يُعتبر الكاتب والأديب جاك كيروك وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز الكُتاب الذين شاع صيتهم في القرن التاسع عشر، حيث أنه خاض العديد من المجالات الأدبية مثل تأليف القصص القصيرة والروايات والدواوين الشعرية، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم هي رواية على الطريق، والتي تم تجسيدها إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، وقد تم العمل على إصدارها لأول مرة سنة 1957.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول موضوع الرحلات التي كان قد قام بها الكاتب ومجموعة من أصدقائه عبر الولايات المتحدة الأمريكية، وقد اعتبرت الرواية من قِبل الأدباء والنقاد أنها بمثابة عمل تعريفي لما أطلق عليه الكاتب بجيل بيت، والذي كان قد ظهر بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهو ما كان يقصد به جيل الثقافة المضادة، حيث أنه يعيش أبطال ذلك الجيل حياة صاخبة ومفعمة، وأكثر ما كان تعلقهم بأحد أنواع الموسيقى التي تعرف باسم موسيقى الجاز والتغني بالشعر، بالإضافة إلى تناول الممنوعات.
في الحقيقة أن المواضيع التي تناولتها الرواية كانت في الواقع قصص حقيقية لمجموعة من الشخصيات الرئيسية لما تعرف في ذلك الوقت بحركة بيت، ومن ضمن تلك الشخصيات شخصية تدعى ويليام بوروز والتي تمت الإشارة إليها في الرواية بالاسم المستعار أولد بول لي، وشخصية آلن غينسبرغ التي تم تجسيدها تحت اسم كارلو ماركس، وشخصية نيل كاسادي والتي كانت تمثل شخص يدعى دين موريارتي، ومن ضمن الشخصيات كان كذلك مؤلف الرواية، إذ جسد شخصية الروائي تحت اسم سال بارادايس.
وقد استلهم الكاتب فكرة الرواية في فترة أواخر أربعينيات من القرن العشرين، حيث أنه وصفها بأنها سلسلة من المذكرات التي تم تدوينها وتوثيقها في وقت لاحق على ما يعرف بالبكرة، حيث أن تلك البكرة كانت طويلة ومتصلة مع بعضها البعض، وقد استمر الكاتب في تدوينها ما يقارب الثلاثة أسابيع متواصلات من شهر أبريل سنة 1951، وقد تم العمل على نشر الرواية للمرة الأولى عن طريق إحدى دور النشر التي تعرف باسم دار فايكنغ برس في سنة 1957م .
وحينما تم إصدار الكتاب الذي يحمل الرواية أشادت صحيفة نيويورك تايمز بأنه من أجمل الإنجازات والأكثر وضوحاً وتحتوي على مضمون في غاية الأهمية من بين كافة الأعمال التي قام بصنعها الجيل، وأن هذا العمل الأدبي كان خير تجسيد لفكرته الأساسية، وبناء على تلك المعطيات اختارتها دور عديدة خاصة بالنشر من أجل تبني نشرها مرة أخرى سنة 1998، كما وضعت ضمن قائمة أفضل مئة رواية صدرت في مجال الأدب الإنجليزي في القرن العشرين، وكما اعتبرتها مجلة تايم إحدى أفضل مئة رواية مكتوبة باللغة الإنجليزية بين الأعوام 1923 و2005.
وقد أشار الكاتب إلى أنه كتب مسودة الرواية في البداية على ما أطلق عليها اسم وثيقة في منزله الواقع في مدينة نيويورك وقد كانت تلك الوثيقة عبارة عن قطعة مستمرة من الورق الشفاف والمخطط بشكل طولي، ومقصوصة بحجم معين كما أنها متصلة مع بعضها، حيث أنه كتب النص على تلك المخطوطة بخط يده دون وضع أي فراغات بين الأسطر وكذلك دون أي هوامش أو فواصل بين الفقرات.
وفي سنوات لاحقة أجرى الكاتب بعض التعديلات عن مراجعته للوثيقة، إذ عمل على حذف بعض المقاطع من ضمنها بعض التصورات والتي كانت غير مسموح بها في فترة الخمسينيات من القرن العشرين، كما عمل على إضافة بعض المقاطع الأدبية الصغيرة، وقد كان المؤلف يحتفظ بعدد من الإضافات التي أعدها في الأصل لروايته هذه قبل أن يحذفها بشكل نهائي من الوثيقة، وقام باستخدامها في وقت لاحق كمقدمة إلى أحد أعماله الأدبية الأخرى الذي يحمل عنوان رؤى كودي.
رواية على الطريق
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في أحد الأيام التي تم بها استبعاد الكاتب من إحدى الجامعات التي تعرف باسم جامعة كولومبيا، حيث أنه من هناك انتقل للعمل على متن مجموعة من المراكب البحرية المختلفة، وقد كان ذلك قبل التفكير في العودة إلى مدينة نيويورك من أجل التفرغ للكتابة، وأثناء تلك الرحلات قابل وخالط ثلاثة من الشخصيات البارزة في جيل بيت، وحينما عاد إلى مدينة نيويورك قرر أن يقوم بتدوين تلك الرحلات والمغامرات التي قام بها في كتاب، وبينما كان منهمك في الكتابة تطرق للمغامرات التي خاضها وعاشها مع هؤلاء الشخصيات الثلاث.
وأول ما بدأ في الحديث عن المغامرات حمل الكاتب مجموعة من الدفاتر الصغيرة، والتي كانت مخصصة لكتابة المذكرات، حيث كتب فيها الكثير من النصوص والتي يركز بها لوصف المدة الزمنية التي كانت زاخرة بالأحداث في أثناء اجتيازه إلى تلك الرحلات والتي وصفها بالطريق الطويلة، وبدأ بالعمل على العديد من النسخ الأولية من الرواية مع بداية عام 1948م، حيث أنه أول ما بدأ بتدوينه هو التجارب التي كان قد عاشها خلال رحلته الطويلة الأولى والتي كانت سنة 1947، وعلى الرغم من تدوينه إلى كامل تفاصيل الرحلة، إلا أنه لم يكن راضيًا عن الرواية في البداية.
وقد لخص الكاتب من خلال الرواية أساسيات النثر العفوي سنة 1950، وقد كان ذلك بعد أن تلقى الإلهام من إحدى الرسائل التي وصفها بأنها من الرسائل المتجولة، حيث أنه في ذلك الوقت كان قد أرسلها له صديقه نيل كاسادي والتي كانت مؤلفة من ما يقارب عشرة آلاف كلمة، وبناءً على هذا قرر الانتقال بالرواية للحديث عن القصص في السنوات التي قضاها في السفر مع كاسادي، وقد اعتمد الكاتب في هذا الجزء من الرواية على أسلوب المحاكاة، إذ قرر من ضمن الرواية أن يدخل رسالة كان يريد أن يوجهها إلى أحد أصدقائه، وأسلوب كتابته للرسالة عكس السلاسة الارتجالية.
وقد اختار الكاتب أن تكون تلك الرسالة موجهه إلى أحد طلابه القدماء في الجامعة التي كان يُدرس بها، حيث قال فيها: لقد شرعنا أنا ونيل في رحلة عبر الولايات المتحدة الأمريكية؛ وذلك من أجل العثور على أمريكا التي نتخيلها في مخيلتنا، وكذلك من أجل التوصل إلى الخير المتأصل في الشعب الأمريكي.