فلسفة علم الظواهر في فرنسا

اقرأ في هذا المقال


بعد عمل إدموند هوسرل Husserl أصبحت في النهاية حركة عالمية، فكان إيمانويل ليفيناس Emmanuel Lévinas من أوائل المؤلفين الفرنسيين الذين تعرفوا على فكر هوسرل والذي جمع أفكارًا من هوسرل وهايدجر Heidegger في فلسفة شخصية.

جان بول سارتر Jean-Paul Sartre:

وبالمثل جان بول سارتر المفكر الوجودي البارز لفرنسا الذي اتخذ نقطة انطلاقه من فلسفات هوسرل وهايدجر.

أعمال جان بول سارتر الأولى:

  • L’Imagination -1936; Imagination: A Psychological Critique – الخيال: نقد النفسي، 1936.
  • L’Imaginaire: Psychologie phénoménologique de l’imagination -1940; The Psychology of Imagination – علم نفس الخيال، 1940.

وتظل هذه الأعمال تمامًا في سياق تحليلات هوسرل للوعي، بحيث يشرح سارتر التمييز بين الوعي الإدراكي والخيالي بمساعدة مفهوم هوسرل عن القصد وكثيراً ما يستخدم طريقة التفكير (ويسنسشاو – Wesensschau).

وفي مقال عن الأنطولوجيا الظاهراتية (L’Être et le néant (1943-الوجود والعدم، من الواضح أنّ سارتر اقترض من هايدجر بعض المقاطع من هيدجر مثل هل كانت الميتافيزيك؟ (1929- ما هي الميتافيزيقيا؟)، وفي الواقع يتم نسخها حرفيا حيث أصبح معنى العدم الذي جعله هايدجر في هذه المحاضرة موضوع تحقيقاته السؤال الإرشادي لسارتر، وينحرف سارتر عن تحليل هايدجر للكينونة ويقدم موقع الوعي الذي تغلب عليه هايدجر.

التمييز بين الوجود في ذاته (en-soi) والوجود لذاته (pour-soi) يعم التحقيق بأكمله، والمادة في ذاتها هي المادة المعتمة الشبيهة بالمادة التي تظل كما هي، في حين أنّ الذات ذاتها هي الوعي الذي يتخلله العدم، ويتضح تأثير هيجل Hegel عندما يحاول المؤلف تفسير كل شيء بطريقة ديالكتيكية أي من خلال توتر الأضداد وإنّ ديالكتيك وجود البشر مع بعضهم البعض أمر مركزي، وهكذا فإنّ الرؤية والظهور يتوافقان مع الهيمنة والسيطرة. أما السمة الأساسية للوجود لذاتها هي سوء النية (mauvaise foi)، والتي لا يمكن التغلب عليها لأنّه لا يمكن الجمع بين الواقعية (الوجود بالفعل) والتعالي (القدرة على أن تكون).

تتكون السمة الفينومينولوجية لتحليلات سارتر للوعي من الطريقة التي يشرح بها أنماطًا معينة من السلوك من مثل الحب والكراهية والسادية والماسوشية masochism واللامبالاة، على الرغم من أنّ سارتر يرى ويصف هذه الأشكال من السلوك بشكل لافت ودقيق، إلا أنّه يقصر نفسه على تلك الأنماط التي تناسب تفسيره الفلسفي، وتظهر أهمية علم النفس التي اعترف بها هوسرل مرة أخرى في سارتر وتؤدي إلى طلب التحليل النفسي الوجودي.

يشير تعريف سارتر لـ(الإنسان) على أنّه كائن من الاحتمالات التي تجد أو تفقد نفسها في الاختيار الذي يتخذه فيما يتعلق بنفسها إلى تعريف هايدجر للكينونة على أنّها كائن يجب أن يتجسد، فبالنسبة لسارتر الحرية هي الخاصية الأساسية للإنسانية، وهكذا ينتمي سارتر إلى تقليد الفلاسفة الأخلاقيين الفرنسيين العظماء.

في أعماله اللاحقة كما في كتابه نقد الديالكتيك (1960 – نقد العقل الجدلي) تحول سارتر إلى الماركسية، على الرغم من أنّه طوّر أسلوبًا في الفهم تأثر بالهرمنيوطيقا، وهنا يقتصر الاختيار الذي يقوم به الفرد على الظروف الإجتماعية والنفسية.

يعد تفسير سارتر المتميز المكون من مجلدين لغوستاف فلوبير، L’Idiot de la famille: Gustave Flaubert de 1821–1857 – أحمق العائلة: جوستاف فلوبير 1821 – 1857 ( 1971) مثالاً على هذه الطريقة الجديدة في الفهم والتفسير الذي يجمع بين العناصر الماركسية والتفسيرات ذات الطابع الشخصي للغاية المأخوذة من علم نفس العمق.

موريس ميرلو بونتي Merleau-Ponty:

كان موريس ميرلو بونتي الذي كان مع سارتر ورفيقه الفيلسوف سيمون دي بوفوار ممثلاً هامًا للوجودية الفرنسية، وكان في نفس الوقت أهم عالم الفينومينولوجي الفرنسي.

أعمال موريس ميرلو بونتي:

  • (La Structure du comportement (1942 – هيكل السلوك.
  • (Phénoménologie de la perception (1945 ؛ Phenomenology of Perception – ظواهر الإدراك، من أكثر التطورات والتطبيقات الأصلية للظواهر التي تأتي من فرنسا.

أعطى موريس ميرلو بونتي Merleau-Ponty تفسيرًا جديدًا لمعنى جسم الإنسان من وجهة نظر الفينومينولوجيا، ومرتبطًا بذلك للإدراك البشري للفضاء والعالم الطبيعي والزمانية والحرية.

بدءًا من فينومينولوجيا هوسرل اللاحقة لعالم الحياة رسخ ميرلو بونتي Merleau-Ponty ظواهر الإدراك في فينومينولوجيا الجسم الحي (الجسد كما هو مختبَر وخبرات)، حيث يتجسد الذات المدركة كحلقة وسيطة إلى العالم الهائل.

كان من المفترض أيضًا أن تقدم فينومينولوجيا (الوجود) البشري في العالم بديلاً للإنقسام الصارم بين المثالية والواقعية، حيث يمكن أن يرتبط الوعي والعالم بشكل متبادل، وهكذا أصبح علم الظواهر وسيلة لإظهار المشاركة الأساسية للوجود البشري في العالم بدءًا من الإدراك اليومي.

على الرغم من صحة أنّ ميرلو بونتي Merleau-Ponty كان في الأصل قريبًا من هوسرل في فكره إلّا أنّه قد تطور لاحقًا بشكل ملحوظ في اتجاه هايدجر وهو التغيير الذي ظهر بشكل خاص في L’Oeil et l’esprit 1964 – (العين والعقل).

مفكرون آخرون:

بول ريكور طالب التجربة الإرادية الذي أدت ترجمته لظاهرة هوسرل (Ideen zu einer reinen) إلى تقريب هوسرل من الجيل الفرنسي الأصغر، وكتب في هذا سياق ظاهري ولكن بهدف زيادة تطوير مفهوم هوسرل للظواهر، حيث يتعامل ريكور في كتابه (Philosophie de la volonté (1950–60 – فلسفة الإرادة، أيضًا مع المشكلات التي ينطوي عليها المفهوم اللاهوتي للشعور بالذنب.

بينما أشارت سوزان باشيلارد التي ترجمت عام 1957 Logik: Versuch einer Kritik der logischen Vernunft 1929 – المنطق الرسمي والمتسامي، إلى أهمية هوسرل للمنطق الحديث، وكذلك وجاك دريدا Jacques Derrida والد التفكيك ودمج الفينومينولوجيا والبنيوية في تفسيره للأدب.


شارك المقالة: