرعان ما تسعى للإجهاض، وقد كان ذلك من خلال استعمال إبرة حياكة، لكن محاولتها باءت بالفشل.
وبعد مرور فترة قصيرة يقرر آدم الذهاب إلى ولاية كاليفورنيا والاستقرار فيها مع زوجته الحامل، وقد كان بيته قريب من المزرعة التي تقيم بها عائلة هاميلتون، لكن زوجته لم تكن لديها أي رغبة في أن تصبح أم أو حتى أن تستقر في كاليفورنيا، ولكن باستمرار كان آدم يطمئنها بأنها في حال لم تروق لها الحال هنا بإمكانها المغادرة، ولكن في الحقيقة كان حديث آدم ذلك مجرد اطمئنان لها فقط لا أكثر ولم يكن على محمل الجد.
وبعد فترة قصيرة من ولادة كاثي تحزم جميع أغراضها وتنوي الرحيل عن المنطقة، إلا أن آدم يمنعها من ذلك من خلال حبسها في إحدى الغرف، وهنا تحاول إقناعه بفتح الباب وتخبره أنها رجعت عن قرارها في الرحيل، وأول ما فتح الباب أطلقت عليه النار وأصابته في منطقة الكتف وتعزم بالفرار، لكن سرعان ما يتعافى آدم، ولكنه يدخل في حالة اكتئاب شديد، وعلى الرغم من ذلك ينتشل نفسه من حالة الكآبة؛ وذلك من أجل لسمية ابنيه وتربيتهما والاهتمام بهما بمساعدة الطاهي الخاص به والذي يدعى لي، كما أن صموئيل يساعد آدم في تسمية الولدين، إذ يطلق عليهم أسماء آرون وكالب، وقد كان ذلك تيمّنًا بالشخصيات المختلفة التي ظهرت في الكتاب المقدس.
يصبح الطاهي من الأصدقاء المقربين للعائلة وكذلك صموئيل، حيث تدور بينهم مجموعة من المحادثات الفلسفية الطويلة حول قصة قابيل وهابيل، وفي الوقت ذاته تصبح كاثي مشردة في الملاهي في مدينة ساليناس، وتعزم على تغيير اسمها إلى اسم آخر، كما شرعت في وضع خطة محكمة للتقرب من إحدى المشردات وقتلها والحصول على أموالها، وبعد موت تشارلز لأسباب طبيعية، يذهب لزيارتها آدم ويقدم لها المال الذي تركه تشارلز لها، وعند رؤيته لحالها يشعر بالشفقة عليها ويتركها حتى تكرهه.