يُعد المؤلف والأديب ستيفن تشبوسكي وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حيث أنه امتاز في كتاباته ومؤلفاته الأدبية، كما أنه تناول فيها مواضيع عن الشباب والأمور التي تخصهم في سن البلوغ، وقد كانت مؤلفاته من أكثر الأعمال الأدبية التي حققت نسبة مبيعات عالية، ومن أكثر الروايات التي حققت له شهرة واسعة حول العالم هي رواية مزايا أن تكون خجولاً، وقد تم العمل على نشر الرواية لأول مرة في سنة 1999م.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية في مضمونها الحديث حول موضوع واقع الشباب في مرحلة البلوغ ومرحلة المراهقة التي يمرون بها، حيث أكثر ما كانت الرواية تناسب من هم في مقتبل العمر، تم سرد الرواية على شكل مجموعة متسلسلة من الرسائل، والعمل على نشرها بما يقارب ثلاثون لغة؛ وقد عمل الكاتب على ذلك حتى يتمكن جميع فئة الشباب من مختلف المجتمعات على الحصول عليها والتمكن من الاطلاع عليها وقراءتها، وقد تم سرد أحداثها من خلال أحد الشباب الذين كانوا في مرحلة المراهقة، حيث أنه كان شاب انطوائي على نفسه، كما تم العمل على تصوير مختلف تجارب الحياة من خلال مجموعة من الرسائل التي كانت يتم إرسالها إلى شخص مجهول الهوية وغير معروف للقارئ.
وقد أشار الأديب ستيفن تشبوسكي إلى أن تلك الرواية هي من أقرب الروايات إلى قلبه، حيث أنها تعالج إحدى المشاكل التي تحدث مع الكثير من الشباب، وهو ألم فقدان شخص له مكانة مختلفة عن غيره، كما تطرقت لتصوير كيف يمكن أن يكون الشخص مع مجموعة من الأصدقاء لكنه في ذات الوقت يشعر أنه إنسان وحيد ولا أحد بجانبه، وقد أشار العديد من الأدباء أن مثل تلك المشاكل موجودة في مختلف المجتمعات الدولية على حد سواء ويعاني منها الشباب.
رواية مزايا أن تكون خجولاً
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول حياة أحد الشباب، حيث أن ذلك الفتى ما زال في الخامسة عشر من عمره، كما أن ذلك الفتى يتخذ طريقه للتعبير عما بداخله من خلال قيامه بكتابة مجموعة من الرسائل، ويعزم في إرسالها إلى أحد الأشخاص المجهولين، وتلك الرسائل تتضمن الحديث عن حياته التي يعيشها وعن كافة الأمور التي يشعر بها في تلك المرحلة من عمره، وأول الأحداث التي يتطرق للحديث عنها هي حادثة وفاة صديقه الوحيد في المدرسة والذي يدعى مايكل، إذ أن صديقه كان قد أقدم قبل سنتين على الانتحار، وأنه على أثر تلك الحادثة تعتريه حاله من الخوف والقلق من أن يبدأ المرحلة الثانوية.
كان تشارلز شخصية تتسم بالخجل الشديد، فهو لا يتجرأ على قيام أي علاقة مع أي طالب في المدرسة، وفي أحد الأيام كان قد اقترب منه طالب في المدرسة وهو أكبر منه العمر ويسمى باتريك، لكن ذاك الصديق كان إنسان لا يتمثل ولا يتسم بالأخلاق الحميدة، وفي تلك الأثناء قام باتريك بتقديم تشارلز وتعريفه على أخته غير الشقيقة له وتدعى سام، وبعد مرور فترة قصيرة وحصول العديد من المقابلات بين تشارلز وسام، انجذب تشارلز إلى الفتاة وأعجب بها، لكن سام كانت تظهر أنها تمتلك حبيب في السابق، لكن كانت قد حدثت علاقة انفصال بينهم، كما أنه لم يحدث بينهم أي اتصال منذ فترة، ومن هنا بدأ انضمام تشارلز إلى مجموعة أصدقاء سام وأخيها، وقد كان يحاول في كثير من الأحيان بالسيطرة على أفكار وذكريات الماضي التي بقيت تحوم حوله حول وفاة عمته في يوم عيد ميلاده.
