اقرأ في هذا المقال
من هو عروة بن حُزام (عروة عفراء)؟
هو عروة بن حزام بن مهاصر بن ضبّة بن عبد بن كبير بن عذرة. وبنو عذرة اشتهروا بهذا النوع من الحب والذي كان يطلق عليه بالحب العذري، وإليهم نسب الهوى العذري. وعرف لعروة بن حزام كنية واحدة، إنّما بنسبتين، فهو أَبو سعيد العذريّ، وأبو سعيد العدويّ. ولد شاعرنا يتيماً فقيراً في كنف عمِّه عقال بن مهاصر ولم تعرف سنة ولادته ، كما روت المصادر في حين أنّ أمَّه اهتمت بتربية شقيقاته الأربع او الخمس ومعهن خالته. وكان لعمّه ابنه تدعى عفراء، وكان يألفها وتأَلفه ، كانا معاً يسرحان ، ويلهوان، ويلعبان فنما في قلبيهما الحبُّ وكان عمُّه عقال يقول له: إنَّ عَفراء امرأتك إن شاء الله.
ولمَّا بلغ الحلم أراد أن يخطبها إلَّا أنَّ إرادة أم عفراء عكس إرادة زوجها ، إذ كانت ترغب بتزويج ابنتها من رجل غني ، وعبثاً يحاول عروة إرضاءها، وعندها أراد عروة أن يتوجه إلى اليمن عند ابن عم له موسر فجاء إلى عمّه وامرأته واخبرهما بعزمه، فصوّباه، ووعداه أن لا يفعلا شيئآ بشأن عفراء ولكنَّهم خانا العهد فزوجا عفراء من أثالة بن سعيد بن مالك وكان ذا مال وفير. فعلم عروة وهو راجع من اليمن في تبوك، فرأى قافلة وفيها جمل أحمر فقال لأصحابه: والله لكأنّها شمائل عفراء.
فلمَّا التقيا وعرف الأمر، بهت لا يحير جواباً حتى افترق القوم . ثمَّ انصرف إلى أهله باكياً محزونآ وأقام أياماً لا يأكل ولا يشرب ولم يترك أهله عرَّافاً إلّا عرضوا عروة عليه، علَّه يكشف داءه ويصف دواءه، وشاع انتحاله في العرب مثلاً
وكان كلّما أُغمي عليه أُلقي على وجهه خماراً لعفراء أعطته إياه، فيفيق. ولم يزل في طريقه حتى نزل بوادي القرى. وهناك اشتدَّ مرضه، حتى لم يبقَ منه إلَّا الجلد والعظم. وكانت وفاته سنة 30ه /650م في خلافة عثمان رضي الله عنه .
ولمّا بلغ عفراء الخبر طلبت من زوجها أن يسمح لها بالذهاب إلى قبره، فخرجت حتى أتت قبره، تمرَّغت عليه وبكت طويلآ. وما زالت تندبه حتى فارقت الحياة بعد ثلاثة أيام فدفنت إلى جانبه.
وقد خالج المؤرخين والباحثين الشك على وجود العشَّاق المجانين إلَّا أنَّهم أجمعوا على وجود عروة بن حزام .
وقد ذكره قيس بن الملوّح (مجنون ليلى) حيث قال:
عجبتُ لِعروةَ العذريِّ أَمسى
أَحاديثآ لِقومٍ بَعدَ قومِ
وعروةُ ماتَ موتاً مُستريحاً
وها أَنا ذا أَموتُ بِكلِّ يومِ
مختارات من شعر عروة بن حزام (عروة عفراء) في الغزل.
قال عروة بن حزام يذكر أَلم البعد والحنين لعفراء حين تزوجت:
بِيَ اليأَسُ أَو داءُ الهُيامِ شَرِبتُهُ
فَإِيّاكَ عنّي لا يَكُن بكَ ما بِيا
فما زادَني النَّاهونَ إِلّا صَبابةً
ولا كَثرَةُ الواشينَ إِلّا تماديِا
وقال أَيضآ:
أَحقّاً يا حَمامَةَ بَطنِ وَجِّ
بهذا النّوحِ إِنَّكِ تصدُقينا
غَلبتُكِ بالبُكاءِ لأَنَّ لَيلي
أُواصلُهُ وإِنَّكِ تهجعينا
وإِنّي إِن بكيتُ بكيتُ حَقاً
وإِنَّكِ في بُكائِكِ تكذِبينا
فنُوحي يا حمامةَ بطنِ وَجِّ
فقد هيَّجتِ مشتاقاً حزينا
وقال أَيضاً :
وإِنّي لَتعروني لِذِكراكِ رِعدَةٌ
لها بين جسمي والعِظامِ دَبيبُ
وما هُوَ إِلاّ أَن أَراها فُجاءَةً
فَأُبهَتُ حتى ما أَكادُ أُجيبُ
حَلَفتُ بِرَكبِ الرّاكعينَ لِرَبِّهِم
خشوعاً وفوقَ الرّاكعينَ رقيبُ
لَئِن كانَ بَردُ الماءِ عطشانَ صادِياً
إِليَّ حَبيباً، إِنَّها لَحَبيبُ