تُعتبر الرواية من الأعمال الأدبية التي تميز بها الكاتب الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيث، وقد كان العنوان الأصلي الكامل للكتاب هو قصة بحار غريق، وقد كانت الرواية من أهم المؤلفات الأدبية التي لاقت استحساناً واسعاً حال صدورها، كما حققت نسبة مبيعات عالية، وجسدت إلى العديد من الأفلام السينمائية العالمية، ترجمت إلى الغالبية العظمى من اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية.
نبذة عن الروية
تمحورت الرواية في مضمونها في الحديث حول أحد البحارين الذي ظل هائمًا في البحر على طوق نجاة لمدة ما يقارب العشرة أيام دون أي قوت يومي، والذي بعد نجاته تم تتويجه كبطل قومي ورافق ملكات الجمال، وأصبح رجل ثري جراء شهرته، ثم بعد مرور فترة من الوقت نبذته الحكومة وصار إنسان منسي إلى الأبد من قِبل الجميع.
في البداية تم نشر الرواية على شكل صورة سلسلة من الأجزاء المتتالية على مدار أربعة عشر يوماً عن طريق صفحات إحدى الجرائد اليومية التي تعرف باسم جريدة إل إسبكتاتور في سنة 1955، وقد تم نشرها في وقت لاحق مرة أخرى من جديد في سنة 1970 في صورة كتاب، وقد تم كتابة الرواية باستخدام صيغة المتكلم من وجهة نظر البحار لويس وهو في سن العشرين، حتى أن البحار وقّع على تلك الرواية بنفسه، حيث كان بصفته من قام بتأليفها وحينما أصدرت لأول مرة في سنة 1955م، ولم يُعلن عن صلة غارثيا ماركيث بذلك العمل الأدبي على الملأ مطلقاً إلا حينما نُشرت من جديد عام 1970 باسمه.
وقد ناقش الكتاب الذي يتضمن الرواية فكرة العودة الأخلاقية المحتملة إلى الحالة البدائية والغريزية في ظل إحدى الكوارث البحرية وما يليها من أحداث كحطام السفينة واستقبال الناجي في البداية، ومن ثم عزلة من الكارثة وعن بقية المجتمع، وقد تم نقاش تلك الفكرة في السابق في عدة أعمال أدبية خيالية مثل روبنسون كروزو ومن أبرز الأمثلة الحديثة على الكتب الواقعية التي تناقش الموضوع ذاته هو كتاب آخر رحلة غريبة لدونالد كروهرست وهي من تأليف رون هول ونيكولاس تومالين.
رواية قصة بحار غريق
في البداية تدور وقائع وأحداث الرواية حول الشخصية الرئيسية وهو رجل يدعى لويس أليخاندرو، وقد كان لويس يعمل في مهنة البحارة، حيث أنه ربان لإحدى السفن المدمرة التي تعرف باسم كالداس، وفي أحد الأيام رغب في العودة إلى موطنه الأصل وهو دولة كولومبيا، وقد كان ذلك بعد قضاء وقت طويل في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن في ذلك الوقت كانت السفينة محُملة بحمولة زائدة قبل إبحارها، ونتيجة لوجود العديد من البضائع المحظورة والممنوعة على متنها قد تعرضت السفينة للخطر.
إذ أنه أثناء رحلة السفينة هبت عاصفة من الأمواج العالية، وعلى إثر تلك العاصفة وقع ثمانية رجال من طاقم السفينة بالإضافة إلى جانب الغالبية العظمى من مجموعة البضائع، وبعد إجراء عملية بحث استمرت إلى حوالي أربعة أيام أعلنت السلطات عن وفاة جميع المفقودين وعن اختفاء جميع البضائع التي سقطت، ولكن لويس والذي كان من ضمن المفقودين كان قد عثر على طوق نجاة، وإذ به قد تشبث به ومكث عليه في أعالي البحار دون طعام أو شراب وبلا أمل كذلك، وبعد أن جرفته تيارات البحر إلى ما يقارب عشرة أيام وصل البحار في النهاية وهو على طوفه إلى شاطئ أرض مجهولة لم يدركها من قبل، حيث اكتشف فيما بعد أنها أرض تعود إلى دولة كولومبيا، وأول ما وصل استقبله الناس في البداية بكل حفاوة ومودة وحرارة، كما حصل في وقت لاحق على العديد من الأوسمة العسكرية والكثير من المال والدعم من وكالات الدعاية.
وبعد تلك الحادثة ترك لويس العمل في مهنة البحرية وشرع في العمل في القطاع الخاص، وأول ما بدأ به هو العمل في إحدى الشركات الخاصة بالحافلات، وأخيراً استقر في عمله كوكيل تجاري في إحدى شركة التأمين التابعة إلى مدينة بوغوتا، وبعد مرور ما يقارب خمسة عشر عامًا، حينما تم نشر الكاتب في سنة 1970، تكرم المؤلف الأصلي بالتنازل عن حقوق التأليف وعائدات الكتاب لصالح البحار، وفي سنة 1983م رفع لويس دعوى للحصول على حقوق ترجمة الكتاب، ولكنه كان قد خسر القضية، وفي آخر أسبوع من حياته اعتذر البحار عن دعواه ضد الكاتب، وتوفي في 2 أغسطس 2002 في بوغوتا بعمر السادسة والستين.