سبب النزول:
قال عطاء والكلبي: نزلت في الأخنس بن شريق كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال مقاتل: نزلت في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ويطعن عليه في وجهه.
قوله تعالى: ﴿وَیۡلࣱ لِّكُلِّ هُمَزَةࣲ لُّمَزَةٍ﴾ صدق الله العظيم [الهمزة ١]
الويل: هو وعيدٌ بالعذابِ الشديد، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: هو وادي في جهنم يسيل فيه صديدُ أهل النار.
الفرق بين الهمزة واللمزة :
أختلف العلماء في قوله تعالى: (هُمَزَةࣲ لُّمَزَةٍ) هل هما بمعنى واحد أم مُختلفان؟ وقد ذكر الرازي في تفسيره معناهما والفرق بينهما وذكر سبعة وجوه في تفسيرهما، إلى أن قال : اعلم أنّ جميع هذه الوجوه متقاربة راجعة إلى أصل واحد وهو (الطعن وإظهار العيب) ثم قال: ثم هذا على قسمين: فإنّه إمّا أن يكون بالجد كما يكون عند الحسد والحقد، وإمّا أن يكون بالهزل كما يكون عند السخرية والإضحاك، وكل واحد من القسمين، إمّا أن يكون في أمر يتعلق بالدين، وهو ما يتعلق بالصورة أو المشي أو الجلوس، وأنواعه كثيرة وهي غير مضبوطة، ثم إظهار العيب في هذه الأقسام الأربعة قد يكون لحاضر، وقد يكون لغائب.
والغيبة من كبائر الذنوب، ومع ذلك يستهين بها الخلق، فإذا كان يعيب بشيء ليس فيه، فذلك بُهتان عظيم، وقد وضح عنه صلى الله عليه وسلم: أنّه لما عرج به مر على قوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم، فقال: يا جبريل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم، نسأل الله العفو العافية، حديث خطير يتكلم عن عقوبة ( أكل لحوم الناس).
وللأسف هذه تجارة الكثير من الناس، وهو أن يفتري الكذبَ على الآخرين، فالويل للهماز واللماز، كل المسلم على المسلم حرام، كما روي عن السيدة عائشة، قالت: ((حكيت للنبي صلى الله عليه وسلم رجلًا فقال: ما يسرني أني حكيت رجلًا وأن لي كذا وكذا، قالت: فقلت: يا رسول الله، إن صفية امرأة، وقالت بيدها هكذا، كأنها تعني قصيرة، فقال: لقد مزجت بكلمة لو مزجت بها ماء البحر لمزج)).
والمعنى: أنّ هذه الكلمة، لو كان لها رائحة، واختلطت بماء البحر لغيرته، ما بالك بكلام أكثر الناس، – إلا ما رحم الله -، زور وبهتان، ورمي بالبلاء، والناس منها برآء، حسبنا الله ونعم الوكيل.
نحن في زمان الكثير من المجالس تجدها خاوية من ذكر الله تعالى، ومليئة بالقيل والقال، أو برامج تلفزيون أو برامج على النت، والواجب على المسلم أن لا يجلس في مجلس يُنتقص فيه من مسلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة، وعنوان السعادة الصمت، إمّا أن تقول خيراً، أو تصمت.