رواية لمن تقرع الأجراس - for whom the bell tolls

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر رواية (لمن تقرع الأجراس) من أهم الأعمال الروائية للكاتب المشهور عالمياً (أرنست هيمنجواي)، إذ يُعد من أهم الكُتاب الأمريكيين الذي عمل في مجال كتابة الروايات والقصص القصيرة، إذ كان يُطلق عليه اسم (شيخ كتاب القصة المعاصرة)، فأرنست هيمنجواي من مواليد سنة 1899م، في ولاية إيلينوي الأمريكية، وكان قد توفي سنة1961م، الذي وصل إليها بالانتحار، فالكاتب قد قام بعملية الانتحار في نهاية حياته.

رواية لمن تقرع الأجراس

الموضوع الذي تناولته الرواية للحديث عنه، هو الحرب الأهلية الإسبانية، وقد نُشرت تلك الرواية سنة 1948م، وقد كان فيها يظهر البطل الذي يدعى (روبورت جوردن)، وهو شاب يحمل الجنسية الأمريكية ويختلط بإحدى الكتائب العالمية، التي كانت ترافق إحدى العصابات.

وهي من العصابات التي ولدتها الحرب الشيوعية، والتي كانت تحدث أثناء فترة الحرب الأهلية في إسبانيا، إذ قام الكاتب باقتباس العنوان الذي حملته الرواية، ألا وهو (لمن تقرع الأجراس)، وقد كان من جزء ورد بكتاب للأديب الشهير (جون دون)، والذي كان يحمل اسم (تأملات)، والذي قال فيه: “لا تراسلني أبدًا لتسألني لمن تقرع الأجراس”.

أحداث الرواية

قام الكاتب بتقديم وسرد الرواية، على شكل نبذة من تجاربه وخبراته الخاصة، بحيث استدرج مواقف وأحداث حصلت معه خلال مراحل حياته، كما عمل على الدمج بطريقة فنية وسلسة للأحداث والوقائع التي حصلت معه بشكل شخصي، أثناء معاصرته للوقائع والأحداث التي حصلت خلال في الحرب الأهلية الإسبانية.

فقد جاء بطل الرواية، والذي كان يدعى باسم (روبورت جوردن) قادماً من الولايات المتحدة الأمريكية إلى دولة إسبانيا، إذ كان يسعى إلى هدف وطموح واحد، ألا وهو مواجهة الجيش الذي كان يقوده (فرانسيسكو فرانكو)، فقد دبر لنفسه آنذاك عمل كأستاذ للغة التي كانت تعتمدها الدولة الإسبانية في إحدى الجامعات.

.

قام البطل بالتطوع للعمل في إحدى الكتائب، والتي كانت تختلط بشكل كبير وتخوض في أحداث مع عصابات الحرب الشيوعية، كما كان يتلقى روبورت جوردن التعليمات والأوامر من القائد المسؤول عنه، ففي أحد المرات طلب القائد من روبورت بأن يقوم بعبور الحدود التي تخص الأعداء؛ وذلك من أجل أن يقوم بتدميرهم وإحداث هدم في بنيتهم التحتية وانهيار اقتصادهم ، وذلك بأن يقوم بهدم الجسر الخاص بهم.

فقد كان يُعتبر ذاك الجسر من أهم الأماكن التي يعتمد عليها العدو في عمليات الحربية ضد العصابات، بحيث يكون من خلال مساعدة عدد كبير من الأفراد المتطوعين للمحاربة مع العصابات الشيوعية، والتي تُدعى العصابات الحربية، والذين كانوا يقطنون في ذلك الوقت في مكان جبالي قريب منهم، وكانوا قد اعتمدوا ذلك المكان كحصن منيع أمام العدو، فقد عملوا على إطلاق كافة عملياتهم وتنفيذ خططهم من ذلك المكان.

.

وفي تلك الأحداث قابل روبرت خلال مهمته، فتاة تُدعى (ماريا)، وقد كانت إحدى الفتيات اللواتي ينتمين إلى العصابات الحربية، حيث التقى بها في المكان المخصص للاجتماع في تلك العصابات، وقد عرف من خلال الحديث المتواصل معها أنها من إحدى المواطنات التي تعود أصولها إلى دولة إسبانيا، وهي تشارك بشكل مستمر في العمليات التي تقوم بها العصابات الحربية، ولكنها كانت قد وصلت لمرحلة البؤس واليأس والإحباط جراء الحروب؛ ويعود السبب في ذلك إلى أنّ الحرب قد عملت على تحويل حياته إلى جحيم على أرض الواقع.

