فلسفة النزعة الجديدة للقدرة

اقرأ في هذا المقال


إنّ التحليل الشرطي (CA) والتحليل النموذجي (MA)، والذي يمكن القول إنّ (CA) مجرد حالة خاصة، وهذا يثير تساؤلاً حول الشكل الذي قد يبدو عليه الحساب غير الافتراضي وغير النموذجي للقدرة ونسبها، ونظرًا لأنّ القدرات هي نوع من القوة فإنّ إحدى الأفكار الطبيعية هي تحليل القدرات من حيث نوع آخر من القوة.

وقد يتم مواصلة المطالب بطرق مختلفة ومنها هو مناشدة التصرفات وتحليل القدرات من حيث هذا النوع المزعوم من القوة المفهومة بشكل أفضل، وآخر هو الابتعاد جذريًا عن الأنطولوجيا المعيارية للميتافيزيقا الحديثة، وتحليل القدرة من حيث بعض القوة المتنوعة الجديدة والمميزة.

ظهور مبدأ النزعة الجديدة:

في السنوات الأخيرة أعاد العديد من المؤلفين النظر في فكرة أننا قد نقدم وصفًا افتراضيًا واسعًا للقدرة، دون تأييد الادعاء الإشكالي (CA)، وهذه هي وجهة نظر القدرة التي دافع عنها سميث (Smith) في عام 2003، فيفيلين (Vihvelin) في عامي 2004 و 2013، وفارا (Fara) في عام 2008، تبعهم كلارك (Clarke) في عام 2009، والذي من الممكن أن نطلق على هذا الرأي النزعة الجديدة.

ما يوحد النزعيين الجدد هو أنّهم يعودون إلى التحليل الشرطي للقدرة في ضوء فكرتين:

1- أنّ الفكرة الأولى بالفعل هي أنّ هناك مجموعة متنوعة من القوة والميول (النزعة)، والتي تشبه في كثير من النواحي القدرات.

2- الفكرة الثانية هي أنّ هناك مشاكل معروفة جيدًا تتعلق بإعطاء تحليل مشروط للتصرفات، والتي في ضوءها يميل العديد من المؤلفين إلى رفض الارتباط المفترض منذ فترة طويلة بين التصرفات والشرطية.

وهاتين الفكرتين مجتمعات تنتج خطًا جديدًا واعدًا حول القدرات، على الرغم من أنّه من الواجب رفض التحليل الشرطي للقدرات، إلّا أنّه قد يُدافع عن حساب تمهيدي للقدرات.

لماذا يجب أن نرفض التحليل الشرطي للشخصيات؟ الجواب عند وضع في الاعتبار التحليل كما سيتم ذكره في الجملة التالية وذلك للاستعداد للكسر عند الضرب، حيث تمت الإشارة إلى النزعة والميول الشرطية بالمتغير (CD):

(CD) لـ: (x) هو متغير يميل إلى الكسر عند ضربه، فإذا تم كسر (S) وذلك إذا تم ضرب (S).

على الرغم من الجاذبية البديهية لـ (CD)، يبدو أنّ هناك نوعين على الأقل من الأمثلة المضادة لها:

1- أولاً عند التفكير في زجاج بلوري، وإذا كان على وشك أن يضرب، فإنّه سيتحول إلى صلب، فهذا الزجاج معرض للكسر عند اصطدامه، ولكن ليس صحيحًا أنّه سينكسر إذا صدم، لأنّ التحول إلى حالة الصلب يجعل هذا خطأ، وهذه حالة تلاعب بلغة مارتن (Martin) في عام 1994.

2- ثانيًا عند وضع في الاعتبار الزجاج البلوري المحشو بتغليف الستايروفوم، فإنّ هذا الزجاج معرض للكسر عند ضربه، لكن ليس صحيحًا أنّه قد ينكسر إذا صدم، وذلك لأنّ العبوة تمنع ذلك، وهذه حالة إخفاء بلغة جونستون (Johnston) في عام 1992.

في ضوء مثل هذه الحالات يبدو أنّه يجب أن نرفض (CD).

أثر فلسفة النزعة الجديدة على التحليل الشرطي:

فيما يلي تأثير نقاط الأمثلة المضادة للنزعة الجديدة على التحليل الشرطي، حيث يبدو أنّ هناك مشاكل عامة جدًا لتقديم تحليل مشروط للقوى، لذلك قد يكون فشل التحليل الشرطي للقدرة لم يكن بسبب أي حقيقة حول القدرات، ولكن بالأحرى إلى نقص في التحليلات الشرطية بشكل عام، وإحدى طرق التغلب على هذه المشكلة إذا كان هذا التشخيص صحيحًا، هو تحليل القدرات مباشرةً من حيث التصرفات.

تم اقتراح مثل هذا التحليل من قبل فارا (Fara) وذلك في عام 2008 والذي يقول أنّه: “تتمتع (S) بالقدرة على (A) في الظروف (C)، وذلك إذا كانت لديها ميل إلى (A)، وكذلك عندما حاولت (A) في الظروف (C)”.

إنّ تشابه هذا التحليل مع التحليلات الافتراضية حيث يثير هذا عدة أسئلة فورية، مثل ما إذا كان هذا التحليل يمكن أن يتغلب على مشكلة الاكتفاء التي ابتليت بها تلك الأساليب، ومع ذلك فإنّ أكثر ما يلفت النظر حول النزعيين الجدد هو كيف يقدمون هذا النوع من تفسير القدرة على التأثير في بعض الحالات المألوفة.

فلسفة النزعة الجديدة وقضايا فرانكفورت:

عند التفكير في كيفية تأثير النزعة الجديدة على ما يسمى قضايا فرانكفورت (Frankfurt cases)، فهذه قضايا بسبب فرانكفورت في عام 1969، حيث يختار الوكيل وينفذ بعض الإجراءات (A) بينما في نفس الوقت هناك بعض الإجراءات الأخرى في (B)، مثل أنّه لو كان الوكيل على وشك اختيار (B)، لكان المتدخل قد غيّر تصرف الوكيل، بحيث يكون الوكيل قد اختار وأجرى (B) بدلاً من (A).

أحد الأسئلة حول مثل هذه الحالات هو ما إذا كان الوكيل في التسلسل الفعلي للأحداث، بحيث يكون لديه القدرة على حدس (B).فرانكفورت (B. Frankfurt)، وحدس معظم الآخرين وهو أنّها لم تفعل ذلك.

بالنظر إلى الادعاء الإضافي بأنّ الوكيل مسؤول أخلاقيًا عن القيام بـ (A)، يبدو أنّ هذه الحالة هي مثال مضاد لما تسميه فرانكفورت مبدأ الاحتمالات البديلة (Principle of Alternative Possibilities – PAP)، حيث أنّ الوكيل مسؤول أخلاقياً عن القيام  بـ (A) فقط، وذلك إذا كان لديها القدرة على القيام ببعض الإجراءات بخلاف (A).

إنّ النزعيين الجدد قد يختلفون، فلو تم التركيز على تشخيص فارا (Fara) للحالة، حيث أنّ مسألة ما إذا كان الوكيل لديه القدرة على المنعطفات (B)، فبالنسبة لفارا (Fara)، حول مسألة ما إذا كانت قد تم التخلص منها مع (B) عندما حاولت  (B).فارا (B. Fara) تزعم أنّ لديها مثل هذا التصرف والنزعة.

إنّ وجود المتدخل من وجهة نظر فارا يشبه عبوة الستايروفوم المذكورة أعلاه في زجاج بلوري، حيث إنّه يخفي إمكانية كسر الزجاج عند ضربه، لكنه لا يزيل هذا التصرف، وكذلك بالمثل تجادل فارا أنّ وجود المتدخل يخفي تصرف الوكيل تجاه (B) عندما تحاول (B)، لكنه لا يزيل هذا التصرف والنزعة.

ومن الجدير بالذكر أنّ هناك بعض الخلاف بين النزعيين الجدد حول ما إذا كانت هذه حالة تلاعب أو إخفاء، لذا بوتيرة فرانكفورت فإنّ الوكيل لديه القدرة على (B) بعد كل شيء، ولذا في هذه الحالة على الأقل لا يوجد مثال مضاد لـ (PAP).