وفي ذلك الوقت بدأ تشارلز في الانخراط كثيراً في تلك المجموعة، والتي كان من بينها فتاة تدعى ماري اليزابيث، وقد بدأ في مواعدتها، لكن لم يمكث تشارلز كثيراً في هذه العلاقة؛ وذلك لأنه كان يشعر أنها علاقة من طرف واحد فقط، وفي أحد الأيام اقترح أحد أفراد المجموعة بالقيام بلعبة تحدي، وأثناء تلك لعبة اشترطوا عليه أن يعبر عن حبه لإحدى الفتيات الموجودات في المجموعة، وهنا وقع اختياره على سام، وهنا شعر باتريك بالغضب الشديد وقام بتهديد تشارلي بأن يترك اللعبة والمجموعة بأكملها وأن يبقى بعيداً عنهم، ومن هنا دخل تشارلز في حالة من الاكتئاب وبدأت الذكريات البائسة حول وفاة عمته تعود للسيطرة على تفكيره من جديد.
وفي يوم من الأيام وبينما كانوا الطلاب يتناولون وجبة الغداء تم الاعتداء على باتريك من قِبل مجموعة من لاعبي كرة القدم؛ وقد كان ذلك الشجار تم جراء مناداة أحد لاعبي فريق كرة القدم لباتريك بأنه شخص نكرة ومختل أخلاقياً، وهنا سرعان ما قدم تشارلي وقام بإنقاذه من الشجار الذي حصل، وعلى أثر موقف تشارلز ذلك فقد أعادته المجموعة بالانضمام إليهم من جديد.
ومع مرور الوقت شارفت السنه الدراسة على الانتهاء وهنا عاد تشارلز إلى حالة القلق والتوتر والاضطراب، حيث أنه كان قد سمع أن سام بعد فترة وجيزة سوف تذهب لتكمل دراستها الجامعية في إحدى المدن، وبينما كان يقدم لها المساعدة في تجهيز حاجياتها وأغراضها، دار بينهم حديث حول المشاعر التي تشعر بها اتجاهه، وانتظرت قليلاً على أن ينطق ويعبر عن ما في داخله، لكنه لم ينطق بأي شيء على الاطلاق، كل ما كان يشعر به هو الخوف في تلك اللحظة.
في صباح اليوم التالي استيقظ تشارلز من نومه وداخله يجيش بالعواطف، وبدأت الذكريات التي تخص عمته تسيطر عليه من جديد وتتخبط في تفكيره، إذ شعر أن بأنه لا يستطيع أن يدلي بأي مشاعر اتجاه سام بسبب تلك الذكريات، والتي اتضحت فيما بعد أن السبب الذي كان خلف تلك الذكريات هو أن عمته قامت بفعل غير أخلاقي معه بينما كان في مرحلة مبكرة جداً من العمر، وفي تلك الأثناء يقرر تشارلز أن يقوم بعرض نفسه على طبيب نفسي، والذي أشار عليه في ذلك الوقت أن يقوم بالإقامة في مصحة نفسية لفترة؛ وذلك حتى يقمع تلك الذكريات بالكامل وإلى الأبد، وفي تلك المصحة كان باتريك وشقيقته يقومون بزيارته والاطمئنان عليه بين الحين والآخر.
وفي نهاية الرواية قام تشارلز بوصف الماضي الذي عاشه من خلال نصيحة قدمها لجميع من عاش مثل حالته تلك، بقوله: مهما كان الماضي الذي عشناه أو نشأنا فيه والذي لا يمكننا على الاطلاق اختياره، فإنه ينبغي علينا أن نقوم باختيار المستقبل الذي سوف نذهب إليه، ومن هنا توقف عن كتابة الرسائل لصديقه مجهول الهوية وعاد إلى الانغماس في الحياة وإقامة العلاقات السوية.