يُعتبر المؤلف والأديب كورت فونيجت وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، حيث أنه اشتهر بمجموعة كبيرة من الأعمال الأدبية المتنوعة، كما استمرت مسيرته الفنية في مجال الأدب إلى ما يقارب الخمسين عام، ومن أكثر الروايات التي اشتهر بها هي رواية مهد القطة، إذ تم تجسيد الرواية إلى العديد من الأفلام السينمائية، كما تمت ترجمتها إلى الغالبية من اللغات العالمية؛ وذلك بسبب الانتشار الواسع الذي لاقته، وقد تم العمل على إصدار الرواية سنة 1963م.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية في مضمونها الحديث عن عدة مواضيع وهي الدين والعلم والتكنولوجيا، حيث أنه كان يطغى على أسلوب فونيجت في هذه الرواية السخرية والهجاء، وقد اقتبس المؤلف الرواية من اكتشافات العلماء والمخترعين، حيث أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كان كورت فونيجت يعمل في أحد الأقسام في إحدى الشركات والتي تُعنى بإجراء اللقاءات مع المفكرين والباحثين، كما كانت المهمة التي يقوم بها في ذلك القسم هو الاطلاع على أبحاث العلماء والمكتشفين وأصحاب الأبحاث الثمينة والنفيسة وإجراء مقابلات معهم، حيث أنه بعد أن يتم عمله معهم كان يقوم بتأليف رواية أو قصة عن أبحاثهم.
حيث أنه في ذلك الوقت كان يشعر فونيجت أن الكبار من العلماء والعظماء لا يدركون أهمية مصير اختراعاتهم واكتشافاتهم ومدى أهمية استعمالاتها وتأثيرها على الحياة العملية، وقد استلهم فونيجت العديد من الشخصيات التي اعتمدها في مؤلفاته من هؤلاء المبدعين والمفكرين، وأن الشخصية التي تم اعتمادها في هذه الرواية كان من أحد المبدعين الذين حازوا على جائزة نوبل، والذي كان في ذلك الوقت يتواصل مع شقيقه ويعمل معه، وقد تحدث كورت فونيجت حوله في إحدى المقابلات التي أجريت معه أن ذلك المبدع لم يكن يأبه مطلقاً بمن سوف يستخدم الاكتشافات التي تعود في أصلها له، وله حق ملكيتها والتحيز بها، إذ كان يعتبر كل أمر يكتشفه هو جميل بحد ذاته، إذ يستمتع بلذة الاكتشاف وفقط.
رواية مهد القطة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية حول أحد الأشخاص الذين فكروا في أن يقوموا بتأليف كتاب عن نهاية العالم، وهذا البطل يدعى جون، حيث أراد أن يتطرق في مقدمة الكتاب إلى الاستقصاء حول آراء المشاهير والناس من مختلف الطبقات في الولايات المتحدة الأمريكية حول اليوم الذي تم فيه قصف هيروشيما، وبينما كان جون يدور بين الناس ويعمل استبيان حول الحادثة التقى مع أبناء الباحث والمخترع العالمي فيليكس هونيكر، وقد كان فيليكس من أهم وأبرز المساهمين في الأبحاث النووية، حيث أنه كان له دور كبير في نجاح تلك الأبحاث، كما كان من الشخصيات المشهورة والتي حصلت على جائزة نوبل في علم الفيزياء.
وقد كانت تلك الشخصية من الشخصيات الخيالية التي أدرجها الكاتب في الرواية، وبينما تسير أحداث الرواية وفي أحد الأيام يصل إلى مسمع جون أن هناك مادة تعرف باسم الجليد، ويعود الأصل في ابتكارها واختراعها إلى الخبير فيليكس هونيكر، وقد توصل إليها قبل أيام قليلة من وفاته، حيث أنه في ذلك الوقت أوعز إلى كل واحد من أبنائه أن يقوم كل واحد منهم بالاحتفاظ بجزء منها، وعلى أن يبقى هذا الأمر سر فيما بينهم، وقد كانت تلك المادة من المواد الجليدية التي تمتاز ببنية بلورية خاصة، حيث أنه يبقى على حالة من الصلابة مهما تعرض إلى درجة الحرارة عالية، وفي حال قام بملامسة سطح من الماء، فإنه سرعان تلك الماء ما تتجمد وتتحول إلى جليد كامل.
وفي أحد الأيام يحصل اجتماع بين جون وأبناء فيليكس في إحدى الجزر التي تعرف باسم جزيرة سان لورنزو والتي تقع على مقربة من البحر الكاريبي، حيث أن تلك البلاد تعاني من أدنى مستويات الفقر على مستوى العالم، وتلك البلاد يحكمها شخص دكتاتوري أيضاً من نسج خيال المؤلف، وعند وصول جون إلى تلك الجزيرة يتوجه للتعرف على تاريخها وثقافتها، وقد كان ذلك من خلال أحد الكُتب، والذي كان قد قدمه له راكب كان يجلس بجانبه في ذات الطائرة التي كانت متوجهة إلى مدينة سان لورنزو.
وفي ذلك الوقت وبينما يخوض جون في قراءة الكتاب يتعرف على الديانة المتبعة من قِبل فئة قليلة جداً وبشكل سري في الجزيرة، وهي تعرف باسم الديانة البوكونونية، حيث أن تلك الديانة تعتمد على تجميع العديد من الملاحظات التهكمية حول الدنيا وقدرة الخالق وإرادته إضافة إلى بعض الطقوس الغريبة والعجيبة لكنها كانت في بعض الجوانب مسالمة، وهذه الديانة محظورة تماماً في تلك الجزيرة وتحت طائلة الإعدام كل من يؤمن بها.
وفي أحد الأيام وبينما يحاول جون التجوال بين سكان الجزيرة يرى أن المجتمع في تلك الجزيرة أكثر بُعد مما يبدو للوهلة الأولى، وأن جميع سكانه يؤمنون بديانة البوكونونية دون أن يعلم أحدهم عن الآخر، وليس كما يبدوا في الكتاب فئة قليلة، وهنا يلتقي جون مع فرانك أحد أبناء فيليكس هونيكر، والذي كان في ذلك الوقت قد حصل على منصب مهم في الحكومة في تلك الجزيرة من قِبل الحاكم، وقد كان ذلك مقابل قطعة من الجليد التي قدمها له والده فبل وفاته، وفي أحد الأيام يصاب حاكم الجزيرة بمرض السرطان، وقد كان تقريباً في مراحل حياته النهائية، وهنا يعزم على تعيين فرانك هونيكر خليفة له، ولكن فرانك كان قد رفض طلبه رفضاً تاماً، وحاول إقناع جون بأن يتسلم ذلك المنصب ويتولى بنفسه أمور تلك الجزيرة.
وفي أحد الأيام كان قد عانى الحاكم من آلام المرض إلى حد كبير، وهما عزم على أن يقدم على الانتحار من خلال تناول قطعة الجليد، وهنا تعمل قطعة الجليد على تحويل الحاكم إلى قطعة من الجليد الكامل، وقد كان ذلك قد حدث أثناء مراسم الاحتفال التي أقيمت في الجزيرة من أجل الاحتفال بالعيد الوطني لجمهورية لتلك الجزيرة، وقد كان ذلك التاريخ يصادف أيضاً عيد المئة شهيد من أجل الديموقراطية، وأثناء العرض الجوي تقوم إحدى الطائرات بالتحطم والارتطام في الجدار الخاص بقصر الحاكم والذي كان يقع على شاطئ البحر.
وفي تلك الأثناء ينهار الجدار وجزء من مبنى القصر وإذ بجثة الحاكم والتي كانت متجمدة في ذلك الوقت في البحر، وعلى أثر ذلك يتحول البحر إلى قطعة من الجليد، وتتلقى المصير نفسه جميع الأنهار والينابيع والمياه الجوفية، مما أدى بالتالي إلى انقراض الحياة على وجه الأرض، ومن هنا ينجو جون بأعجوبة كبيرة ويتطرق إلى كتابة تلك الرواية، وقد أشار بعد الانتهاء من الرواية أنها لو كان صغير في السن لكان كتب العديد من المجلدات عن الحماقات التي يرتكبونها البشر من وجهة نظره، ولبنى لنفسه تمثال ساخر من البشرية.