عش رجبًا ترى عجبا

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من أن لكل شعب ثقافته الخاصة به، كما أنها ترتبط بمخزونها اللغوي الذي يعبر عن المواقف التي تمر عبر العصور والأزمنة، وقد تطورت لغة وآداب الإنسان من عصر إلى عصر، ومن حديث إلى أحدث، غير أن الأمثال الشعبية والفصيحة بقيت مرتبطة بالإنسان ومستمرة، فنجد الأمثال على إيجازها وخفتها رفيقة الإنسان في المواقف والأحداث المختلفة، تصوّرها وتصفها وصفًا دقيقًا، وهي الأمثال ذاتها التي استخدمها الآباء والأجداد، دون تطور أو تقدم، إنما تُعدّ عند الكثيرين مرآة للحكمة وملاذًا يلجأ إليه المرء عند الحاجة، فإما أن يكون استخدامها للاتعاظ بها، أو لتوجية النصح للآخرين.

معنى مثل “عش رجبا ترى عجبا”:

معنى المثل هو عش رجبًا يليه رجب، فسيظهر لك في طرق الحياة العجب، وكل إنسان منا بحاجة إلى أن يستشهد بهذا المثل في يوم ما؛ ذلك أن مسيرة الحياة المتجددة لا يمكن أن تخلو من العجائب في كل الجوانب العقدية والدينية والاجتماعية، فمن قدر الله له العيش في الحياة عمرًا طويلًا، فسوف يرى من تقلب أحوالها ما يثير العجب.

قصة مثل “عش رجبا ترى عجبا”:

يُعتبر مثل “عش رجبًا، ترَ عجبًا”من أمثال العرب المشهورة، والتي تناقلها الأولون، ولمثلنا هذا قولان، أولهما: عش رجبًا ترَ عجبًا، وأما القول الثاني، فهو: عش رحبًا ترَ عجبًا، ففي المقولة الأولى يُقال إن الله- سبحانه وتعالى- يتقبل الأعمال في رجب فيهلك الله الظالمين، فكان أهل الجاهلية يرفعون مظالمهم إلى رجب، ويأتون إلى الكعبة، ويدعون على الظالم حتى يُستجاب لهم، وقيل إن أول من قال مثل “عش رجبًا، ترَ عجبًا”، هو الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبه، وكان قد طلق واحدة من نسائه حينما بلغه الكبر، وصار مسنًّا لما كرهته وأبغضته وخلفت عليه رجلًا أخر وتزوجته، وكانت تبادله من الوجد والحب ما لم تمنحه للحارث، ولما التقى زوج طليقة الحارث به أخبره بذلك، فقال له : عش رجبًا تر عجبًا؛ أي عش رجبا بعد رجب، وهذا إشارة إلى تعاقب السنوات، وقد قصد بمقولته: حين يطول بك العمر، وتبلغ من الكبر مبلغًا، سترى تقلبها عليك، وهجرها لك.
أما الصيغة الثانية: “عش رحبًا ترَ عجبًا”، فهذا سيدنا عمر بن الخطاب قد قال عن صحة المثل بصيغته الأولى، وقد قال له أحدهم: نحن اليوم مع الإسلام، ندعو على الظالم فلا نُجاب في أكثر الأمر، فقال عمر رضي الله عنه: إن الله عز وجل لم يعجل العقوبة لكفار هذه الأمة، ولا لفساقها، فإن الله تعالى، يقول: “بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر” سورة القمر الآية 46، وعش رحبًا بكسر الحاء تعني وقتًا واسعًا، أي عش من الزمن فترة طويلة ترَ العجب.


شارك المقالة: