تتميز كل أمة من الأمم بميراثها الثقافي الذي تملكه، والذي يصور الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “على هامان يا فرعون“.
فيم يضرب مثل “على فرعون يا هامان”؟
يُعدّ مثل: “على فرعون يا هامان” من الأمثال الشعبية المشهورة، والمتداولة بكثرة على ألسنة الناس، وهو يُضرب حين يدعي شخص أمرًا ما وهو كذب وخداع، محاولًا خداع من يتحدث معه، فيُقال تأكيدًا أن متلقي الكلام لم يصدقه، بل وواثق من كذبه.
قصة مثل “على هامان يا فرعون”:
أما أحداث مثل: “على هامان يا فرعون”، فتدور في قديم الزمان، وتحديدًا في عصر فرعون، إذ قيلت تلك المقولة من وزيره هامان، حين مُنع من الدخول لمقابلة فرعون أكثر من مرة، وكان ذلك لسبب سأورده لاحقًا، لقد كان فرعون يدّعي الألوهية، ويتظاهر أمام الناس أنه هو الذي يخلق المخلوقات، فكان إذا أتاه بعض كبار رعيته؛ ليزوره احتجب عنه بحجة أنه مرة يخلق غنمًا، ومرة يخلق إبلًا، ومرة أخرى يخلق بقرًا، وهكذا، وكان هامان وزير فرعون، مطلعًا على جميع مداخله، ومخارجه وأسراره جميعًا، ويعرف أن كل ذلك كان مجرد ادعاء يدعيه لنفسه؛ ليخاف منه أبناء شعبه.
في أحد الأيام، جاء الوزير: “هامان” وأراد الدخول إلى فرعون، فما كان من الحاجب إلا أن قام بمنعه، بحجة أن خلق الإبل يشغله، وفي اليوم الثاني قابل الوزير فرعون، فعاتبه على منعه من الدخول في الأمس، فقال له فرعون: كنت مشغولًا البارحة بخلق الابل، فالتفت إليه هامان باستغراب واستهجان، قائلًا: على هامان يا فرعون، فصارت جملته مثلًا، تناقلته الأجيال، ويضرب ذلك المثل حينما يدّعي أحدهم أمرًا، وهو يحاول خداع من يتحدث معه، فيقال هذا المثل تأكيدًا أن المتلقي لم يصدقه، بل إنه واثق من كذبه.