القلق الطبيعي في هذه المرحلة هو أنّ النزعي الجديد قد غير الموضوع ببساطة، لأنّه يبدو واضحًا بالمعنى العادي تمامًا للقدرة أنّ وكيل فرانكفورت يفتقر إلى القدرة على القيام بخلاف ذلك، كما يبدو أنّ حساب القدرة الذي ينفي هذا الكلام يتحدث عن مفهوم آخر تمامًا، فإحدى الطرق لإبراز ما هو مفقود هو فكرة أنّه يبدو أنّ هناك صلة بين قدرات المرء، بمعنى أنّ القدرة التي تتعلق بالإرادة الحرة وما هو الأمر بالنسبة للمرء.

فلسفة كلارك في النزعة الجديدة:

يدعي كلارك أنّ القلق في قضايا فرانكفورت يسبب نوعًا من الاتصال الفاشل في وجهة النظر النزعة الجديدة للقدرة، حيث أنّه على الرغم من أنّ هناك يوجود ثغرة أو قناع من شأنه أن يمنع القيام بـ (A)، وهو متوافق مع امتلاك قدرة عامة أي أنّ الكفاءة غير المنقوصة إلى (A)، إلّا أنّ هناك شعورًا عاديًا حيث قد لا يتمكن الوكيل في مثل هذه الظروف من (A).

حيث إذا كان هناك شيء ما في مكانه من شأنه أن يمنع المرء من القيام بـ (A)، فهل يجب على المرء أن يحاول القيام بذلك، وإذا لم يكن الأمر متروكًا للمرء فسيؤدي ذلك إلى منعه، وإذا لم يكن الأمر متروكًا له في وجود مثل هذا الشيء فعندئذ حتى إذا كانت لديه القدرة على (A)، فلا يعود له ما إذا كان يمارس هذه القدرة.

فكيف إذن يجب أن يستجيب النزعي الجديد؟ إنّ أحد الأفكار هو أننا هنا مرة أخرى نواجه التمييز بين القدرات العامة والقدرات الخاصة، وقد يجادل المؤيد الجديد بأنّه في حين أنّ الوكيل في قضية فرانكفورت قد يفتقر إلى القدرة المحددة على القيام بخلاف ذلك، فإنّ لديه القدرة العامة على القيام بخلاف ذلك، وأنّ هذه القدرة العامة هي التي يقدمها النزعي الجديد.

هذا الرد مع ذلك يؤجل سؤالا حاسما وواسع النطاق، وهذا السؤال هو: هل يجب فهم القدرة في (PAP) على أنّها قدرة عامة أم قدرة محددة (خاصة)؟ فإذا كانت القدرة العامة هي ما يهم فقد لا تخبر قضايا فرانكفورت بالفعل (PAP)، لأنّ الوكيل يحتفظ بالقدرة العامة على القيام بخلاف ذلك، إذا كانت القدرة المحددة هي المهمة فإنّ التحدي (PAP) يظل قائمًا.

هذا سؤال حيوي لفهم العلاقة المزعومة بين قدرات العملاء وأسئلة المسؤولية الأخلاقية، بغض النظر عن حكمنا على النزعة الجديدة نفسها،

لا بد أنّ النزعيين الجدد يسعون في محاولات أخيرة لإحياء موقف توافقي كلاسيكي بشأن الإرادة الحرة، والتي وفقًا لها إنّ امتلاك القدرة على القيام بعمل معين له نزعة معينة، وذلك نظرًا لأنّ وجود تصرفات غير مجسدة يتوافق مع الحتمية، فإنّ امتلاك قدرات غير مُمارسَة للتصرف والنزعة يُعتقد أنه متوافق بالمثل.

يُقال أنّه على الرغم من وجود نوع من القدرة على التصرف الذي يعتبر امتلاكه مسألة امتلاك تصرف، فإنّ النزعة الجديدة تترك نقاط الخلاف الرئيسية المتعلقة بالإرادة الحرة دون حل.


شارك المقالة: