فلسفة الكائنات الجمالية:
يمكن اعتبار الكثير من تاريخ التفكير الأكثر حداثة حول مفهوم الجمالية على أنّه تاريخ تطور الأطروحات الفورية وعدم الاهتمام الشكلية الفنية هي وجهة النظر القائلة بأنّ الخصائص ذات الصلة الفنية للعمل الفني، فهي تلك الخصائص التي هي في أساسها عمل فني والتي بحكمها جيدة أو سيئة وهي شكلية فقط، حيث تعتبر الخصائص الشكلية عادة خصائص يمكن إدراكها بالبصر أو بالسمع فقط.
تم اتخاذ الشكلية الفنية لتتبع كل من الأطروحات الفورية وعدم الاهتمام، وإذا كان المرء يأخذ أطروحة الفورية للإيحاء بعدم الصلة الفنية لجميع الخصائص التي يتطلب استيعابها استخدام العقل، وكذلك قيام المرء بتضمين الخصائص التمثيلية في تلك الفئة، فهو عرضة للاعتقاد بأنّ أطروحة الفورية تنطوي على شكليات فنية.
كما أنّه إذا كان المرء يأخذ أطروحة اللامبالاة للإيحاء بعدم الصلة الفنية لجميع الخصائص القادرة على الاستيراد العملي، وقام بتضمين الخصائص التمثيلية في تلك الفئة، فهو عرضة للاعتقاد بأنّ أطروحة عدم الاهتمام تنطوي على شكليات فنية.
وهذا لا يعني أنّ الشعبية التي تمتعت بها الشكلية الفنية خلال أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ترجع أساسًا إلى استنتاجها من الأطروحات الفورية أو عدم الاهتمام، حيث كان أكثر المدافعين عن الشكليات تأثيرًا خلال هذه الفترة هم النقاد المحترفون، واستمدت شكليتهم جزئيًا على الأقل من التطورات الفنية التي كانوا مهتمين بها.
فبصفته ناقدًا دافع إدوارد هانسليك عن الموسيقى النقية لموزارت وبيتهوفن وشومان ولاحقًا برامز، وضد موسيقى فاجنر غير النقية بشكل كبير، وكمنظر حث على أنّ الموسيقى ليس لها محتوى ولكن أشكال متحركة نغمية، وكذلك بصفته ناقدًا كان كلايف بيل من أوائل المناصرين لما بعد الانطباعيين وخاصة سيزان، وكمنظر أكد أنّ الخصائص الشكلية للرسم من حيث العلاقات ومجموعات الخطوط والألوان وحدها لها صلة فنية.
وبصفته ناقدًا كان كليمنت غرينبرغ المدافع الأكثر اقتدارًا عن التعبيرية المجردة، وكمنظّر قال إنّ: “مجال اختصاص الرسم المناسب يستنفد بسبب التسطيح والصبغ والشكل”، ولم يكن كل مدافع مؤثر عن الشكليات ناقدًا محترفًا أيضًا، فقد كان مونرو بيردسلي الذي يمكن القول إنّ أكثر أشكال التعبير تعقيدًا للشكليات، كما أنّ نيك زانجويل ليس كذلك، الذي أطلق مؤخرًا دفاعًا مفعمًا بالحيوية وواسع الحيلة عن نسخة معتدلة من الشكليات.
فلسفة الشكلية والجماليات وتداخلهما:
لقد كانت الشكلية دائمًا مدفوعة بشكل كافٍ بالبيانات النقدية الفنية، التي جعلت آرثر دانتو ذات مرة حجة أنّ البيانات لم تعد تدعمها وربما لم تكن تدعمها أبدًا فقد انتهى عصر الشكلية، والمستوحى بشكل خاص من مربعات بريلو وارهول، والتي بشكل أو بآخر لا يمكن تمييزها بشكل ملموس عن علب الكرتون المطبوعة بالعلامة التجارية التي تم فيها تسليم علب بريلو إلى محلات السوبر ماركت، حيث لاحظ دانتو أنّه بالنسبة لمعظم أي عمل فني من الممكن تخيل كليهما:
1- كائن آخر لا يمكن إدراكه منه ولكنه ليس عملاً فنيًا.
2- عمل فني آخر لا يمكن إدراكه منه ولكن يختلف في القيمة الفنية.
يُستنتج من هذه الملاحظات أنّ الشكل وحده لا يصنع عملًا فنيًا ولا يعطيه أي قيمة له، لكن دانتو اتخذ إمكانية وجود مثل هؤلاء غير المدركين الإدراكيين لإظهار القيود ليس فقط على الشكل ولكن أيضًا على الجماليات، وقد فعل ذلك على أساس على ما يبدو أنّ الشكلية والجماليات متداخلة، وفيما يتعلق بمقولة دوشامب التي تم عرضها مرة واحدة ومقولة عادية غير قابلة للإدراك.
حيث يؤكد دانتو أنّه لم يستطع علم الجمال أن يفسر سبب كون أحدهما عملاً من أعمال الفنون الجميلة والآخر لا، نظرًا لأنّه بالنسبة لجميع الأغراض العملية لم يكن بالإمكان تمييزهما من الناحية الجمالية، وإذا كان أحدهما جميلًا، فيجب أن يكون الآخر جميلًا لأنهما متشابهان تمامًا.
لكن من المفترض أنّ الاستدلال من حدود الشكلية الفنية إلى حدود الجمالية الفنية هو فقط بنفس قوة الاستدلالات من الأطروحات الفورية، وعدم الاهتمام إلى الشكلية الفنية وهذه ليست محل شك، فيبدو أنّ الاستدلال من أطروحة عدم الاهتمام لا يمر إلّا إذا استخدمت فكرة عدم الاهتمام أقوى من تلك التي يفهم الفيلسوف إيمانويل كانط نفسه أنّه يستخدمها.
تجدر الإشارة إلى أنّ كانط يعتبر الشعر على أنّه أعلى الفنون الجميلة بسبب قدرته على استخدام المحتوى التمثيلي في التعبير عما يسميه الأفكار الجمالية، حيث يبدو أنّ الاستنتاج من أطروحة الفورية لا يمر إلّا إذا استخدمت مفهومًا للفورية أقوى من مفهوم الفيلسوف ديفيد هيوم، فعلى سبيل المثال اعتبر نفسه أنّه يدافع عندما يدعي أنّه في العديد من الأوامر من الجمال ولا سيما الفنون الجميلة، فمن الضروري استخدام الكثير من التفكير من أجل الشعور بالمشاعر المناسبة.
قد يكون تاريخ الجماليات من القرن الثامن عشر إلى منتصف العشرين هو إلى حد كبير تاريخ دفع هذين الاتجاهين إلى أقصى الحدود، حيث لا يترتب على ذلك أنّه يجب الدفع بهذه الاتجاهات، فعند الأخذ بعين الاعتبار أنّ كتاب وارهول مربعات بريلو، فإنّ دانتو محق في التأكيد على أنّ منظري الذوق في القرن الثامن عشر لن يعرف كيف ينظر إليه على أنّه عمل فني.
ولكن هذا بسبب أنّ مُنظّر الذوق في القرن الثامن عشر يعيش في القرن الثامن عشر، وبالتالي لن يكون قادرًا على وضع هذا العمل في سياقه التاريخي الفني للقرن العشرين، وليس لأنّ نوع النظرية التي يحملها تمنعه من وضع العمل في سياقها الفني التاريخي.
عندما يلاحظ هيوم على سبيل المثال أنّ الفنانين يوجهون أعمالهم إلى جماهير محددة ذات موقع تاريخي، وأنّ الناقد يجب أن يضع نفسه في نفس الموقف مثل الجمهور، والذي يتم توجيه العمل إليه، وإنّه يسمح بأنّ الأعمال الفنية هي منتجات ثقافية، وأنّ الخصائص التي تعمل كمنتجات ثقافية هي من بين مكونات التكوين التي يجب على الناقد فهمها إذا أرادت أن تشعر بالمشاعر المناسبة.
ولا يبدو أنّ هناك أي شيء في المفهوم المشهور لمربعات بريلو ولا في أي عمل مفاهيمي آخر، ويجب أن يوقف منظري القرن الثامن عشر، ويؤكد فرانسيس هتشسون أنّ النظريات الرياضية والعلمية هي أشياء ذوق، حيث يؤكد ألكسندر جيرارد أنّ الاكتشافات العلمية والنظريات الفلسفية هي مواضيع ذوق ولا يجادل لتأكيده.
كلاهما يعتبر أنّه من المألوف أن تكون موضوعات العقل موضوعات للذوق بسهولة مثل أشياء البصر والسمع، ولماذا يجب على المنظّر الجمالي المعاصر التفكير بطريقة أخرى؟ إذا كان الشيء ذات طبيعة مفاهيمية، فإنّ استيعاب طبيعته سيتطلب عملاً فكريًا.
وإذا كان استيعاب الطبيعة المفاهيمية لشيء ما يتطلب تحديد موقعه بشكل فني تاريخيًا، فإنّ العمل الفكري المطلوب لفهم طبيعته سيتضمن وضعه بشكل فني تاريخيًا، ولكن كما قال ديفيد هيوم وتوماس ريد فإنّ إدراك طبيعة الشيء تمهيدًا للحكم عليه من الناحية الجمالية هو شيء، حيث الحكم الجمالي على الشيء بمجرد إدراكه هو شيء آخر.