تم تضمين جوهر عمل الفيلسوف جون لانجشو أوستن حول الحرية والعمل في عمله نداء الأعذار عام،1957 وتم تطويره في (Ifs and Cans) عام 1956 وثلاث طرق لسكب الحبر عام 1966 والتظاهر عام 1958.
منظور عام لسمات فلسفة أوستن في الحرية والعمل:
أهم ثلاث سمات مميزة لآرائه في هذا المجال هي:
- يقترح أوستن أنّ الفلاسفة يجب أن ينتبهوا إلى تفاصيل الطرق التي نتحدث بها عن أفعال معينة لأنواع معينة بدلاً من محاولة هجوم مباشر أكثر على الأسئلة العامة حول الحرية والعمل.
- يرى أوستن أنّه لكي يُحسب شخص ما كمسؤول عن فعل ما، لا يوجد ما يجب أن يكون صحيحًا أكثر من أنّ الفعل هو مثال عادي أو قياسي لشيء يفعله، على سبيل المثال لا يجب أن يكون صحيحًا بالنسبة للممثل، بالإضافة إلى أنّه فعل ما فعلوه طواعية أو عن قصد.
- يميل أوستن إلى الاعتقاد بقدر ما يفهم فرضية الحتمية أنّها غير متوافقة مع ما نعتبره عادةً صحيحًا بالنسبة للفعل البشري.
التصرفات والأعذار:
يرى أوستن أنّه من الممكن إحراز تقدم في الأسئلة المتعلقة بالحرية والفعل من خلال الانحدار من التفكير على المستوى العام، أي التفكير في الحرية والعمل في حد ذاته، للتفكير في الطرق الأكثر تحديدًا التي نميز بها ونقيم الأفعال، ونظرة أوستن حول المفاهيم العامة للتصرف والتصرف بحرية أو بمسؤولية، تشبه هيكليًا وجهة نظره حول المفهوم العام للحقيقة، أي إنّه يفكر في مثل هذه المفاهيم العامة مثل كلمات البعد ويجمع مجموعة من التوصيفات الأكثر تحديدًا.
يتمثل النطاق الأساسي هنا في الطرق المحددة المختلفة التي يمكننا من خلالها وصف الأحداث بأنّها أفعال، على سبيل المثال عندما يركض شخص ما إلى المتجر أو أثناء قراءته لكتاب، بالإضافة إلى هذا النطاق الأساسي هناك ما يسميه أوستن (التفاقمات): أي الطرق المحددة المختلفة التي نميّز بها شخصًا ما على أنّه مسؤول بشكل مميز عن شيء يحدث، على سبيل المثال عندما نصنف شخصًا ما على أنّه فعل شيئًا عن قصد أو عن عمد، والتفاقمات الثلاثة الأخيرة هي موضوع كتابه (ثلاث طرق لإراقة الحبر) عام 1966.
في كتابه نداء الأعذار (A Plea for Excuses) عام 1957، يجادل أوستن بأنّ الحد الأدنى من المتطلبات ليكون الوكيل مسؤولاً عن فعل يقوم به هو أنّه من الخطأ وصف الفعل بطريقة أو بأخرى على أنّه شيء لم يكن مسؤولاً عنه بالكامل، أي على أنّه شيء لديهم عذر له، وقد نصنف على سبيل المثال حدثًا على أنّه حادث أو خطأ أو لا إرادي أو غير مقصود أو عن غير عمد أو ناتج (جزئيًا) عن الحماقة أو عدم تقدير الظروف أو عدم الكفاءة، وعندما يتم تنفيذ فعل ما وحيث لا يتوفر عذر يكون الإجراء الذي يعتبر الفاعل مسؤولاً عنه بالكامل.
في حالة توفر نوع أو آخر من العذر فإنّ النوع المحدد من الأعذار المتاحة يخفف بطريقة أو بأخرى من مسؤولية الشخص المعني عن حدوث فعل ما أو عواقبه وبالتالي مدى احتساب الإجراء مجاني، وقد يقوم العذر بذلك عن طريق التخفيف بطرق مختلفة من مسؤولية الشخص إما عن فعل يعتبر ككل، أو عن مكونات فرعية مناسبة للفعل أو عن عواقب الفعل أو من خلال الإشارة إلى الطرق التي لا يحدث بها حالة نموذجية لإجراء.
تعتبر أنواع التظاهر التي ناقشها أوستن في كتابه (التظاهر) في عام 1958 ذات أهمية بالنسبة له على الأقل جزئيًا، لأنّها توفر بعض أشكال العذر المميزة، وأحد أهداف أوستن المركزية في النظر إلى تنوع الأعذار والتفاقم هو إلقاء الضوء على التكوين الداخلي للفعل المسؤول: أي الفصل بين الفعل وعواقبه، وتحلل إجراء ما إلى مكوناته الفرعية أو مراحله المختلفة، وما يسميه أوستن آلية العمل.
كما يعتقد أوستن أنّ هناك نطاقًا من الحالات العادية أو المعيارية لإسناد الإجراءات فيما يتعلق بالتعديل، عن طريق الاستئناف إما للتشديد أو الأعذار غير مسموح به، وفيما يتعلق بمثل هذه الحالات العادية أو المعيارية يكفي من أجل وصف دور الوكيل داخلها ببساطة أن نقول ما فعله الوكيل.
لإضافة أنّ الوكيل فعل الشيء على سبيل المثال إما طواعية أو غير إرادية سيكون غير مناسب أو غير صحيح أو حتى بلا معنى، يلخص أوستن هذه الفكرة في شعار: “لا تعديل بدون انحراف”.
يعتقد أوستن أنّ المعدّلات مثل (طوعيًا) و (لا إراديًا) تستخدم لتأكيد وجود وغياب عناصر محددة في آلية العمل العامة، حيث يقترح أنّ مثل هذه الأزواج الظاهرة لا تستهدف دائمًا نفس العناصر المحددة، ويعتقد أوستن أنّ الفلاسفة يميلون إلى افتراض أنّه بالنظر إلى أنّ شخصًا ما قد فعل شيئًا معينًا، سيكون دائمًا سؤالًا إضافيًا عما إذا كانت هذه القطع من الآلات موجودة أو غائبة.
علاوة على ذلك قام الفلاسفة بمواءمة هذا السؤال مع السؤال عما إذا كان الفاعل مسؤولاً عما فعلوه أو تصرف بحرية، وهؤلاء الفلاسفة كانوا في الواقع يضعون الزوجين التاليين من الافتراضات:
- أنّ هناك نوعًا واحدًا من الآلات، بحيث يكون الفعل بالنسبة لأي فعل حُرًا ومسؤولًا فقط في حالة انطوائه على تلك الآلية.
- أنّ التفاقمات المختلفة تخدم بشكل عشوائي للإشارة إلى وجود النوع المطلوب من الآلات، في حين أنّ الأعذار المختلفة تعمل على إظهار غيابها.
بشكل مميز يشير أوستن إلى أنّ الوضع أكثر تعقيدًا، على وجه الخصوص على الرغم من أنّه يعتقد أنّه في الحالات العادية أو القياسية يكون الفاعلون مسؤولين عما يفعلونه ويتصرفون بحرية، إلّا أنّه يرى أنّ ما يجعل ذلك يمكن أن يختلف من حالة إلى أخرى هي: أنواع مختلفة من الآلات يمكن أن تفسر الحرية والمسؤولية مع فيما يتعلق بأنواع مختلفة من العمل، وعلاوة على ذلك يعتقد أنّ المعدّلات المختلفة المشددة والعفو تستهدف قطعًا مختلفة من الآلات.
وأخيرًا يرى أنّ الاستخدام المناسب للمُعدِّل لا يعتمد فقط على وجود أو عدم وجود حالات من نوع آلية الفعل التي تستهدفها، هذا بالإضافة إلى ذلك يعتمد ذلك على ما إذا كانت الآلات المستهدفة أرقامًا في الحالات العادية لأفعال من النوع المعني.
الحرية والقدرة:
عند الانتقال إلى مناقشة أوستن حول ما إذا كانت الحتمية متوافقة مع الفعل الحر فإنّ أحد أشكال العذر العام لفعل شيء ما هو أنّه لا يمكن للمرء تجنب القيام به، وبالمثل فإنّ العذر العام للفشل في القيام بشيء ما مثل الفشل في استخدام المكابح على سبيل المثال هو أنّه لا يمكن للمرء أن يفعل ذلك، وقد برزت الأعذار من هذا النوع العام بشكل مركزي في المناقشات حول حرية الإنسان وتأثير الحتمية على ما إذا كنا سنتصرف بحرية.
لنفترض أنّه حيثما ينطبق عذر من هذا النموذج بشكل صحيح فنحن لسنا مسؤولين عن الإجراء المستهدف بالعذر ولم نتصرف بحرية، وإذا كان هذا الافتراض صحيحًا فإنّ إثبات أنّه لا توجد أشياء نقوم بها ويمكن أن نتجنب القيام بها، ولا توجد أشياء لم نفعلها وكان بإمكاننا القيام بها، وسيكون بمثابة إثبات أننا لسنا مسؤولين عن القيام به، أو الامتناع عن القيام بما نقوم به وبالتالي لا نتصرف أبدًا بحرية، وقد رأى بعض الفلاسفة أنّ ر الحتمية توفر الأساس لمثل هذا البرهان.
قد يأخذ هذا البرهان الشكل التالي، فالادعاء الشامل بأنّ شخصًا ما كان بإمكانه فعل شيء ما يتطلب أن تكون الظروف في (t) متوافقة مع قيامه بهذا الشيء في (t)، ولكن وفقًا للحتمية فإنّ الظروف (C)، تحدد أنّ مجموعة واحدة من الأحداث (E) وتحدث عند (t) بدلاً من أي مجموعة أخرى، وهذا يعني وفقًا لأطروحة الحتمية أنه لا يمكن أن يكون ذلك (C & not-E).
الآن بالنظر إلى أنّ ما فعله الفرد المعني في الواقع في (t) (حيث امتنع عن فعله في (t) هو عضو في (E)، فلا يمكن أن يكون (C) ومع ذلك فشلوا في القيام بذلك (فشلوا في الامتناع عن القيام به ذلك)، ومن ثم بسبب (C) ليس الأمر أنّه كان بإمكانهم تجنب فعل ما فعلوه (الامتناع عن القيام به).
يعتقد أوستن أنّ اعتراضاته على التفسيرات التي يركز عليها تقدم دعمًا جزئيًا لوجهة النظر القائلة بأنّ ادعاءاتنا العادية حول ما يمكننا فعله لا تتوافق مع الحتمية، حيث فكر أوستن هو أنّ الصفات تعبر عن اعتقادنا بأنّ القدرة البشرية أو القوة أو القدرة هي بطبيعتها مسؤولة عن عدم تحقيق النجاح وفي بعض الأحيان، وذلك بدون سبب أو أنّ الحظ السيئ والشكل السيئ أحيانًا أسباب؟
الآن الحتمية الملتزمة ستدعي أنّ الأحداث التي تشكل مثل هذه الإخفاقات يجب تحديدها -وبهذا المعنى مفسرة- بالظروف التي كانت سائدة قبل الفشل، ولكن أوستن يعتقد أنّ وجود مثل هذا التفسير من شأنه أن يجعل الحالة في الواقع لاعبي الجولف لم يكن بإمكانهم القيام بذلك في الظروف كما كانت على وجه التحديد.
رداً على ذلك أجبر المتوافق كما يُعتقد على إنكار حقيقة أنّ لاعب الجولف كان بإمكانه أن يخترق الضربة، أو حتى أنّه كان بإمكانه أن يختبئ في نفس الظروف بالضبط، ويستلزم أنّه كان سيختبئ في نسخة طبق الأصل من العالم الحقيقي، وترك هذه المسألة جانباً يقدم أوستن التحليل المقترح مع حالة إخفاء، وهي حالة على الرغم من الاحتفاظ بالقدرة يتم منع الممارسة الناجحة للقدرة بطريقة ما.
التحدي الذي يواجه المدافع عن التحليل هو توضيح التحليل للتعامل مع الإخفاء، ويمكن القول أنّ مواجهة التحدي تعتمد على توفير مواصفات غير دائرية لجميع الأقنعة الممكنة، ويُعتقد أنّ أوستن يدعي أنّه من المستحيل مواجهة التحدي، ومن وجهة نظره يتم إخفاء القدرات في بعض الأحيان بوحشية دون أي قناع محدد، وحتى لو كان مخطئًا في ذلك يظل السؤال مفتوحًا عما إذا كان يمكن مواجهة التحدي، أو ما إذا كان عدم التجانس اللامتناهي للأقنعة المحتملة يجعل من المستحيل تقديم مواصفات تفسيرية.