يُعتبر المؤلف والأديب هنري جيمس وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن الثامن عشر، وهو ما يعرف بأنه مؤسس وقائد مدرسة الواقعية في الأدب الخيالي، وقد أشار الأدباء إليه بأن أعماله الأدبية جعلته من أعظم من كتب في الروايات والقصص القصيرة، ومن أبرز الروايات التي اشتهر بها هي قصة سيدة، وقد تم تجسيد الرواية في العديد من الأفلام السينمائية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية، وقد اعتبرت الرواية من الروايات الطويلة التي كتبها هنري جيمس.
نبذة عن الرواية
تم العمل على إصدار الرواية لأول مرة على شكل مسلسل، وقد كان ذلك في إحدى الجرائد التي تعرف باسم جريدة أتلانتيك الشهرية، كما أنه تم نشر المسلسل في إحدى المجلات العالمية، وقد كان ذلك ما بين عامي في 1880-1881، ثم بعد ذلك تم العمل على طباعة الرواية في كتاب كان قد صدر في سنة 1881، دار حول الرواية العديد من الآراء من قِبل النقاد حيث اعتبروها من أفضل الأعمال التي قدمها جيمس.
تناولت الرواية في مضمونها الحديث عن إحدى السيدات التي تقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد كانت تلك السيدة ما زالت في مرحلة الشباب إذ تتمتع بالحيوية المفعمة وتسمى إيزابيل، حيث أن تلك المرأة تحاول أن تتحدى قدرها ولكنه يتغلب عليها، كما كانت تلك السيدة قد ورثت مبلغ كبير من المال، لكنها في أحد الأيام كانت قد تعرضت لعملية نصب واحتيال من قِبل شخص من أمريكيا كان من المغتربين في دول أوروبا، حيث أن أحداث ووقائع تلك الرواية في أوروبا.
إذ أنّ أغلب روايات جيمس ومعظمها تدور أحداثها في دول إيطاليا وإنجلترا، وقد كانت الرواية من الإبداعات الأولى لهنري جيمس، وهذا ما جعل الأدباء يصفونها بأنها من التحف التي خلدها الكاتب، عكست الرواية اهتمام جيمس بالاختلافات بين العالم الجديد والعالم القديم، كذلك يعالج من خلالها جيمس بإحدى الطرق العميقة موضوعات الخيانة والحرية الشخصية والمسؤولية.
رواية صورة سيدة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول إحدى السيدات والتي تدعى إيزابيل، وقد كانت امرأة شابة ما زالت في بداية العشرين من عمرها، انحدرت أصول تلك السيدة من إحدى العائلات العريقة والنبيلة التي تقيم في إحدى القرى والتي تعرف باسم قرية الباني وهي من القرى التي تقع في مدينة نيويورك، وقد كانت تلك الفترة في الستينيات من القرن التاسع عشر.
كانت تلك السيدة في مرحلة طفولتها قد توفيت والدتها وهي ما تزال صغيرة في العمر، وقد تربت في ذلك الوقت أبيها، حيث كان طريقته في تربيتها طريقة استثنائية، إذ أنه كان يسمح لها بأن تعتمد على نفسها في كل أمور حياتها بما معناه أن تعتمد على نفسها في تثقف ذاتها، كما شجعها على الاستقلالية بنفسها، وعلى أثر ذلك أصبحت فتاة واسعة الأفكار ولديها نوع من الخيالية، كما أنها كانت تمتلك ثقة بالنفس كبيرة جداً، وفي بعض الأحيان تظهر لديها الأنانية.
كانت السيدة إيزابيل قد اشتهرت بحدة ذكائها وفطنتها بين سكان قريتها، لكن بسبب ذكائها الذي كان يبدو للجميع أنه معقد قلّ عدد الرجال الذي يتقدمون للزواج منها، وفي أحد الأيام تقدم أحد الرجال لخطبتها وقد كان رجل ثري يدعى كاسبر جود وود، لكنها كانت تخشى أن يقوم ذلك الزواج بالتأثير على استقلاليتها ويحد من حريتها، وهذا ما جعلها تؤجل الرد على طلبه إلى حين تعود من رحلتها إلى أوروبا، وقد كانت في تلك الرحلة بصحبة عمتها والتي تدعى السيدة توتشيت.
وفي أحد الأيام توفي أبيها وهنا سافرت إلى إنجلترا، إذ أرادت أن تقابل زوج عمتها الذي كان يملك مصرف في ذلك الوقت وابن عمتها الذي يدعى رالف، حيث أن ابن عمتها كان يعاني من أحد الأمراض في منطقة الرئة، وعلى الرغم من أن إيزابيل قد أقامت لدى بيت عمتها في مقاطعة جاردنكورت فترة قصيرة، إلى أنها تركت لدى الجميع انطباع جميل عن نفسها، حتى أنه في أحد الأيام قد تقدم أحد الجيران إلى خطبتها، وقد كان رجل أرستقراطي يدعى اللورد واربورتون، إذ أنه سيطر عليه حبها، لكنها أيضاً رفضت خشية أن يؤثر ذلك على حريتها واستقلاليتها كذلك.
كانت إيزابيل تمتلك صديقة تعمل في الصحافة الأمريكية وتدعى هنريتا، خشيت عليها صديقتها من تتأثر بالأفكار المجتمعية في أوروبا وأن تفقد مبادئها وقيمها الأمريكية، وعلى أثر ذلك قامت بتدبير لقاء بينها وبين كاسبر في مدينة لندن، وهنا عرض عليها كاسبر الزواج مرة ثانية، لكنها ردت عليه بأنها بحاجة إلى عامين حتى ترد عليه، كما أنها لم تقدم له أي وعود، وفي ذلك الوقت ازدادت ثروة إيزابيل وذلك بسبب زوج عمتها الذي أوصى بنصف ثروته لها.
وفي أحد الأيام تقربت من إيزابيل إحدى صديقات عمتها المقربات والتي تدعى ميرل، وسافرن الثلاث سيدات سوياً إلى مدينة فلورنسا وهناك تعرفت إيزابيل على رجل يدعى جلبرت اوزموند، وقد كان ذلك الرجل لا يملك شيئاً بالحياة لا مال ولا مكانة، لكن السيدة ميرل كانت تصفه بأنه من الرجال النبلاء والمعروفين في أوروبا، حيث أن بقي مكرس حياته للفن وقد كان متزوج لكن زوجته متوفية ولم يبقى له سوى ابنه تعمل كراهبة، كانت ميرل تحاول على الدوام اقناع ايزابيل بالموافقة على الزواج منه، كان اوزموند يرغب بالزواج منها ليس فقط طمعاً في ثروتها ولكن لأنها تتقن التمثيل، إذ رغب أيضاً بضمها إلى لمجموعته الفنية.
وعلى الرغم من أن الجميع رفض ذلك الزواج، إلا أنها تزوجت منه، وبعد مرور عام على زواجها رزقت بطفل، لكنه مات في عمر الستة شهور، وبعد مرور ما يقارب ثلاث سنوات على زواجها، ساءت العلاقة بين الزوجين، ومع الوقت أصبحت ايزابيل مجرد مصدر للمال والثروة بالنسبة لزوجها، حيث أنه كان ينزعج على الدوام من تصرفاتها المستقلة واتخاذها قراراتها بنفسها دون الرجوع إليه، كما كانت ايزابيل تغضب من التكبر والأنانية والتي تساهم في القضاء على شخصيتها، لكنها لم تفكر على الاطلاق بتركه؛ وذلك جراء رغبتها في أن تكون زوجة وفية.
وفي ذلك الوقت قابلت بانسي ابنة زوج إيزابيل شخص كان جامع للقطع الفنية، وهو من أصول أمريكية يقيم في مدينة باريس، حيث أن تقدم للزواج منها وذلك من أجل أن يتقرب من إيزابيل، لكن والدها رفض ذلك الزواج مدعي أنه ليس رجل نبيل ولا يمتلك ثروة، وبقيت الحال هكذا إلى أن وصل في أحد الأيام لورد يدعى واربورتون، حيث تقدم لخطبة بانسي من أجل التقرب من ايزابيل كذلك، وافق اوزموند على زواج ابنته من اللورد، وهذا ما جعل ايزابيل ترتبك، إذ أنها احتارت بين إطاعة زوجها أو ضميرها الذي يشعرها بالخوف من ذلك اللورد.
وفي أثناء حفلة الزفاف اندهشت إيزبيل من معاملة مدام ميرل الغاضبة والبذيئة لها، إلى أنها بعد ذلك اضطرت للسفر إلى إنجلترا بعد سماعها عن تدهور صحة رالف، وقد كان سفرها معارض من قِبل زوجها، لكنها عزمت على ذلك بعد أن أخبرتها إحدى الكونتيسات والتي تدعى جيمني أن ميرل هي عشيقة زوجها ووالدة بانسي، لكنهما ابقيا ذلك الأمر سراً حتى عن ابنتهما؛ وذلك لأنهما غير متزوجان في الحقيقة.