رواية صورة الفنان في شبابه

اقرأ في هذا المقال


يُعتبر المؤلف والأديب جيمس جويس وهو من مواليد جمهورية إيرلندا من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، حيث أنه صدر عنه العديد من الأعمال الأدبية المميزة، ومن أهم الروايات التي حققت شهرة واسعة حول العالم ونسبة مبيعات عالية هي رواية صورة الفنان في شبابه، والتي تم العمل على إصدارها سنة 1907م.

نبذة عن الرواية

في البداية أول ما تم نشر الرواية للمرة الأولى كانت على شكل حلقات متسلسلة في إحدى المجلات التي تعرف باسم مجلة ذا إيجويست تحت رعاية وإشراف الشاعر الأمريكي الحداثي الذي يدعى عزرا باوند، ثم بعد ذلك تم نشرها بشكل منفصل للمرة الأولى في في الولايات المتحدة.

وقد اقتبس الأديب عنوان الكتاب من بعض العناصر الرئيسية من سيرته الذاتية، وقد وصف الأسلوب الذي اتبعه في الرواية أنه أسلوب حداثي، حيث أن تابع من خلال الرواية الثورة الفكرية والدينية للشخصية الرئيسية ستيفن دايدالوس، والذي يجسد شخصية جويس ذاته، كما أنه أراد الإشارة إلى دايدالوس المهندس والنحات في الأساطير الإغريقية، إذ كان يشكك ستيفن في المسلمات والقناعات الإيرلندية الكاثوليكية التي نشأ عليها، كما كان يتوج تمرده من خلال نفي نفسه إلى الدول الأوروبية، وقد استعمل جويس تقنيات تظهر في وقت لاحق بصورةٍ أوضح في أعماله المستقبلية.

رواية صورة الفنان في شبابه

في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول أحد الشباب يدعى ستيفن، حيث يتمحور سرد الأحداث حول الحديث عن مرحلة طفولته، وكان أسلوب السرد باستخدام مجموعة من المفردات والتراكيب التي تتغير أثناء نموه، ولم يكن الصوت التعبيري بصوته الخاص، بل من خلال حساس لمشاعره، إذ يختبر القارئ المخاوف التي يعاني منها ستيفن والحيرة التي تعتريه حينما يتعلق الأمر بقوانين العالم في سلسلة من الحلقات غير المتصلة، ففي أحد الأيام التحق ستيفن بإحدى الكليات التي تعرف باسم كلية كلونغوس وود، وقد كانت تلك الكلية تحت إدارة الرهبنة اليسوعية، وهناك في تلك الكلية كان ستيفن يعاني من القلق والتوتر.

إذ أنه على الرغم من أنه شاب موهوب للغاية ويمتلك قدرة فكرية فائقة، إلا أنه كان يتعرض باستمرار إلى السخرية والاستهزاء من قِبل زملائه في الصف، وبينما كان يتلقى التعليم حول الرموز والقواعد التي تركز على كيفية سلوك التلميذ في المدرسة، إلا أنه في الوقت ذاته كان قد عجز فيه عن إدراك أهمية الموضوع، وفي أحد الأيام شهد ستيفن أثناء حفلة عشاء عيد الميلاد مجموعة من التوترات الاجتماعية والسياسية والدينية في دولة إيرلندا والتي كانت تتعلق بشخص يدعى تشارلز ستيوارت بارنيل.

وقد كان ذلك الأمر ما تسبب في إثارة الشقاق والتفرقة بين أفراد من عائلته، وقد ترك ذلك الأمر داخل ستيفن العديد من الشكوك حول أي المؤسسات الاجتماعية يمكن أن يضع إيمانه فيها، وعند العودة إلى كلونغوس بدأ انتشار عدد من الإشاعات حول أن هناك مجموعة من الصبية الأكبر سنًا تم القبض عليهم جراء مارستهم إلى بعض الأفعال النابية؛ وعلى إثر ذلك تزداد شدة الانضباط في الكلية، وقد زاد اليسوعيون من استخدام العقوبة البدنية بضرب التلاميذ.

وفي ذلك الوقت يتم تقييد ستيفن حينما اعتقد أحد مدرسيه أنه قد عزم على كسر نظارته من أجل الفرار والهروب من الدراسة، ولكن بتشجيع من زملائه في الصف، تحلى ستيفن بالشجاعة من أجل الإقدام على تقديم شكوى إلى العميد، وهو ما كان يعرف بالأب كونمي، والذي بدوره أكد له أنه لن يتكرر هذا الأمر مرة أخرى، وهذا ما جعل ستيفن ينغمر بشعور الانتصار، وفي تلك الأثناء كان قد غرق والد ستيفن بكم هائل من الديون، ولهذا اضطرت عائلته إلى مغادرة منزلهم الرائع الواقع في ضواحي المدينة والانتقال للإقامة في مدينة دبلن.

وهنا أدرك ستيفن أنه لن يعود مرة أخرى إلى كلونغوس، ولكن في ذلك الوقت وبفضل المنحة التي حصل عليها من قبل الأب كونمي، تمكن ستيفن من الالتحاق بإحدى الكليات التي تعرف باسم كلية بيلفيديري، وفي تلك الكلية تفوق ستيفن أكاديميًا كما أصبح قائدًا في الفصل، وجراء ذلك حصل ستيفن على جائزة نقدية كبيرة من الكلية، وبدأ بمواعدة الفتيات.

وبينما كان ستيفن في حالة من الاستسلام لملذات الحياة والعيش، بدأ القسم الذي ينتمي إليه في الكلية بعقد اجتماعات دينية، حيث التزم جميع الطلبة بحضور تلك الاجتماعات والاستماع إلى الخطب الموعظة حتى نهايتها، وحينما تراود على مسامع ستيفن ما يدور في تلك الخطب، أولى اهتمام خاص لتلك الخطب وعلى وجه الخصوص تلك التي يتمحور حديثها حول الكبرياء والذنب والعقاب والأشياء الأربعة الأخيرة الموت والحساب والجحيم والجنة، وقد شعر أن كلمات الخطبة التي تتحدث عن العقاب المرعب الأبدي في الجحيم موجهة إليه.

ولهذا ذهب إلى الكنيسة مغلوبًا على أمره طالبًا للمغفرة، وعند عودته من الكنيسة كانت تغمره البهجة، ومن هنا بدأ يكرس نفسه لأعمال التوبة التنسكية، وسرعان ما تتحول إلى أعمال روتينية مع انصباب أفكاره في مكان آخر، لفت تفانيه انتباه اليسوعين وقد شجعوه على التفكير بدخول الكهنوت، ولكن طلب وقتاً من أجل التفكير في ذلك الأمر، وبينما كان يفكر جلياً في ذلك الأمر دخل في حالة أزمة إيمان؛ وذلك نتيجة الصراع بين معتقداته الدينية والطموحات الجمالية التي كان يحلم بها، في أحد الأيام كان يتمشى على ساحل دولميمونت، وإذ به لمح فتاة تسبح في المياه على طول الساحل، وهذا حاول اختبار طموحاته النفسية؛ وذلك في رغبة منه في العثور على طريقة للتعبير عن الحالة التي يعيشها.

وكون ستيفن كان من الطلاب المميزين في كلية جامعة دبلن، كان يزداد حذره يوماً بعد يوم من المؤسسات من حوله مثل الكنيسة والمدرسة والسياسة والأسرة، وفي خضم تفكك ثرواته وممتلكات العائلة والغط في ديون عائلته التي كانت في تزايد مستمر، كان والده يقوم بتوبيخه باستمرار بينما والدته كانت بدورها تحثه على العودة إلى الكنيسة، وفي النهاية قدم ستيفن والذي كان قد وصل إلى مرحلة أكثر جفاف وافتقار إلى روح الدعابة تفسيرًا للسبب الذي يكمن خلف نفوره من الكنيسة.

كما تطرق للحديث حول نظريته الجمالية التي طورها وشرحها لأصدقائه، ولكنهم وجدوا أنفسهم أنهم لم يتمكنوا من قبول أي منهما، وأخيراً توصل ستيفن إلى أن إيرلندا مقيدة للغاية؛ لأنها لا تسمح له بالتعبير عن نفسه بشكل كامل كفنان، ولهذا رأى أنه يتوجب عليه الرحيل، وقد اتخذ قراره باعتكاف المنفى الذي فرضه على نفسه، ولكنه يفصح من خلال مذكراته عن روابطه بوطنه.

المصدر: A Portrait of the Artist as a Young Man Novel


شارك المقالة: