صندوق النار أو صندوق الاشتعال (The Tinderbox) (بالدنماركية: Fyrtøjet) هي قصةخرافية أدبية لهانس كريستيان أندرسن عن جندي يجد صندوقًا سحريًا يمكنه استدعاء ثلاثة كلاب قوية للقيام بأمره، عندما يكون لدى الجندي أحد الكلاب ينقل أميرة نائمة إلى غرفته، يُحكم عليه بالإعدام لكنه يستدعي الكلاب بمكر لإنقاذ حياته.
الشخصيات:
- الساحرة.
- الجندي.
قصة صندوق الاشتعال:
تدور أحداث القصة حول جندي كان يسير على طول الطريق السريع ويذهب مرة يسار، ثمّ يمين وكان يحمل حقيبته على ظهره، وعلى جانبه سيف، لقد كان يشارك في الحروب، وهو الآن يعود إلى الوطن وبينما كان يمشي، التقى بساحرة عجوز مرعبة للغاية في الطريق، وتوقفت وقالت: مساء الخير يا جندي، لديك سيف جميل جداً وحقيبة كبيرة، وأنت جندي حقيقي، لذلك يجب أن يكون لديك الكثير من المال كما تريد.
قال الجندي: شكرا لك أيتها الساحرة العجوز، فقالت الساحرة: هل ترى تلك الشجرة الكبيرة، مشيرة إلى شجرة واقفة بجانبهم، حسنًا إنها مجوفة تمامًا من الداخل، ويجب أن تتسلقها لتصل إلى القمة، وعندما ترى حفرة يمكنك من خلالها أن تنزل إلى الشجرة بعمق كبير وأنا سأربط حبلًا حول جسدك، حتى أتمكن من سحبك مرة أخرى عندما تناديني.
فسأل الجندي: لكن ماذا علي أن أفعل، هناك في الأسفل على الشجرة؟ فأجابت: الحصول على المال كما يجب أن تعلم أنه عندما تصل إلى الأرض تحت الشجرة، ستجد نفسك في قاعة كبيرة مضاءة بثلاثمئة مصباح وسترى بعد ذلك ثلاثة أبواب، يمكن فتحها بسهولة، لأن المفاتيح موجودة في جميع الأقفال، وعند دخولك إلى أول الحجرات التي تؤدي إليها هذه الأبواب، سترى صندوقًا كبيرًا موجود في منتصف الأرضية وعليه كلب جالس، له عينان بحجم فنجان الشاي.
لكن لا داعي للخوف منه على الإطلاق، سأعطيك مريلتي المربّعة الزرقاء، والتي يجب أن تنشرها على الأرض ثم تمسك الكلب بجرأة، وتضعه عليها حيث يمكنك بعد ذلك فتح الصندوق، وتأخذ منه أكبر عدد تريده من البنسات، فهي مجرد بنسات نحاسية ولكن إذا كنت تفضل الحصول على نقود فضية، فعليك أن تدخل الغرفة الثانية، وهناك سوف تجد كلبًا آخر، بعينين بحجم عجلات الطاحونة لكن لا تدع هذا يزعجك، ضعه على المريلة، ثم خذ المال الذي تريده. ومع ذلك، إذا كنت تفضل الذهب فادخل الغرفة الثالثة، حيث يوجد صندوق آخر مليء به، أما الكلب الذي يجلس على هذا الصندوق مروع للغاية فعيناه كبيرة مثل البرج، لكن لا تمانع في ذلك حيث إذا وُضع أيضًا على مئزري (ثوبي)، فلن يؤذيك، ويمكنك أن تأخذ الذهب الذي تريده.
قال الجندي: هذه ليست قصة سيئة، لكن ماذا سأعطيك أيتها الساحرة العجوز؟ لأنك بالطبع لا تقصد أن تخبرني بكل هذا من أجل لا شيء، قالت الساحرة: لا، لكني لا أطلب فلسًا واحدًا، أعدك فقط بإحضار صندوق اشتعال قديم، تركته جدتي في آخر مرة نزلت فيها، فقال الجندي: ممتاز، أعدك، والآن اربطي الحبل حول جسدي، فربطته الساحرة وأعطته المريلة الزرقاء بعد أن قام بتفحصها.
وحالما تم ربط الحبل، صعد الجندي إلى الشجرة ونزل عبر الجوف إلى الأرض تحته ووجد هناك كما أخبرته الساحرة قاعة كبيرة، كانت تشتعل فيها مئات المصابيح، ثم فتح الباب الأول، وهناك جلس الكلب، وعيناه كبيرة مثل فنجان الشاي حيث كان يحدق فيه، فقال الجندي للكلب: أنت رفيق جميل، وأمسكه ووضعه على مئزر الساحرة، بينما كان يملأ جيوبه بأكبر عدد ممكن من القطع، ثمّ أغلق الغطاء، وأجلس عليه الكلب مرة أخرى، ودخل غرفة أخرى، ومن المؤكد أنه جلس هناك كلب آخر بعيون كبيرة مثل عجلات الطاحونة.
قال الجندي له: إنه من الأفضل ألا تنظر إلي بهذه الطريقة، ستجعل عينيك تدمع ثم وضعه أيضاً على المئزر وفتح الصندوق، ولكن عندما رأى ما كان يحتويه من نقود فضية، سرعان ما تخلص من كل النحاسيات التي أخذها، وملأ جيوبه و حقيبته بكثيرمن الفضة، ثم دخل الغرفة الثالثة وهناك كان الكلب بشعًا حقًا، كانت عيناه، حقًا كبيرة مثل الأبراج، وكانتا تدوران في رأسه مثل العجلات.
قال الجندي وهو يلامس قبعته صباح الخير، لأنه لم ير قط مثل هذا الكلب في حياته، لكن بعد النظر إليه عن كثب اعتقد أنه كان متحضرًا بدرجة كافية، لذلك وضعه على المئزر وفتح الصندوق وقال: يا إلهي، يا لها من كمية من الذهب! ما يكفي لشراء جميع أعواد السكر الخاصة بالنساء المحليات وكل جنود القصدير والسياط والخيول الهزازة في العالم، أو حتى المدينة بأكملها، كان هناك بالفعل كمية هائلة لذا ألقى الجندي الآن كل النقود الفضية التي أخذها، وملأ جيوبه وحقيبته بالذهب بدلاً من ذلك وليس فقط جيوبه وحقيبة ظهره بل حتى قبعته وحذاءه، حتى أنّه بالكاد استطاع أن يمشي.
لقد كان غنياً حقا الآن، لذا وضع الكلب على الصندوق، وأغلق الباب واستدعى من خلال الشجرة قائلاً: والآن اسحبيني للخارج، أيتها الساحرة العجوز، فسألت الساحرة: هل لديك صندوق الاشتعال؟ فقال لها: لا، اعتقد أنني نسيت ذلك تماما، فرجع وأحضر صندوق الاشتعال، ثم سحبته الساحرة من الشجرة، ووقف مرة أخرى على الطريق السريع ، بجيوبه وحقيبته وقبعته وحذاءه المليء بالذهب، فسأل الساحرة: ماذا ستفعلين بصندوق الاشتعال؟ فردت الساحرة: هذا شيء لا يعنيك، لديك المال، الآن أعطني صندوق الاشتعال.
قال الجندي: أقول لك ماذا ستفعلين به، إذا لم تخبرني بما ستفعلين به، سأقوم بسحب سيفي وأقطع رأسك حينها رفضت الساحرة إخباره، لذلك قطع الجندي رأسها على الفور، وهناك استلقت على الأرض ثم ربط كل ماله في مئزرها وعلقها على ظهره مثل حزمة، ووضع الصندوق في جيبه وانطلق إلى أقرب بلدة، لقد كانت بلدة جميلة جدًا، وقد أقام في أفضل نزل وطلب عشاءً من جميع أطباقه المفضلة، لأنه الآن كان غنيًا ولديه الكثير من المال.
تساءل الخادم، الذي كان ينظف حذائه، كيف من الممكن أن يرتدي زوجان من الأحذية القديمة مثل هذا الرجل الثري، حيث أنه لم يكن قد اشترى أي حذاء جديد بعد، ولذلك في اليوم التالي، اشترى بعض الملابس الجيدة والأحذية المناسبة، حتى أصبح في فترة قصيرة جندياً معروفًا بأنه رجل نبيل، وزاره الناس وأخبروه بكل العجائب التي يمكن رؤيتها في المدينة، وعن ابنة الملك الأميرة الجميلة.
سأل الجندي: أين يمكنني رؤيتها؟ قالوا إنها لن تُرى على الإطلاق، تعيش في قلعة نحاسية كبيرة محاطة بأسوار وأبراج، لا أحد غير الملك نفسه يمكنه الدخول أو الخروج، فقد كانت هناك ساحرة أخبرت والدها بأنها ستتزوج جنديًا عاديًا، ولم يتحمل الملك التفكير في مثل هذا الزواج، عندها فكر الجندي كثيراً بتلك الأميرة وكان يود أن يراها كثيرًا لكنه لم يستطع الحصول على إذن للقيام بذلك.
و بعد ذلك قضى وقتا ممتعاً جداً حيث ذهب إلى المسرح، وقاد السيارة في حديقة الملوك وأعطى الكثير من المال للفقراء، وقد أصبح الآن ثريًا ولديه ملابس راقية، والعديد من الأصدقاء الذين أعلنوا جميعًا أنه رفيق جيد ورجل نبيل حقيقي، وكل هذا أسعده كثيرًا، لكن ماله لن يدوم إلى الأبد، وبينما كان ينفق ويهدر المال كثيرًا يوميًا، وجد نفسه أخيرًا ولم يتبق معه سوى القليل جداً من المال، لذلك اضطر لمغادرة قصره الكبير وبيعه، والعيش في حجرة صغيرة، ثمّ كان عليه أن ينظف حذائه بنفسه، وحتى يصلحها بإبرة كبيرة.
لم يأتِ أي من أصدقائه لرؤيته، لأنّه فقد ماله وبيته الجميل، وفي إحدى الأمسيات المظلمة لم يكن لديه حتى بنس واحد لشراء شمعة، ثم تذكر مرة واحدة أن هناك قطعة شمعة عالقة في صندوق الاشتعال، والذي أحضره من الشجرة القديمة، حيث ساعدته الساحرة، لقد عثر على صندوق الاشتعال، وفي حين أنه أشعل بضع شرارات من الصوان والفولاذ، حتى انفتح الباب ووقف أمامه الكلب بعينين كبيرة مثل فنجان الشاي، الذي كان قد رآه وهو على الشجرة وقال له: ما هي أوامرك سيدي؟
قال الجندي: أهلاً، حسنًا، هذا صندوق جميل إذا كان يجلب لي كل ما أتمناه وطلب من الكلب أن يحضر له بعض المال فرحل الكلب في لحظة، وعاد حاملاً كيسًا كبيرًا من النحاس عندها سرعان ما اكتشف الجندي بعد ذلك قيمة صندوق الاشتعال حيث ضرب الصوان مرة، ظهر الكلب الذي جلس على صندوق من النحاس، فجاء الكلب مرة أخرى مع صندوق من الفضة ، وبعد ضرب الصوان ثلاث مرات، حضر الكلب الذي عينه مثل الأبراج التي تراقب الذهب، فأصبح لدى الجندي الآن الكثير من المال، وعاد إلى بيته الكبير، وعاد إلى الظهور بملابسه الجميلة حتى عرفه أصدقاؤه مرة أخرى مباشرة.
بعد فترة، بدأ يفكر بأمر الأميرة حيث أنه كان من الغريب جدًا ألا يتمكن أحد من إلقاء نظرة عليها وهي جميلة جداً، و ما فائدة جمالها ذلك إذا كانت ستغلق في قلعة نحاسية محاطة بالعديد من الأبراج، فتساءل هل يمكنني رؤيتها بأي وسيلة، في تلك الأثناء تذكر أين صندوق النار الخاص به، ثم أشعل ضوءًا، وفي لحظة وقف الكلب أمامه بعينين كبيرة مثل فنجان الشاي، فقال الجندي: إنه منتصف الليل، لكن أود أن أرى الأميرة كثيرًا ولو للحظة.
اختفى الكلب على الفور، وقبل أن ينظر الجندي حوله عاد الكلب مع الأميرة حيث كانت مستلقية على الكلب عائدة إلى النوم، وبدت جميلة جدًا فقبلها الجندي الحقيقي ثم عاد الكلب مع الأميرة، لكن في الصباح، بينما كانت تتناول الإفطار مع الملك والملكة، أخبرتهم ما هو الحلم الوحيد الذي حلمت به أثناء الليل،عن كلب وجندي، أنها ركبت على ظهر الكلب، وقبلها الجندي، فقالت الملكة والدتها: إنها قصة جميلة جدًا، لذا في الليلة التالية كانت إحدى السيدات العجائز في القصر تراقب سرير الأميرة، لاكتشاف ما إذا كان حلمًا حقًا أو ماذا يمكن أن يكون.
اشتاق الجندي بشدة لرؤية الأميرة مرة أخرى، لذلك أرسل الكلب مرة أخرى في الليل ليحضرها ويركض معها بأسرع ما يمكن، لكن السيدة العجوز لبست حذاء مائي وركضت وراءه بأسرع ما يمكن ووجدت أنه حمل الأميرة إلى منزل كبير، اعتقدت أن تذكر المكان سيساعدها إذا صنعت صليبًا كبيرًا على الباب بقطعة من الطباشير، ثم عادت إلى المنزل لتنام، وعاد الكلب مع الأميرة، لكن الكلب عندما رأى أن صليبًا قد تم صنعه على باب المنزل، حيث كان يعيش الجندي، أخذ قطعة أخرى من الطباشير وصنع الصلبان على جميع أبواب البلدة، حتى لا تكون السيدة المنتظرة قادر على معرفة الباب الصحيح.
وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي، رافق الملك والملكة السيدة وجميع ضباط الأسرة لمعرفة أين حمل الكلب الأميرة في الليل ثمّ قال الملك: ها هو، وعندما أتوا إلى الباب الأول وعليه صليب، وبعدما نظروا للصلبان على جميع الأبواب، لذلك شعروا أنه سيكون من غير المجدي البحث عن مسافة أبعد، لكن الملكة كانت امرأة ذكية جداً حيث أخذت مقصها الذهبي الكبير، وقطعت قطعة من الحرير إلى مربعات، وصنعت حقيبة صغيرة أنيقة. ملأت هذه الحقيبة بدقيق الحنطة السوداء وربطتها حول عنق الأميرة ثم أحدثت ثقبًا صغيرًا في الكيس، حتى يتناثر الدقيق على الأرض عندما يحملها الكلب.
وفي أثناء الليل عاد الكلب وحمل الأميرة على ظهره، وركض معها إلى الجندي الذي أحبها كثيرًا، وتمنى لو كان أميرًا حتى يتزوجها و لم يلاحظ الكلب كيف نفد الدقيق من الكيس على طول الطريق من جدار القلعة إلى منزل الجندي ولذلك في الصباح اكتشف الملك والملكة مكان ابنتهما، وتم نقل الجندي ووضعه في السجن، وحكم عليه بالشنق، وقد ترك صندوق النار في المنزل، و في الصباح كان يرى من خلال المشابك الحديدية للنافذة الصغيرة كيف كان الناس يهرعون خارج المدينة لرؤيته مشنوقًا وسمع قرع الطبول ورأى الجنود يسيرون.
ركض الجميع للنظر إليهم وكان هناك صبي وهو صانع أحذية حيث كان يركض بسرعة كبيرة، حتى أن أحد نعاله ارتطم بالجدار حيث جلس الجندي ينظر من خلال المشبك الحديدي، بكى الجندي ونادى صانع الأحذية قائلاً: لا داعي لأن تكون في عجلة من أمرك، إذا ركضت إلى المنزل الذي كنت أعيش فيه، وأحضرت لي صندوق الاشتعال الخاص بي، فستحصل على أربعة شلنات.
أحب الصبي الذي يصنع الأحذية فكرة الحصول على الشلنات الأربعة، فركض بسرعة كبيرة وجلب صندوق الحرق وأعطاه للجندي. والآن كانت التجهيزات لإعدام الجندي حيث وقف بالفعل على السلم، لكن بينما كانوا على وشك وضع الحبل حول رقبته، قال إن طلبًا بريئًا يرغب به قبل أن يموت، فتمنى كثيرًا أن يدخن غليونًا، لأنه سيكون آخر غليون يجب أن يدخنه في العالم ولم يستطع الملك رفض هذا الطلب، فأخذ الجندي صندوق الاشتعال الخاص به، وأشعل النار مرة، مرتين و ثلاث مرات، وهناك في لحظة وقفت كل الكلاب فصرخ الجندي: ساعدوني الآن لئلا أُشنق.
فهجمت الكلاب على القضاة وجميع المستشارين الذين قتلتهم الكلاب وسقطوا وتحطموا إلى أشلاء، ثم خاف الجنود وجميع الشعب، وصرخوا: أيها الجندي الصالح، ستكون ملكنا وستتزوج الأميرة الجميلة، فوضعوا الجندي في عربة الملوك، وركضت الكلاب الثلاثة أمامها، وكان هناك صوت صفير الصبيان بين أصابعهم وقدم الجنود أذرعهم ثمّ خرجت الأميرة من القلعة النحاسية، وأصبحت ملكة، واستمرت احتفالات الزفاف أسبوعاً كاملاً ، وجلست الكلاب على المائدة وحدقت بأعينها.