تمتلك أمم الأرض موروثاتها الثقافيّة الخاصة بها، والتي بدورها تعبّر عن الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “فضيحة بجلاجل”.
أصل مثل “فضيحة بجلاجل”:
أما الجلاجل فهي الأجراس، وقد كان في القديم عقوبة المجرم، أن يركب على حمار بالمقلوب بصحبة الشرطة، وهم يحملون الأجراس التي يقومون بدقّها؛ وذلك كي ينبهوا الناس إلى رؤية المجرم ،وهو يُطاف به في المدينة، كي يتعرف عليه سكانها، فتكون فضيحته بجلاجل.
قصة مثل: “فضيحة بجلاجل”:
أحداث قصة المثل المشهور “فضيحة بجلاجل”، والذي تداولته الأجيال، فترجع إلى ما حدث في قديم الزمان مع سارق في إحدى المدن، إذ قام شخص بالسرقة من أهالي تلك المدينة، فما كان من القاضي، إلا أن حكم عليه بحكم رادع وقاسٍ جدًا، وهذا الحكم هو الذي أتى منه هذا المثل المشهور “فضيحة بجلاجل”.
القصة بالتفصيل أنه في قديم الزمان قام شخص بسرقة بيوت الأهالي في بلدة ما، فقاموا بإلقاء القبض عليه وسلموه إلى العدالة، فقام القاضي بالحكم عليه بعدة أحكام؛ وذلك كي يكون عبرة لغيره من الأهالي، أو من أولئك الذين يحاولون تكرار هذا الفعل المشين، فقام بالحكم عليه كالآتي: أولًا: أن يأتوا له بحمار، ثم يجعلونه يجلس عليه جلوسًا خلفيًا، حتى يلفت انتباه الجميع إليه حين يسير به الحمار في البلدة، أما الأمر الثاني فهو أن يرتدي ثيابًا أشبه بثياب المشردين، وذلك أيضًا كي يكون عبرة لغيره من الناس فاللباس البالي يلفت أنظار الناس أيضًا، والأمر الثالث، هو: أن توضع برقبته جلاجل “أجراس”؛ لترن أثناء حركته، وتنذر بمرور الحمار، وكان كلما مر أمام بيت، يخرج أهل ذاك البيت ويشاهدون هذا المنظر المخجل البشع.
بالفعل قامت الشرطة بتنفيذ الحكم على السارق، فوضعوه على حمار بشكل مخالف، وألبسوه ثيابًا مهلهلة، ووضعوا في رقبته أجراسًا كثيرة، ومروا به في البلدة كلها، فكان الناس يقولون كلما مر عليهم: إنها فضيحة بجلاجل، وهي شبيهة وقريبة جدًا بمقولة: “راح أجرسك بين الناس”، والمثل الصحيح هو: “فضيحة بجلاجل”، والذي أصبح مثلا دارجًا بين الناس وتم تناقله عبر الأجيال، وهو يشير إلى الفضيحة الشديدة جدًا.