الكاتب الأمريكي جون ستاينبيك هو من أشهر الأدباء الذين ساهموا إلى حد كبير في النهوض بالأدب الأمريكي، حيث أنه صدر عنه الكثير من الأعمال الأدبية التي حققت شهرة واسعة على مستوى الولايات المتحدة والعالم أجمع، ومن أبرز الروايات التي حققت شهرة واسعة حول العالم هي رواية شقة التورتيلا، والتي جسدت إلى عدة أفلام سينمائية عالمية، كما ترجمت إلى العديد من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.
نبذة عن الرواية
في البداية كانت الوقائع والأحداث تدور على أحد السواحل التي تتواجد في ولاية كاليفورنيا، حيث أنه على ذلك الساحل كان يوجد حي يعرف باسم شقة التورتيلا، وهذا الحي يقيم به مجموعة كبيرة من السكان المحليين والذين كانوا عاطلين عن العمل، وهؤلاء السكان ينحدرون من أصول متعددة منهم ما يعود أصله إلى دولة المكسيك ومنهم ما يعود أصله إلى دولة الهند آخرون ينحدرون من أصول إسبانية ومنهم من كان يزعم أنه من شعب القوقاز، إذ أن ذلك الشعب يعرف عن نفسه بأنه شعب القوقاز أي أنهم من أصول إسبانية أصلية.
وأول ما دارت سرد الأحداث حول الشخصية الرئيسية في الرواية وهو شاب في مقتبل العمر يدعى داني، وهذا الشاب كان منذ فترة وجيزة قد ورث عن جده منزلين، ومنذ حصوله عليها ذهب برفقة أصدقائه إلى هؤلاء البيتين، إذ أرادوا أن يقضي حياته في هذين البيتين برفقة أصدقائه، وعند وصوله إلى المنزلين قسم بيت لنفسه والبيت الآخر لأصدقائه والذين كانوا من الأشخاص غير القادرين على العمل، وقد وصف المؤلف هؤلاء البيتين بأن الشكل الخارجي لهن مثل الطاولة المستديرة، وعلى وجه الخصوص تشبه طاولة الفرسان المستديرة.
وفي تلك الفترة كان داني وأصدقائه في نهاية سنوات من مرحلة المراهقة وسنوات الشباب، والوقت الذي دارت به الأحداث كان بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بفترة قصيرة، قام الكاتب بتقسيم الرواية إلى سبع أجزاء، بحيث كانت الأحداث مرتبة بشكل متسلسل.
رواية شقة التورتيلا
في البداية كانت الوقائع والأحداث تدور حول تلك ذلك اليوم الذي كان به داني عائد من الحرب وإذ به يجد نفسه قد أصبح وريثًا، ومنذ تلك اللحظة يقوم داني بقطع عهد على نفسه بأن يكون السند والعون للأشخاص المساكين وأن يسعى إلى حمايتهم من عواقب الدهر، ومن هنا أول ما قرره داني أن يترك عمله الذي كان يتمثل في سائق لعربة تجرها الأحصنة، والذي كان يعمل به خلال فترة الحرب، وفي أحد الأيام يقوم داني بتناول المشروب بكميات كبيرة، وعلى أثر ذلك يفقد كامل وعيه ويغمى عليه، وهنا سرعان ما يتم القبض عليه ووضعه في أحد السجون.
ولكن ذلك الأمر لم يؤثر على داني إذ استمر في شرب الممنوعات مع السجان الذي يدعى توريلي، وبعد مرور فترة قصيرة يعزم داني على الهروب، وبالفعل كان قد نجح في ذلك، وحينما أصبح خارج السجن تواصل مع أحد أصدقائه الذي يدعى بيلون، وقد كان بيلون رجل يتميز بالذكاء والحنكة، وهنا يعرض بيلون على داني أن يتشارك معه البراند الخاص به والمنزلين.
الجزء الثاني من الرواية كان يتحدث عن حالة الطمع التي تسيطر على بيلون، إذ كان يطمح بالحصول على البيت الذي يملكه داني، حيث أن داني كان فاشل في فعل أي شيء، بينما بيلون كان رجل ذكي إذ قام حينها بذبح دجاجة وطبخها وتقديمها إلى داني، وقد اهتم بضيافة داني كثيراً وخدمته، وقد كان يقدم له الشراب مقابل توقيع داني على شيكات بنكية، إذ أن بيلون كان يعلم تمام العلم أن داني لن يقوم بتسديد تلك الشيكات، ولكنه كان هدفه من ذلك هو استملاك منزل داني.