.

وفي تلك الأثناء بدأت مشاعر جوردن تتحرك باتجاه ماريا، إذ اصطدمت المشاعر والأحاسيس لديه بين أداء مهمته الصعبة بتنفيذ العمليات الحربية، وبين المشاعر والأحاسيس المفعمة بالحب التي يكنها في داخله لماريا، حيث أنه كان يعرف مدى المخاوف جيدًا التي سوف تترتب عليه من قبل قائد الحرب، والذي يدعى (بابلو)، في حال فشلت العملية التي وكله بها، فالقائد كان معطي هذه العملية قدراً كبيراً من الاهتمام والحرص في المتابعة؛ حتى تتم بالطريقة التي يردها، فقد كان يريدها أن تتم كالصورة التي رسمها لها تماماً.

وفي تلك اللحظات كان جوردن لديه رغبة شديدة في الاستمتاع بحياته وعيشها بالطريقة التي يحبها، إذ بظهور ماريا شعر باشتعال المشاعر الجياشة في قلبه، لذلك شعر بإطفاء الرغبة لديه في الالتزام بتلك المهمة السرية والقيام بها، وإتباع تعليمات القائد الموجهة إليه، والتي قد تُخلف فيما بعد الكثير من التداعيات والمشاكل.

.

وسارت الرواية هكذا في إطار من الألم والحزن والخوف من فقدان الحب، الذي لطالما حلم بالحصول عليه، حيث جسد الكاتب في الحديث فيها عن ويلات الحرب وما سببته من ويلات للبشر، وما خلفته ورائها من آلام وأشجان بقيت ساكنة النفوس الإنسانية حتى وقت طويل، وفي نهاية الرواية جاء مشهد الوداع بين ماريا وجوردن؛ للتعبير عن مدى الحزن والشجن الذي يتواجد في تلك الحقبة من الزمن، والتي كانت شديدة الأسى على كلا الطرفين.

.

الأفكار الرئيسية التي وردت بالرواية

دارت أحداث الرواية حول فكرة مهمة وأساسية، ألا وهي فكرة الموت وكيفية انتظاره في كل وقت وحين، إذ أدرك حينها روبورت جوردن أنّ موته من الأمور الحتمية، والتي لا مفر منها، والتي كان توقعها حاضر في كل لحظة، منذ اختياره في البداية بأن يكون مسؤول عن عملية تفجير وتدمير جسر العدو، وهذا كان الشعور ذاته الذي يحس به كافة القادة الذين يعملون في العصابات الحربية أيضًا، فالشعور بالموت كان يحيط بكل فرد من أفراد الرواية.

.

ترسخت العديد من الأفكار داخل الرواية؛ منها ما كان يعمل على تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، ومنه ما كان يشار به إلى علاقة الحب التي باءت بالفشل والوداع الحزين، كما تجلت الكثير من الأفكار كالانتحار التي كانت من خلال وجهة نظر تلك الشخصيات التي قد عانت كثيراً من الشعور بأنّ الموت على مقربة منهم بأي لحظة، وأنها كانت المُنقذ الوحيد لهم من الاعتقالات والتعذيب داخل السجون.

كما قد كشفت الرواية كذلك عن الطبيعة التعصبية لدى السياسيين، والذي كان يعتقد على الدوام أنه هو فقط على حق وغيره لا يدركون الابعاد التي تترتب على أراءهم، كما أوضح الكاتب الخطر الذي كان يهاجم بلاده من الفاشية التي استوطت وتغلغلت داخل الأفراد، وهكذا مضت الرواية في مشاعر الحزن والشجن والألم والمعاناة، حتى في النهاية قد بلغت ذروتها، حتى تثير تساءل القارئ في نهاية الرواية لمن تقرع الأجراس؟، فيشعر حينها أن تلك الأجراس، ما هي إلّا أجراس تدق للحرب والحزن والخوف والألم فقط، ولا يوجد أحد  يمكنه الاستفادة من قرع تلك الأجراس في حقيقة الأمر.


شارك المقالة: