اقرأ في هذا المقال
لقد لاقت أمثال العرب ذيوعاً وانتشاراً؛ وذلك لما تحتويه من خفة في اللفظ وعمق في المعنى، ولما تحمله بين طياتها من حكمة وعبرة، وعلى الرغم من إيجازها غير أنها تصيب الغرض المرجوّ منها، وهي صادقة في تصويرها لحياة الشعوب العامة ولأخلاقها، قال النظام: “يجتمع في المثل أربعة لا يجتمع في غيره من الكلام: إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبية وجودة الكتابة، فهو نهاية البلاغة”.
مثل “عادت حليمة إلى عادتها القديمة” فيم يضرب؟
مثل “عادت حليمة إلى عادتها القديمة”، هو واحد من أكثر الأمثال الشعبية العربية شهرةً وتداولًا بين الناس على الإطلاق، وهذا المثل يُضرب غالبًا في الشخص الذي يتّسم بطبع سيء أو خلق سيء، واعتاد على فعله، ثم يتظاهر بترك هذا الفعل غير أنه في ظرف من الظروف يعود له مرة أخرى.
ما قصة مثل “عادت حليمة إلى عادتها القديمة”؟
لقد اختلف الكثير من الناس في تأويل وتفسير هذا المثل، وكما تعددت الروايات حول قصته الأصلية، وذلك وفق اختلاف المنطقة، غير أن الحكاية الشعبية الأكثر شهرة له، كانت بطلتها حليمة زوجة حاتم الطائي، والتي كانت تُعرف ببُخلها الشديد، على العكس من زوجها حاتم الطائي، والذي كان يُضرب به المثل بالكرم والجود.
يُروى أن حليمة زوجة حاتم الطائي كانت لا تضع الكثير من السمن أو الزيت في وعاء الطبخ؛ بسبب بخلها وشحّ يدها، وكما قيل إن يدها كانت ترتجف في كل مرة أرادت فيها أن تضع ملقعة من السمن، فتقوم بإعادتها، فأراد حاتم الطائي زوجها أن يُعلمها بعضًا من كرمه، فقال لها: “أنه منذ قديم الزمان، كانت المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن في الوعاء، زاد الله بعمرها يومًا”، وبعد أن سمعت حليمة هذا القول، أصبحت تُكثر من السمن في الوعاء وأصبح طعامها شهيًا لذيذًا، حتى أن يدها اعتادت الكرم في كثير من الأمور.
استمرت حليمة على ذلك الحال من الكرم وإطلاق اليد، حتى جاء ذلك اليوم الذي مات فيه ولدها في حادث مؤلم، فتعبت وخارت قواها حزنًا على فقد ابنها، فما كان منها إلا أن عادت إلى سابق عهدها، وأصبحت تُقلل السمن في الإناء، بل لا تضعه في الطعام حتى يقل عمرها بعدد الملاعق التي لا تضعها، حينها قال الناس: “عادت حليمة إلى عادتها القديمة”، وراحت هذه العبارة مثلًا، وهذه القصة هي الأكثر شُهرة، لكن كما ذكرنا، فقد كان لشخصية حليمة عدة تأويلات حسب اختلاف المكان.