وفي الجزء الثالث من الرواية يسيطر على بيلون الجشع وحب الامتلاك أكثر فأكثر، إلى أن ينتصر الشر الذي يكنه داخله وبينما كان يتشارك داني مع بيلون الشراب يحدث بينهم مشكلة كبيرة، وعلى أثر ذلك يقوم بيلون بتأجير نصف البيت إلى رجل يدعى السيد بابلو، ومع مرور الوقت يظهر رجل يدعى خيسوس وبعد أن كان شخص طيب ولطيف يصبح بسبب الظروف المحيطة به رجل محرك للشر، ومن دون سابق إنذار تحدث مناقشة بين السيد بابلو وبيلون وداني حول حالة النساء والأطفال والعوائل وكيفية تسديد الإيجار، ويقترح كل من بابلو وبيلون إلى أن يقوموا بتأجير جزء من المنزل الذي استملكوه من داني إلى السيد خيسوس، وقد كان السيد خيسوس في ذلك الوقت لا يملك سوى ثلاث دولارات وعشر سنتات، وهنا يأخذون منه دولارين كعربون ويتركون له بقية المبلغ.
وفي تلك الأثناء يظهر قديس يدعى القديس فرانسيس، والذي بدوره يقوم بتغيير مجرى الأحداث بحيث يقوم بمعاقبة بيلون وبابلو وخسيوس، ولكن ليس عقاب قاسي وإنما لطيف بعض الشيء، إذ بقي كل من بيلون وبابلو يستمتعون بشرب الممنوعات، ومع حلول المساء وبينما كان بابلو يتناول وجبة العشاء ويتمتع بالدفء مع عائلته، يتم إلقاء القبض على السيد خسيوس؛ وقد كان ذلك بسبب تناوله الكحول بشكل مفرط وغيابه عن الوعي، وفي تلك اللحظة تحرق الشمعة التابعة إلى القديس فرانسيس والتي كان قد قدمها إلى بابلو المنزل، وعلى الرغم من أن داني كان متواجد في المنزل، إلا أنه لم يدرك أن المنزل يحترق.
ومنذ تلك الحادثة وفي الجزء السادس يرغب كل من بابلو وبيلون وخيسوس بالتوبة، إذ شعروا بأنهم أشخاص مذنبون وأن ما حدث للمنزل هو عقاب لهم، وهنا هاجروا إلى غابة مليئة بأشجار الصنوبر، وفي صباح أحد الأيام يستيقظون على رائحة طعام كان قد جلبة أحدهم وجاء للتنزه في المنطقة والذي فيما بعد يصبح ملك عليهم.
وفي الأجزاء النهائية من الرواية يلتف حول داني مجموعة من الأصدقاء الأخيار، حيث يقدمون المساعدة إلى الأشخاص الفقراء ومن ضمنهم كان هناك رجل فقير مصاب بحالة من الضمور في العقل وقد كان على الدوام يلحق به خمسة كلاب كأصدقاء له، وفي أحد الأيام كان قد عاد كل من بابلو وبيلون للمكوث في المنزل مع داني، وهنا يقدم بيلون دعوة إلى الرجل المريض عقلياً من أجل المكوث معهم في منزل داني، وفي ذلك الحين يمرض أحد الكلاب الذي يمتلكها الرجل المسكين.
وعلى أثر ذلك ينذر أنه في حال شفي كلبه أن يقوم بشراء شمعة ذهبية من الشموع الخاصة بالقديس فرانسيس، وبعد مرور فترة قصيرة تعافى الكلب المريض، وعلى الرغم من تعرضه لشاحنة تقوم بدهسه إلّا أن الرجل الفقير يصر على الوفاء بالنذر وشراء شمعة ذهبية للقديس فرانسيس، والتي كان سعرها في ذلك الوقت ما يقارب مائتان وخمسون دولار أمريكي.
حيث أن الرجل المريض كان يعمل كفلاح ويجني ما يقارب خمسة وعشرون سنتًا في اليوم مقابل بيع مادة الكبريت، ولكنه كان في ذات الوقت يقضي حياته على تناول فتات الخبز الذي تقدمه له الجمعيات الخيرية، وعلى الدوام يختزن كافة ما يحصل عليه من أموال، وكان يمتلك كيس كبير مليء بأرباع الدولارات التي يخبئها فيه، وعندما علم الجميع بهذا الأمر ندموا على تقديم المساعدة له حينما كشف لهم عن الكنز الذي كان يملكه.