اقرأ في هذا المقال
- مبدأ المنفعة في فلسفة ميل
- فلسفة ميل في الأساس العلمي الدليل
- فلسفة ميل في إثبات السعادة بواسطة الحدس
- إثبات ميل للسعادة بواسطة الاستقراء العددي
- فلسفة ميل في إثبات السعادة بواسطة الفضيلة
- تساوي السعادة في فلسفة ميل
بينما يتعلق التفكير النظري بما يوجد سبب للاعتقاد، فإنّ التفكير العملي يتعلق بكيفية وجود سبب للتصرف، ومثلما يعتقد ميل أنّ هناك مبدأ أساسيًا واحدًا للعقل النظري مبدأ الاستقراء العددي كذلك يعتقد أيضًا أنّ هناك مبدأ أساسيًا واحدًا للعقل العملي.
مبدأ المنفعة في فلسفة ميل:
لا توجد مبادئ أولى للمعرفة فقط بل مبادئ أولية للسلوك، بحيث يجب أن يكون هناك بعض المعايير التي يمكن من خلالها تحديد الخير أو الشر، وخلال المطلق والمقارن لغايات أو أشياء الرغبة، ومهما كان هذا المعيار يمكن أن يكون هناك واحد فقط، وهذا المبدأ بالطبع هو مبدأ المنفعة.
“المبدأ العام الذي يجب أن تتوافق معه جميع قواعد الممارسة، والاختبار الذي يجب تجربتها من خلاله، هو مبدأ المساعدة على سعادة البشرية، وتعزيز السعادة هو المبدأ النهائي للغائية”.
إنّ الادعاء بأنّ السعادة هي الغاية الوحيدة للفعل البشري والترويج لها هو بمثابة الاختبار الذي يمكن من خلاله الحكم على كل السلوك البشري، ويقع في صميم فلسفة ميل العملية وتحديد كيفية تصرف الأفراد بشكل فردي وجماعي، ويتم فحص مبدأ المنفعة بالتفصيل في النفعية حيث يتم توضيحها والدفاع عنها.
فلسفة ميل في الأساس العلمي الدليل:
في قلب العمل يقف مفهوم (الدليل) للفيلسوف ميل على مبدأ المنفعة، وتتم الحجة عن طريق ثلاثة مطالبات فرعية والتي يجادل فيها ميل وهي:
- الاستحسان: أنّ السعادة مرغوبة كغاية.
- الشمولية: أنّ لا شيء سوى السعادة أمر مرغوب فيه كغاية.
- الحياد: أنّ سعادة كل شخص مرغوبة بنفس القدر.
ويأخذ ميل الدعوى الفرعية الأولى الاستحسان على أنّها غير قابلة للجدل إلى حد معقول، ويعترف معظم الناس بأنّ السعادة هي على الأقل أحد الأشياء المرغوبة، ومع ذلك فقد أصبحت حجته في هذا الادعاء سيئة السمعة.
والدليل الوحيد القادر على أن يُعطي أنّ الشيء مرئي هو أنّ الناس يرونه بالفعل، والدليل الوحيد على أنّ الصوت مسموع هو أنّ الناس يسمعونه وكذلك المصادر الأخرى لتجربتنا، وبنفس الطريقة يُفهم الدليل الوحيد الذي يمكن إثبات أنّ أي شيء مرغوب فيه هو أنّ الناس يرغبون في ذلك بالفعل.
ويضيف ميل إلى هذا الملاحظة القائلة بأنّ كل شخص بقدر ما يعتقد أنّه يمكن بلوغه ويرغب في سعادته، وعلى هذا النحو تظهر السعادة على أنّها مرغوبة كغاية، واشتهر جورج إدوارد مور بالهجوم على هذه الحجة مشيرًا إلى أنّ: “المغالطة في هذه الخطوة واضحة جدًا وهذا أمر رائع تمامًا في كيف فشل ميل في رؤيتها”.
ولا تحمل كلمة (مرغوب) نفس العلاقة بـ (مرغوب فيه) مثل علاقة (سمعت) بـ (مسموع)، وذلك لأنّ الاستحسان هو خاصية استحقاق أو استحقاق الرغبة، في حين أنّ السماع هو خاصية القدرة على الاستماع، ومن المسلم به أنّ اختيار ميل لتأطير الحجة بهذه الطريقة مؤسف، لكن الاتجاه الأساسي للحجة قوي رغم ذلك، ولا سيما إذا تم فهمه من منظور أهدافه الخاصة.
فلسفة ميل في إثبات السعادة بواسطة الحدس:
الحجة عن الرغبة في السعادة مثل بقية فلسفة ميل طبيعية في التوجه، حيث إنّ مذهب ميل الطبيعي يقوده إلى الادعاء بأنّه لا يمكننا الحصول على أي معرفة بالحدس، وادعائه بأنّ (الدليل الوحيد) الذي يمكن إنتاجه للادعاءات المعيارية حول الرغبة هو ملاحظات تجريبية حول ما يجب أن ينظر إليه الناس فعلاً في سياق هذا الالتزام الأساسي، وذلك لا يمكن أن ترتكز معرفتنا بما هو مرغوب فيه بشكل مباشر لنظرة ثاقبة مسبقة لطبيعة الخير، وعلى هذا النحو لا يمكن أن تأتي إلّا عن طريق الفحص النقدي لما يفعله البشر بالفعل على أنّه خير.
إنّ ممارسة الوعي بالذات ومراقبة الذات بمساعدة مراقبة الآخرين تكشف أنّ البشر يرغبون في السعادة في واقع الأمر، ونحن نفعل ذلك كما يزعم ميل بحكم طبيعتنا، وهذا الميل يصطدم بنا على أنّه معقول عند التفتيش، إنّ رغبة البشر في السعادة في جميع أنحاء العالم، واعتبار ذلك أمرًا منطقيًا في ظل مراعاة مجانية هو دليل على أنّ السعادة مرغوبة.
إثبات ميل للسعادة بواسطة الاستقراء العددي:
مثل هذه الأدلة بالطبع غير قابلة للتنفيذ لكنها حقيقية مع ذلك، وفي ظل عدم وجود أسباب للشك في ميلنا العالمي للرغبة في السعادة فإننا نضمن أن تكون السعادة مرغوبة، وإنّ حجة الرغبة في السعادة بهذا المعنى موازية لبدء ميل التحقق من صحة مبدأ الاستقراء العددي، البشر بالطبع يرغبون في أشياء كثيرة غير السعادة ويعترف ميل بهذه الحقيقة باعتبارها حقيقة محسوسة، وبقدر ما يتم أخذ ما نرغب فيه كدليل على ما هو مرغوب فيه فقد يبدو هذا غير متوافق مع مطالبة ميل الفرعية الثانية، وهي أنّ السعادة شاملة لما هو مرغوب فيه.
فلسفة ميل في إثبات السعادة بواسطة الفضيلة:
إنّ إستراتيجية ميل في إثبات أنّ السعادة هي الشيء الوحيد المرغوب فيه هو إظهار أنّه على الرغم من وجود أشياء أخرى يرغب فيها البشر فإنّ هذه الأشياء مرغوبة فقط بسبب العلاقة التي تربطها بالسعادة، وأشياء كثيرة بالطبع مرغوبة فقط كوسيلة للسعادة، عند الفحص لا تبدو مثل هذه الأشياء مرغوبة في نهاية المطاف، ولكن مجرد آليات مفيدة لتحقيق ما هو مرغوب فيه في النهاية، مع ذلك يدرك ميل أنّه ليست كل الرغبات إلى جانب السعادة مرغوبة فقط كوسائل.
بعض الناس على سبيل المثال يرغبون في الفضيلة لذاتها كمسألة حقيقة نفسية، حيث إنّهم يرغبون فيها بلا مبالاة لذاتها، ويجادل ميل بأنّ هذا لا يهدد الادعاء بأنّ السعادة هي الشيء الوحيد المرغوب فيه في نهاية المطاف لأنّ الفضيلة بالنسبة لهؤلاء الأفراد مرغوبة لأنّها تشكل جزءًا من سعادتهم.
والفضيلة وفقًا للعقيدة النفعية ليست جزءًا طبيعيًا وأصلًا من النهاية، ولكنها قادرة على أن تصبح كذلك ما لم تكن هناك رغبة أصلية فيها أو دافع لها، باستثناء قدرتها على تحقيق المتعة وخاصة الحماية من الألم، ولكن من خلال الارتباط الذي تم تشكيله على هذا النحو يمكن الشعور بأنّه جيد في حد ذاته ومطلوب على هذا النحو بقوة كبيرة مثل أي سلعة أخرى.
الأشياء المرغوبة في البداية لمجرد كونها وسيلة للسعادة يمكن أن تصبح مركزية جدًا لمفهوم الشخص لما يعنيه أن يكون سعيدًا وأن يُنظر إليه على أنّه جزء من سعادته، وفي هذه المرحلة قد تكون مرغوبة في حد ذاتها وبصرف النظر عن نتائجها، ولكن كجزء من إستراتيجية ميل العامة لإظهار أنّه لا يوجد شيء غير السعادة مرغوب فيه فإنّ أهمية الادعاء واضح.
وإنّه يسمح لميل بالقول إنّه لا يوجد شيء مرغوب فيه سوى السعادة، حيث كل ما هو مرغوب فيه بخلاف الوسيلة للسعادة فهو مرغوب في حد ذاته جزءًا من السعادة، وعلى هذا النحو لا يوجد في الواقع شيء مرغوب فيه سوى السعادة.
تساوي السعادة في فلسفة ميل:
حجة ميل عن الحياد أنّ سعادة كل شخص مرغوبة بشكل متساوٍي تمر بسرعة ووجدها كثيرون أنّها مشكلة، ويدعي ميل أنّ “سعادة كل شخص هي خير لذلك الشخص، وبالتالي فإنّ السعادة العامة خير لمجموع كل الأشخاص”، والحجة من ناحية هي مجرد انعكاس لفردانية ميل، حيث الفكرة الأساسية هي أنّ خير مجموعة من الناس لا يمكن أن يكون سوى مجموع خير لأعضائها.
لكن الحجة أعمق من هذا الادعاء المعقول بالاعتماد على مقدمات أقوى، حيث إنّ الافتراض القائل بأنّ: “الكميات المتساوية من السعادة مرغوبة بشكل متساوٍ، سواء شعر بها نفس الأشخاص أو أشخاص مختلفون”، وهو في الواقع مثير للجدل، فقد يجادل المرء على سبيل المثال أنّ إضافة السعادة إلى المحتوى الموجود بالفعل أو غير المستحق لا يعني إضافة إلى الصالح العام بنفس المستوى الذي يضيف إلى سعادة السخط أو المستحق، وهي أنّ قيمة السعادة هي جزئيًا حسب مكان حدوثه، ومع ذلك لا يعتبر ميل هذه الاعتراضات.
من خلال إظهار أنّ السعادة مرغوبة وأنّه لا يوجد شيء غير السعادة مرغوب فيه، وأنّ سعادة كل شخص مرغوبة بشكل متساوٍ يرى ميل أنّه: “تم إثبات مبدأ المنفعة”، وإنّه بالطبع ليس دليلاً بالمعنى التقليدي لكونه خصمًا منطقيًا لمبدأ المنفعة، وفي الواقع يقر ميل بأنّه بالمعنى الدقيق للكلمة أنّ: “الغايات النهائية غير قابلة للإثبات المباشر”.
واستنادًا إلى الفحص النقدي لكيفية قيامنا بالعقل يجب أن تظل المزاعم حول الكيفية التي يجب أن نفكر بها – سواء عمليًا أو نظريًا – بحيث تكون مؤقتة ومفتوحة للتصحيح المستمر من خلال المزيد من الملاحظات لممارسات التفكير لدينا، ومع ذلك يرى ميل أنّ (الدليل) يقدم كما قال: “اعتبارات قادرة على تحديد العقل”، وعلى هذا النحو فإنّ مبدأ المنفعة في أنّ العقيدة القائلة بأنّ كل الأشياء جيدة أو شريرة بحكم المتعة أو الألم الذي تنتجه فقط، يظهر أنّ له أسس منطقية.